في خطوة وصفت بأنها غير مسبوقة من حيث القيمة والدلالة السياسية، تنتظر الأوساط السياسية والإعلامية التعرّف على هدية قطر لدونالد ترامب، وذلك خلال الزيارة المرتقبة لدول الخليج العربي.

وفي هذا الصدد، تستعد قطر لتقديم طائرة بوينغ 747-8 فاخرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تُقدر قيمتها بنحو 400 مليون دولار، كهدية قد تستخدمها الإدارة الأمريكية كطائرة رئاسية مؤقتة حتى نهاية ولاية ترامب الثانية.

وبحسب تقرير خاص نشرته شبكة “ABC News”، فإن الطائرة، التي وُصفت بـ”القصر الطائر” نظراً لتصميمها الداخلي الفاخر، ستُمنح في البداية إلى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) قبل أن تُنقل لاحقاً إلى “مؤسسة مكتبة ترامب الرئاسية”، في خطوة أثارت جدلاً قانونياً وسياسياً واسع النطاق في واشنطن.

ترامب يتفقد الطائرة قبل الإعلان عن هدية قطر

أفادت الشبكة بأن الرئيس ترامب كان قد جال داخل الطائرة في فبراير الماضي خلال توقفها في مطار ويست بالم بيتش الدولي، ما عزز التكهنات آنذاك حول علاقة محتملة بين الطرفين.

ومن المقرر أن يتم الإعلان الرسمي عن الهدية خلال زيارة ترامب المرتقبة إلى قطر، والتي ستكون أول جولة خارجية له منذ إعادة انتخابه لولاية ثانية.

قضية قانونية معقدة: هل تتعارض الهدية مع الدستور الأمريكي؟

أثارت هذه الهدية، التي تُعد واحدة من أغلى الهدايا التي تلقاها مسؤول أمريكي من حكومة أجنبية، تساؤلات حول مدى قانونية قبولها بموجب الدستور الأمريكي، وتحديداً “بند التعويضات” (Emoluments Clause) الذي يمنع المسؤولين الحكوميين من تلقي هدايا أو أموال من دول أجنبية دون موافقة الكونغرس.

إلا أن مصادر الشبكة نقلت أن محامين في وزارة العدل ومكتب المستشار القانوني للبيت الأبيض أعدوا تحليلاً قانونياً أكدوا فيه أن قبول الهدية لا يُشكل خرقاً للدستور.

وقد خلصت المذكرة القانونية، التي أعدتها المدعية العامة السابقة بام بوندي، إلى أن نقل ملكية الطائرة أولاً إلى سلاح الجو الأمريكي، ثم لاحقاً إلى مؤسسة غير ربحية (مؤسسة مكتبة ترامب)، يُعتبر إجراء قانونياً سليماً لا يتعارض مع القوانين الفدرالية.

الطائرة ليست هدية شخصية بل لمؤسسات أمريكية

بحسب المذكرة القانونية التي أعدها المستشار القانوني للبيت الأبيض ديفيد وورينغتون، فإن الطائرة ليست موجهة بشكل شخصي إلى دونالد ترامب، بل إلى جهة حكومية هي سلاح الجو الأمريكي، ثم تُنقل لاحقاً إلى مؤسسة مكتبة ترامب الرئاسية، ما ينفي عنها صفة “الهدية الشخصية”.

وأضافت المصادر أن هذا الترتيب جاء كحل وسط لتجنب أي شبهة قانونية تتعلق بتلقي منافع شخصية من حكومات أجنبية.

إير فورس وان جديدة قبل موعدها الرسمي؟

جدير بالذكر أن طائرات “إير فورس وان” الحالية التي يستخدمها الرئيس الأمريكي تعود إلى طراز بوينغ 747-200، وهي في الخدمة منذ عام 1990.

وكان قد تم توقيع عقد مع شركة بوينغ عام 2018 لتحديث الأسطول بطراز 747-8، إلا أن المشروع واجه تأخيرات وتجاوزات مالية كبيرة، ما دفع ترامب إلى الضغط على الشركة للإسراع في التسليم، بل وطلب من الملياردير إيلون ماسك التدخل لتسريع التنفيذ.

وبحسب الخطة الحالية، من المتوقع أن يتم تسليم الطائرات الجديدة في عام 2027، وهو ما لا يرضي ترامب الذي أعرب عن رغبته في امتلاك طائرة رئاسية جديدة خلال العام الجاري. وقد تُمثل الطائرة القطرية حلاً مؤقتاً يحقق هذه الرغبة قبل الموعد الرسمي للتحديث.

الصمت الرسمي يحيط بالموقف حتى الآن

حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تُصدر وزارة العدل الأمريكية أو البيت الأبيض أي تصريحات رسمية بشأن الهدية أو الترتيبات المتعلقة بها.

كما لم يردّ المتحدث باسم السفارة القطرية في واشنطن على استفسارات شبكة “ABC News” بشأن تفاصيل الصفقة أو الدوافع السياسية الكامنة خلفها.

اقرأ أيضًا.. قبيل زيارته للخليج.. حرب غزة تعيد تشكيل أولويات ترامب في السعودية

هدية قطر تثير الجدل في واشنطن

يرى محللون في تصريحات للشبكة أن تقديم قطر لطائرة بهذه القيمة للرئيس الأمريكي يحمل أبعاداً سياسية ودبلوماسية مهمة، في ظل مساعي الدوحة لتعزيز علاقتها مع واشنطن خلال فترة حكم ترامب.

ويُنظر إلى الهدية على أنها محاولة لتوطيد العلاقات مع الإدارة الأمريكية الحالية، خاصة بعد سنوات من التوترات في المنطقة التي لعبت فيها واشنطن دوراً محورياً.

ويخشى بعض المراقبين من أن هذه الخطوة قد تُفسر على أنها محاولة للتأثير على السياسة الأمريكية أو شراء النفوذ، وهو ما يضع إدارة ترامب تحت مزيد من التدقيق والمساءلة، خاصة من قبل خصومه السياسيين في الداخل.

بين الجدل القانوني والتساؤلات الأخلاقية والسياسية، تبقى الهدية القطرية موضوعاً حساساً قد يمتد أثره إلى أروقة الكونغرس ومحاكم التفتيش الفدرالية.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط