حلّ "العمّال" الكردستاني: تركيا تقترب من "سلام تاريخي" بعد نصف قرن من الصراع - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حلّ "العمّال" الكردستاني: تركيا تقترب من "سلام تاريخي" بعد نصف قرن من الصراع - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 13 مايو 2025 09:09 صباحاً

في خطوة وُصفت بالتاريخية، أعلن حزب العمال الكردستاني، المحظور في تركيا، حلّ نفسه وإلقاء السلاح، نتيجةً لمخرجات مؤتمره العام الذي عُقد بين 5 أيار/مايو الجاري و7 منه، مؤكداً أن القرار جاء استجابةً لنداء زعيمه المؤسِّس عبد الله أوجلان.
هذا الإعلان لا يُعدّ تطوراً عادياً في مسار الصراع التركي - الكردي، بل يشكّل منعطفاً مفصلياً قد يُعيد رسم ملامح السياسة والأمن في عموم المنطقة، خصوصاً أن القضيّة الكردية لا تنحصر في تركيا وحدها، بل تتقاطع أيضاً مع ثلاث دول محورية أخرى هي سوريا والعراق وإيران، وتترك صداها في عمق القوقاز وأروقة القرار الأوروبي.

 

السلام على مهل: تريّث لضمان نجاح المسار
وبحسب معلومات حصلت عليها "النهار" من مصادر مطّلعة على فصول التفاوض المستمر منذ أكثر من عام بين الدولة التركية وأوجلان المسجون في جزيرة إمرالي، فإن المباحثات بلغت مرحلة حسّاسة تتمحور حول مصير قيادات الحزب في المستويين الأعلى والوسيط، الذين يواجه أغلبهم مذكرات توقيف محلية ودولية.
وفي هذا السياق، صرّح القيادي جميل بايك بأن العودة إلى تركيا لا يمكن أن تتم في ظلّ احتمال السجن أو الاعتقال، فيما طالبت بروين بولدان، القيادية البارزة في حزب "ديم"، بإشراك قيادات الحزب في الحياة السياسية التركية كخطوة ضرورية نحو التسوية.
وتشير التسريبات أيضاً إلى مقترحات تشمل منح بعض القادة حق اللجوء السياسي في عواصم أوروبية تنشط فيها الحركة الكردية، ضمن تفاهمات تضمن الخروج الآمن وتفادي المواجهات القضائية.
وبالرغم من التطلعات الداخلية والدولية لإنجاح المسار، تؤكد المصادر القريبة من الحزب أن الحذر لا يزال سيّد الموقف، وأن الخطوات المقبلة تُدرس بعناية فائقة، خشية تكرار فشل التجارب السابقة.
أما العقدة الأخرى، التي لا تقلّ تعقيداً عن مصير القادة، فهي كيفية إلقاء السلاح: متى وأين وبأيّ آلية؟ إذ يتطلب ذلك ترتيبات دقيقة تشمل أطراً قانونية، وضمانات أمنية وعسكرية.
وفي هذا السياق، أعلن وزير الدفاع التركي يشار غولر، في 23 نيسان/أبريل، أن الوزارة ستحدّد المكان الذي سيجري فيه تسليم السلاح. وقد فُرضت بالفعل "منطقة أمنية خاصّة" تُمنع فيها الحركة، بين 27 نيسان (أبريل) و11 أيار، في مناطق جبلية محاذية للحدود العراقية، يُعتقد أنها ستستضيف الإجراءات المرتبطة بتسليم السلاح.
وكانت مسألة "مكافحة الإرهاب" محوراً أساسياً في محادثات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة، في 8 أيار.
أما القيادية الكردية بولدان، فقد رجّحت أن تظهر "نتائج إيجابية" مع نهاية شهر حزيران/يونيو المقبل، إذا سارت الأمور بحسب ما هو مرسوم.

 

أنصار أوجلان خلال تجمع جماهيري في ديار بكر. (ا ف ب)

 

من الحلّ العسكري إلى الدستوري
يوم الخميس الماضي، نشرت قناة "هابير تورك" التركية مقالاً استند إلى تصريحات أدلى بها أردوغان في اجتماع حزبي مغلق، قال فيه: "لقد تجاوزنا جميع العقبات. قريباً، سيلقي حزب العمال الكردستاني السلاح ويُعلن حله. ثم سنبدأ عهداً جديداً لنا جميعاً".
لكن المقال سُحب سريعاً من الموقع الإلكتروني، ما يعكس حساسية المرحلة وندرة المعلومات المسرّبة بشأن الخطوات التنفيذية المقبلة.
وأفادت مصادر "النهار" بأن الطرفين، الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني، فرضا تعتيماً صارماً على مجريات العملية، في محاولة لتفادي أي تسريبات إعلامية قد تُفسد الأجواء أو تُثير ردود فعل معاكسة.
ويبدو أن التحرك التركي نحو أوجلان، رغم ما يحمله من ثقل أمني، مدفوع جزئياً بحسابات سياسية داخلية. فأنقرة تسعى لاستمالة قاعدة اليسار الكردي ومؤيّدي حزب "ديم" في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لا سيما في ظل تراجع شعبية الحكومة أمام المعارضة الصاعدة في استطلاعات الرأي.
ورغم إصرار أوجلان على توسيع دائرة العملية لتشمل البرلمان، لا تزال الحكومة تفضّل احتكار الملف داخل دوائرها الضيقة. لكن، وفق تقديرات مصادر كردية، قد يكون هذا الإغلاق موقتاً، بانتظار إنهاء الشق العسكري - الأمني، أي عملية تفكيك البنية القتالية وتسليم السلاح، قبل الانتقال إلى المرحلة السياسية - القانونية، التي يُفترض أن تمر عبر بوابة البرلمان، بما يمنح المسار شرعية شعبية ودستورية طويلة الأمد.
ومن هنا، تتقاطع مطالب أوجلان مع طموح أردوغان، الذي يسعى إلى تمرير دستور جديد يُصفّر عدّاد الفترات الرئاسية، ما يتيح له الترشّح مجدداً بعد عام 2028، بالتوافق مع شريكه في الحكم، حزب "الحركة القومية".

 

نهاية حزب... وبداية توازنات جديدة
خروج حزب العمال الكردستاني من المشهد السياسي والعسكري التركي لن يطوي صفحة الصراع فقط، بل سيفتح الباب أمام إعادة تشكيل الخريطة السياسية في البلاد.
أبرز المستفيدين من هذه النقلة سيكون حزب "المساواة وديمقراطية الشعوب – ديم"، الذي يُعدّ القوة الثالثة في البرلمان التركي، ويتحكم بعدد كبير من البلديات.
ومع اختفاء "العمال الكردستاني"، قد يتحوّل "ديم" إلى القوة المرجّحة في ميزان التحالفات السياسية، داخلياً وخارجياً.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق