تسعى الحكومة المصرية إلى تحقيق قفزة تاريخية في صادرات مصر السلعية غير البترولية، لتصل إلى 145 مليار دولار بحلول عام 2030، مقابل 40.8 مليار دولار في عام 2024، وفقًا لما أظهرته بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والمستهدفات الرسمية المعلنة ضمن رؤية الدولة الاقتصادية.

أداء تصاعدي منذ 2015

شهدت الصادرات السلعية غير البترولية نموًا متدرجًا على مدار السنوات العشر الماضية، حيث سجلت 18.7 مليار دولار في 2015، ثم ارتفعت إلى 25.6 مليار في 2019، قبل أن تتباطأ قليلًا في 2020 بسبب جائحة كورونا لتصل إلى 25.4 مليار دولار.

لكن منذ 2021، عادت وتيرة النمو بقوة، لترتفع إلى 31 مليار دولار، ثم إلى 35.6 مليارًا في عامي 2022 و2023، قبل أن تسجل 40.8 مليار دولار في 2024، وهو أعلى رقم مُحقق حتى الآن. وتشير التوقعات الحكومية إلى بلوغ الصادرات 50 مليار دولار في عام 2025.

خطة لثلاثة أضعاف النمو

تستهدف الحكومة رفع قيمة الصادرات السلعية غير البترولية إلى 145 مليار دولار بحلول عام 2030، أي ما يعادل نموًا بنسبة 255% مقارنة بعام 2024، وبمتوسط زيادة سنوية يتجاوز 17 مليار دولار.

وتعتمد الخطة على توسيع القاعدة التصديرية، وتعميق التصنيع المحلي، وزيادة الاعتماد على سلاسل الإمداد الإقليمية والدولية، إلى جانب استثمارات ضخمة في مجالات الطاقة، والبتروكيماويات، والصناعات الغذائية والهندسية.

قطاعات النمو الأكثر مساهمة

سجلت عدة قطاعات أداءً قويًا خلال عام 2024، من أبرزها:
•مواد البناء: بقيمة 9.5 مليار دولار.
•المنتجات الكيماوية والأسمدة: 7.5 مليار دولار.
•الصناعات الغذائية: 5.5 مليار دولار.
•الصناعات الهندسية والإلكترونية: 5.1 مليار دولار.
•الحاصلات الزراعية: 4.1 مليار دولار.

أسواق التصدير الرئيسية

تستحوذ الأسواق العربية والأوروبية على النسبة الأكبر من الصادرات المصرية، وعلى رأسها:
•السعودية: 1.096 مليار دولار.
•تركيا: 1.076 مليار دولار.
•إيطاليا: 793 مليون دولار.
•الإمارات: 735 مليون دولار.
•الولايات المتحدة: 716 مليون دولار.

كما ارتفعت الصادرات المصرية إلى منطقة التجارة الحرة العربية بنسبة 18.5% في 2024، لتسجل 16 مليار دولار، مقابل 13.5 مليارًا في 2023. وبلغت صادرات مصر إلى الاتحاد الأوروبي نحو 14 مليار دولار بزيادة 8.2%.

قفزة في أداء صادرات مصر السلعية خلال الربع الأول من 2025

حققت الصادرات السلعية المصرية خلال الربع الأول من عام 2025 نموًا لافتًا، حيث سجلت 12.67 مليار دولار، مقارنة بـ9.97 مليار دولار في نفس الفترة من عام 2024، بنسبة زيادة بلغت نحو 27%، وفقًا لبيانات الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات.

قطاع الذهب يتصدر المشهد

جاءت صادرات الذهب والمشغولات الذهبية في مقدمة القطاعات المصدّرة، بعد أن قفزت إلى 3.2 مليار دولار خلال أول 3 أشهر من 2025، وهو أعلى مستوى يحققه هذا القطاع في تاريخ الصادرات المصرية خلال ربع واحد.

الزيادة ترجع إلى ارتفاع الطلب العالمي، وتوسع مصر في تصدير المشغولات المصنعة، بالإضافة إلى التوسع في اتفاقيات تصدير الذهب الخام مع الأسواق الآسيوية والخليجية.

طفرة في مواد البناء

شهدت صادرات مواد البناء قفزة بنسبة 120%، حيث بلغت 4.6 مليار دولار في الربع الأول فقط، مقابل 2.1 مليار في نفس الفترة من العام الماضي، مدفوعة بزيادة الصادرات إلى أسواق أفريقيا ودول الخليج، خاصة في قطاعات الأسمنت والحديد والألومنيوم والسيراميك.

الملابس الجاهزة تواصل النمو

حققت صادرات الملابس الجاهزة نموًا بنسبة 24% على أساس سنوي، لتصل إلى 812 مليون دولار، مقارنة بـ656 مليون دولار في الربع الأول من 2024. وجاءت الولايات المتحدة في صدارة الأسواق المستقبلة بحصة بلغت 299 مليون دولار.

الكيماويات والأسمدة تدعم صادرات مصر السلعية

واصل قطاع المنتجات الكيماوية والأسمدة أداءه القوي خلال الربع الأول، خاصة في صادرات الأسمدة الفوسفاتية واليوريا، والتي ارتفعت بشكل ملحوظ مع زيادة الطلب العالمي على الغذاء والمنتجات الزراعية.

نمو في صادرات مصر لدول الخليج وأوروبا

سجلت الصادرات المصرية إلى دول الخليج نموًا بنسبة 141% في الربع الأول من 2025، مع توسع ملحوظ في صادرات مواد البناء والذهب. كما ارتفعت الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 2.57% لتسجل 2.749 مليار دولار، مدفوعة بصادرات الكيماويات والسلع الغذائية المصنعة.

هل مستهدف 145 مليار دولار لصادرات مصر السلعية ممكن التحقيق؟

يمثل هدف رفع صادرات مصر السلعية غير البترولية إلى 145 مليار دولار بحلول عام 2030 تحولًا استراتيجيًا في فلسفة النمو الاقتصادي، يستند إلى التوسع في الإنتاج الموجه للأسواق الخارجية بدلاً من الاعتماد على الطلب المحلي فقط. ويبدو هذا المستهدف طموحًا لكنه غير مستحيل، خاصة في ظل ما تحقق خلال السنوات الخمس الماضية، التي شهدت مضاعفة الصادرات من 25 مليار دولار في 2019 إلى أكثر من 40 مليارًا في 2024.

لكن ما يجعل هذا الهدف أكثر واقعية هو أن الهيكل الحالي للصادرات بدأ يشهد تنوعًا حقيقيًا، سواء من حيث القطاعات (مع صعود الذهب، ومواد البناء، والملابس، والكيماويات)، أو من حيث الأسواق، حيث توسعت مصر في التصدير لدول الخليج وأفريقيا وأوروبا مع تحسُّن قدرتها على النفاذ التجاري.

اقرأ أيضا.. بيكو التركية تستهدف صادرات بقيمة ربع مليار دولار سنويًا من مصر

مع ذلك، فإن الوصول إلى هذا الرقم يتطلب توسيعًا أفقيًا في قاعدة المصدرين، وزيادة عدد الشركات العاملة في التصدير، إلى جانب دعم سلاسل الإنتاج في قطاعات مثل البتروكيماويات، والصناعات الهندسية، والصناعات الزراعية والغذائية، وهي القطاعات القادرة على توليد أرقام كبيرة بفعل القيمة المضافة.

كذلك يبقى الرهان الأكبر على استقرار البيئة التشريعية، وتحسين البنية التحتية اللوجستية، وخفض تكلفة التصدير، وهي عوامل تُحدد قدرة الدولة على جذب استثمارات إنتاجية موجهة للتصدير.

وإن تحقق ذلك، فإن مستهدف 145 مليار دولار لن يكون مجرد رقم اقتصادي، بل عنوانًا على تحول هيكلي في الاقتصاد المصري من اقتصاد قائم على الاستهلاك إلى اقتصاد إنتاجي تنافسي.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط