هدنة جمركية بين واشنطن وبكين: هل توقف الحرب التجارية أم لعبة وقت؟ - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هدنة جمركية بين واشنطن وبكين: هل توقف الحرب التجارية أم لعبة وقت؟ - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 13 مايو 2025 09:23 صباحاً

في تحول مفاجئ ومثير في مسار الحرب التجارية، أعلنت الولايات المتحدة والصين عن اتفاق مؤقت لخفض الرسوم الجمركية بينهما لمدة 90 يومًا. فهل هي هدنة حقيقية أم مجرد استراحة قبل العاصفة؟

 

خفض مفاجئ في التعريفات.. والأسواق ترحب
بحسب البيان المشترك الصادر من جنيف، وافقت الولايات المتحدة على خفض الرسوم الجمركية من 145% إلى 30% على الواردات الصينية، فيما ستخفض الصين من جانبها تعريفاتها على المنتجات الأميركية من 125% إلى 10%، بدءًا من 14 أيار/مايو.

 

رد الفعل في الأسواق كان فورياً: قفزت العقود الآجلة لمؤشر S&P 500 بنسبة 3%، وارتفعت أسعار النفط، وتقدمت عوائد سندات الخزانة، كما تعزز الدولار أمام معظم العملات، وارتفع اليوان الصيني في التعاملات الخارجية بنسبة 0.5%. تنقل المستثمرون واضح من أدوات الملاذ الآمنة إلى أدوات المخاطر. بالتالي عمليات جني أرباح الذهب كانت واضحة وقد تستمر في الفترة القادمة وصولاً إلى مستويات 3,000 دولار للأونصة مع كسر مستويات 3,200 دولار.

 

لكن خلف هذا الارتياح الظاهري، يختبئ الكثير من الأسئلة: هل ستحقق هذه الهدنة اختراقاً في المفاوضات؟ أم أنها مجرد إعادة تدوير لتجارب سابقة انتهت بخيبة أمل؟

 

من "تحرير التجارة" إلى "تحرير المعركة"
في مشهد يعيد إلى الأذهان العام 2018، حين أُعلن عن تعليق الحرب التجارية مؤقتًا قبل أن تنهار التفاهمات، تبدو هذه الهدنة الجديدة وكأنها إعادة إنتاج لسيناريو معروف، حيث تُمنح الأسواق "فسحة أمل" سرعان ما تتلاشى.

البيت الأبيض وصف الاتفاق بأنه "صفقة تجارية"، بينما وصفته بكين بأنه آلية مؤقتة للتفاوض. لكن لم يُحدد أي هدف واضح للطرفين، ولا توجد ضمانات بعد انتهاء المهلة.

"نحن لا نسعى للانفصال عن الصين"، هكذا صرح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسينت، مشيرًا إلى مفاوضات محتملة تقود إلى اتفاقات شراء مستقبلية من جانب بكين.

 

ما الذي تغيّر؟ وما الذي لم يتغير؟
رغم نبرة التفاؤل، فإن العديد من الرسوم المفروضة خلال ولاية ترامب الأولى لا تزال قائمة. الرسوم الحالية لا تشمل الضرائب القطاعية المفروضة على جميع الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، مما يعني أن هذه التهدئة ليست شاملة.

 

رأي

أحمد عزام

"بريكس" تتحد: هل يشكل تحالف الجنوب العالمي جداراً ضد حمائية ترامب؟

مع فرض تعريفات أميركية جديدة وصلت إلى 145% على الواردات الصينية، وانتشار التهديدات بفرض رسوم إضافية على الدول المتعاملة مع بكين، لم تعد المسألة خلافًا تجاريًا بسيطًا. العالم أمام محاولة أميركية صريحة لإعادة رسم خريطة التجارة بالقوة.

 

الاقتصاد الأميركي... في وضع هش

تأتي هذه الهدنة في وقت يشهد فيه الاقتصاد الأميركي أول انكماش فصلي منذ جائحة كورونا، حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3% في الربع الأول من 2025. ومع أن سوق العمل لا يزال متماسكًا — بإضافة 177 ألف وظيفة في أبريل وثبات البطالة عند 4.2% — إلا أن تراجع الاستثمارات وارتفاع الواردات بسبب التوقعات بزيادة الرسوم، زعزع ثقة المستهلكين والمستثمرين.

هذه المعطيات تُدخل الاحتياطي الفيدرالي في مأزق مزدوج: بيانات توظيف قوية تؤجل خفض الفائدة، وانكماش اقتصادي يضغط نحو التيسير.

 

هل تكون الهدنة بداية الحل؟ أم فخاً زمنياً؟
الاتفاق الحالي يمنح الجانبين 90 يومًا من "الهدوء النسبي"، لكن التجربة التاريخية تُشير إلى أن مثل هذه التهدئات كثيرًا ما تكون فخاخًا زمنية، تؤجل الانفجار ولا تمنعه.
في 2020، وقعت واشنطن وبكين ما عُرف باتفاق "المرحلة الأولى"، لكن الصين فشلت في تنفيذ التزاماتها الشرائية، بينما قفز العجز التجاري الأميركي معها لاحقًا، ما وضع اللبنة الأولى للمعركة الجديدة.

الآن، ومع عودة ترامب، وصعود النبرة القومية في السياسات الاقتصادية، تبقى كل الاحتمالات مفتوحة.

 

علما الصين وأميركا (وكالات)

 

الأسواق تأمل... لكنها لا تثق
رغم الارتفاعات القوية في الأسهم والسلع، إلا أن مراقبي السوق يدركون أن الهدنة لا تكفي لبناء مراكز استثمارية طويلة الأمد. المطلوب أكثر من خفض رسوم — المطلوب خريطة طريق واضحة.

حتى ذلك الحين، سيظل التوتر هو العنوان العريض، والأسواق ستتنقل بين موجات من الأمل والذعر، في انتظار ما إذا كان 2025 سيشهد فعلاً نهاية للحرب التجارية، أم بداية فصل أكثر دهاءً منها. لكن على الأقل قد يبدو الموجة الأولى من تحركات الأسواق تُرحب بهدنة وتهدئة؛ دفعت فيها المستثمرين إلى شراء المخاطر والابتعاد عن الملاذات الآمنة.

 

نتذكر - في عالم الاقتصاد... الهدنة لا تعني دائماً السلام، بل غالبًا ما تكون مجرد لحظة تنفس بين معركتين.

 

**أحمد عزام، رئيس الأبحاث وتحليل الأسواق في مجموعة إكويتي، أحمد عزام

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق