في نقد لاذع لتخفيضات إيلون ماسك في ميزانية المساعدات الخارجية الأمريكية، حذّر مؤسس مايكروسوفت، بيل جيتس، من أن هذا القرار قد يؤدي إلى وفاة أكثر من مليون طفل.

وفقا لتقرير صنداي تايمز، أعرب جيتس، المنخرط منذ فترة طويلة في مجال الصحة العامة العالمية من خلال جهوده الخيرية، عن قلقه العميق إزاء تداعيات هذه التخفيضات، لا سيما على الأطفال في العالم النامي.

بيل جيتس وتخفيضات ماسك: التكلفة البشرية

صرح جيتس، الذي شهد بنفسه التأثير المدمر للفقر والمرض في العالم النامي، قائلاً: “إن صورة أغنى رجل في العالم وهو يتخذ خطوات ستؤدي بمرور الوقت إلى وفاة أكثر من مليون طفل؟ إنها صورة صادمة للغاية”.

في حين أن ماسك كان صريحًا بشأن الحد مما يعتبره هدرًا في الإنفاق الحكومي، يُجادل جيتس بأن هذه التخفيضات تأتي بنتائج عكسية، لا سيما في سياق الأزمات الصحية العالمية.

يموت سنويًا ما يقرب من خمسة ملايين طفل دون سن الخامسة في العالم النامي، ويعود ذلك أساسًا إلى أمراض يمكن الوقاية منها. كان جيتس يأمل في خفض هذا الرقم إلى أربعة ملايين بحلول عام 2029، ولكن مع مسار التخفيضات الحالي، يخشى الآن أن يرتفع عدد وفيات الأطفال إلى ستة ملايين. وأعرب عن أسفه قائلاً: “سنتراجع”، مُشددًا على العواقب الوخيمة لفقدان الدعم المالي لبرامج إنقاذ الأرواح.

رد جيتس: تسريع العمل الخيري

ردًا على التهديد المتزايد الذي تُشكله تخفيضات التمويل، أعلن جيتس عن تسريع صرف المنح من مؤسسة بيل وميليندا جيتس.

في البداية، كانت المؤسسة تخطط لمواصلة عملياتها لعدة سنوات بعد وفاة جيتس، لكنه الآن ينوي أن يُختتم عمل المؤسسة بوفاته. هذا التحول يعني أن المؤسسة ستهدف إلى التبرع بضعف المبلغ الذي تبرعت به في السنوات العشرين المقبلة مقارنةً بسنواتها الخمس والعشرين الأولى.

استلهم بيل جيتس كلمات المحسن أندرو كارنيجي، صاحب مقولة شهيرة: “من مات غنيًا هكذا مات مهانًا”. ويصر جيتس على ألا يكون إرثه تراكمًا للثروة، بل أثرًا إيجابيًا ملموسًا. وقال: “لقد قضيت وقتًا طويلًا أفكر في هذه المقولة مؤخرًا”، متأملًا في إلحاح التحديات التي تواجه العالم.

أقرا أيضا.. بعد اشتباك الهند وباكستان المثير للقلق.. هل من مَخْرج؟

تخفيضات ماسك للمساعدات الخارجية الأمريكية

في إطار إدارة كفاءة الحكومة (Doge) التابعة لإدارة ترامب، لعب ماسك دورًا هامًا في خفض ميزانية المساعدات الخارجية الأمريكية. يعتقد ماسك أن هذه التخفيضات تقضي على “الهدر” في الإنفاق الحكومي، لكن جيتس يجادل بأن التأثير كان كارثيًا.

فقد تقلصت برامج المساعدات الخارجية، وخاصة تلك التي تركز على المبادرات الصحية مثل الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية والقضاء على شلل الأطفال، بشكل حاد، مما قوض سنوات من التقدم.

أشار جيتس تحديدًا إلى جهود القضاء على شلل الأطفال، الذي يوشك على الانقراض عالميًا. وأكد أن مشاركة الولايات المتحدة ضرورية للدفعة النهائية نحو القضاء عليه. ويخشى غيتس، في حال عدم استمرار الدعم الأمريكي، من فشل جهود القضاء على شلل الأطفال.

أهمية التزام الولايات المتحدة بالصحة العالمية

بالإضافة إلى انتقاده لخفض المساعدات، أعرب غيتس عن إحباطه إزاء الارتباك الذي أدى إلى سوء تخصيص أموال حيوية.

من الأمثلة البارزة على ذلك سوء تفسير الأموال المستخدمة للوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية في غزة، موزمبيق، على أنها دعم لحماس. وقد أدى هذا سوء الفهم إلى تخفيضات مؤقتة في التمويل، مما زاد من تفاقم الأزمة.

قال جيتس، في إشارة إلى العواقب غير المقصودة للتضليل الإعلامي في برامج الصحة العالمية: “لا مبرر لقتل الناس بتشويه المساعدات”.

دعوة للعمل

بينما يواصل ماسك الدعوة إلى خفض المساعدات الخارجية الأمريكية، يظل غيتس ثابتًا في التزامه بإنقاذ الأرواح من خلال العمل الخيري. حثّ جيتس الحكومات والجمهور على إدراك الأهمية الحاسمة لبرامج الصحة العالمية والعواقب الوخيمة لخفض تمويل هذه المبادرات.

يُسلّط النقاش بين جيتس وماسك الضوء على الانقسام المتزايد حول أولويات الإنفاق الحكومي. فبينما يرى ماسك أن الكفاءة المالية ذات أهمية قصوى، يُجادل جيتس بأن الواجب الأخلاقي لإنقاذ الأرواح يجب أن يفوق المخاوف بشأن التكلفة.

مع بقاء مستقبل المساعدات الخارجية الأمريكية غامضًا، يُصبح عمل مؤسسة جيتس والمنظمات الأخرى أكثر أهمية في الكفاح لمنع ملايين الوفيات غير الضرورية.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط