نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التحول الرقمي في سوريا: تحديات واقعية وفرص واعدة في مرحلة التأسيس - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 13 مايو 2025 09:37 صباحاً
تشهد دول العالم العربي نهضة تكنولوجية متسارعة، إذ بات التحول الرقمي محوراً رئيسيًا في خطط التنمية والاستثمار، ووسيلة أساسية لتحسين الخدمات الحكومية وتعزيز التنافسية الاقتصادية. ضمن هذا السياق، تبرز الحاجة إلى فهم موقع سوريا من هذه التحولات، ومدى جاهزيتها للاندماج في عصر الرقمنة.
وفي هذا الإطار، أجرت "النهار" مقابلة مع السيد نور الأتاسي، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "سيبيا تكنولوجيز"، للوقوف على واقع التحول الرقمي في سوريا، التحديات التي تعوق تقدمه، والفرص الممكنة التي يمكن استثمارها لتحويل سوريا إلى مركز رقمي إقليمي.
بنية تحتية متواضعة واستثمارات محدودة
يرى الأتاسي أن "البنية التحتية الرقمية في سوريا لا تزال في مراحلها الأولى من حيث الجاهزية الكاملة لدعم مشاريع التحول الرقمي الشاملة". ويوضح أن بعض المبادرات لتحسين سرعات الإنترنت وتوسيع نطاق التغطية قد بدأت، لكنها لا ترقى بعد إلى مستوى الحاجة الوطنية. ويضيف: "البلاد لا تزال بحاجة إلى استثمارات كبيرة في شبكات الألياف الضوئية، مراكز البيانات الحديثة، وأنظمة الاتصال السحابية.".
ويشير إلى أن ما تعانيه سوريا في هذا الصدد يعود بدرجة كبيرة إلى التبعات الثقيلة التي خلفتها سنوات الحرب الطويلة، والتي أضعفت البنية التحتية بشكل عام، بما في ذلك البنية الرقمية. وعلى رغم غياب خطة وطنية متكاملة حتى الآن لتحديث هذه البنية بالشراكة مع القطاع الخاص، يرى الأتاسي أن هناك فرصاً واعدة إذا ما تم تفعيل التعاون مع شركاء دوليين. ويقول: "يمكن لسوريا أن تصبح محوراً لمرور البيانات يربط الشرق بالغرب، إذا تم إنشاء مراكز بيانات متطورة ومحطات ربط بحرية بالشراكة مع شركات اتصالات عالمية ".
نور الأتاسي المؤسس و الرئيس التنفيذي سيبيا تكنولوجيز
خدمات حكومية مؤتمتة جزئياً مع غياب خارطة طريق واضحة
حول تقدم أتمتة الخدمات الحكومية، يشير إلى وجود بعض الجهود في مجالات مثل إصدار جوازات السفر، معاملات السجل المدني، وبعض خدمات الدفع الإلكتروني. ويطرح أنه لايزال هناك غياب لخارطة طريق وطنية واضحة وعلنية تُحدد الأولويات وتضمن الربط بين قواعد البيانات الحكومية بطريقة مؤمنة وفعالة. ويوضح أن هذا الجانب لا يزال غير واضح حتى الآن، وهو أمر يمكن تفهّمه في ظل أن الحكومة الحالية لا تزال في بدايات عملها، ولم يمضِ على تشكيلها سوى أسابيع أو أشهر، ما يجعل من السابق لأوانه إصدار أحكام نهائية على أدائها في هذا المجال.
الكوادر البشرية: نقطة ضعف أساسية
في ما خص الموارد البشرية، يوضح الأتاسي أن "تحدي تطوير الكوادر البشرية هو أحد المحاور الأساسية التي تعوق تسريع التحول الرقمي في سوريا ". ويضيف أن معظم الموظفين في القطاع العام يفتقرون إلى المهارات الرقمية الأساسية، وأن البرامج التدريبية الحالية "غالباً ما تكون قصيرة الأمد وغير متخصصة ".
الحل، بحسب الأتاسي، يكمن في "إطلاق برامج تدريب وطنية مستدامة، تشمل إنشاء أكاديميات رقمية متخصصة بالتعاون مع الجامعات وشركات التكنولوجيا ". كما يشدد على أهمية التدريب العملي في مجالات مثل الأمن السيبراني، تحليل البيانات، إدارة المنصات الرقمية، والذكاء الاصطناعي.
الأمن السيبراني: ضرورة غير مستوفاة
يشير الأتاسي إلى أن الأمن السيبراني"يجب أن يكون في صلب أي استراتيجية للتحول الرقمي، خصوصاً عند التعامل مع بيانات المواطنين والمؤسسات ". إلا أن الوضع الراهن في سوريا، حسب تعبيره، لا يزال "محدوداً ومتفرقاً، ويحتاج إلى إطار تشريعي وتنظيمي متكامل ".
ويدعو إلى إنشاء مركز وطني للأمن السيبراني وتدريب كوادر متخصصة قادرة على التصدي للتهديدات الإلكترونية، إلى جانب سن قوانين لحماية الخصوصية وضمان أمان البيانات في القطاعين العام والخاص.
دور القطاع الخاص والمغتربين: طاقات غير مستثمرة
حول دور القطاع الخاص والمغتربين السوريين، يرى أنهم "يمتلكون دوراً محورياً في تسريع التحول الرقمي، سواء من حيث تقديم الحلول التقنية أو من حيث الاستثمار والخبرة " ويقترح إنشاء مجلس وطني للتحول الرقمي يضم ممثلين من الداخل والخارج، كآلية لتفعيل هذا التعاون.
ويضيف: "شركات التكنولوجيا المحلية قادرة على تطوير منصات وخدمات رقمية فعالة، والمغتربون يشكلون كنزاً من المهارات والخبرات ". كما يؤكد أهمية شراكات استراتيجية مع شركات اتصالات إقليمية ودولية لتطوير البنية التحتية، وهو ما سيمكن سوريا من التحول إلى مركز رقمي يربط الشرق بالغرب.
في ضوء ما طرحه الأتاسي، يتضح أن التحول الرقمي في سوريا ليس مجرد خيار بل ضرورة استراتيجية لتحقيق التنمية وتعزيز الاقتصاد. ورغم التحديات الكبيرة التي فرضها الواقع السياسي والاقتصادي والتقني، فإن الفرص لا تزال قائمة، خصوصاً إذا تم البناء على الجهود الحالية وتوظيف الإرادة السياسية والتخطيط السليم والاستثمار المدروس في البنية التحتية والكوادر البشرية.
0 تعليق