دخل الفاتيكان مرحلةً تاريخيةً من التحول، حيث تصاعد الدخان الأبيض من كنيسة سيستين، مُعلنًا انتخاب بابا جديد.

وفقا للتقارير الإخبارية دقت أجراس كاتدرائية القديس بطرس، وانطلق حشدٌ مُبتهجٌ في ساحة القديس بطرس احتفالًا. ولكن على الرغم من التأكيد البصري على انتخاب البابا، لا يزال هناك انتظارٌ قصيرٌ قبل الإعلان عن هوية البابا الجديد.

لعبة الانتظار: متى سنعرف البابا الجديد؟

كما جرت العادة، سيأتي الإعلان بعد ظهور الدخان الأبيض بفترة وجيزة. سيخرج الكاردينال دومينيك مامبرتي، رئيس الشمامسة، إلى شرفة كاتدرائية القديس بطرس ليعلن باللاتينية: “أنونتيو فوبيس غاوديوم ماغنوم: هابيموس بابام”، أي “أبشركم بفرح عظيم: لدينا بابا”.

بينما تأتي هذه اللحظة عادةً بعد حوالي ساعة من انبعاث الدخان الأبيض، سيكشف الكاردينال أيضًا عن هوية البابا الجديد والاسم البابوي الذي اختاره البابا.

تقليد الاسم البابوي

يعود تقليد التسمية إلى القرن السادس، وكان البابا مرقوريوس أول من اتخذ اسمًا بابويًا. ومن المتوقع أن يتبنى البابا الجديد، مثل أسلافه، اسمًا، يُختار غالبًا لتكريم قديس أو بابا سابق. على سبيل المثال، اختار البابا فرنسيس اسمه تكريمًا للقديس فرنسيس الأسيزي، المعروف بتواضعه والتزامه تجاه الفقراء.

إن عملية اختيار البابا الجديد ليست قرارًا شخصيًا فحسب، بل تحمل أيضًا ثقلًا رمزيًا كبيرًا، إذ تعكس التوجه والقيم التي ينوي القائد الجديد تجسيدها.

لحظة مفصلية للكنيسة الكاثوليكية

يُمثل انتخاب بابا جديد لحظة مفصلية للكنيسة الكاثوليكية، لا سيما في ظل بابوية البابا فرنسيس الطويلة والمُحدثة نقلة نوعية.

سيُكلَّف البابا الجديد بمعالجة التحديات العالمية المُستمرة، بدءًا من الإصلاح الداخلي للكنيسة ووصولًا إلى القضايا المجتمعية الأوسع نطاقًا كالفقر والهجرة والتسامح الديني. إضافةً إلى ذلك، سيواجه البابا الجديد التوترات الجيوسياسية المُستمرة داخل الفاتيكان، لا سيما في ظل صراع الكنيسة مع الحداثة ودورها في العالم.

المجمع الكرادلة وتكاليفه

وراء الكواليس، يُحمِّل المجمع الكرادلة نفسه تكاليف باهظة على الفاتيكان، الذي يُواجه بالفعل عجزًا مزمنًا في الميزانية.

من المُتوقع أن تصل نفقات المجمع الكرادلة – بما في ذلك السكن والإطعام وتأمين أكثر من 200 كاردينال ومساعديهم – إلى ملايين اليورو. يأتي هذا العبء المالي في وقتٍ لا يزال فيه الفاتيكان يواجه تحدياتٍ ماليةً جسيمة، بما في ذلك عجزٌ مُعلنٌ قدره 30 مليون يورو في عام 2022. ومع ذلك، فإن انتخاب بابا جديد، وإن كان مُكلفًا، يُعيد إلى الكنيسة الأملَ والتوجيه.

أقرا أيضا.. بعد اشتباك الهند وباكستان المثير للقلق.. هل من مَخْرج؟

أولى خطوات البابا الجديد: نظرةٌ إلى المستقبل

بمجرد الكشف عن البابا الجديد، سيبدأ باتخاذ قراراتٍ مهمةٍ بشأن دوره. ويشمل ذلك اختيار مكان إقامته وكيفية تفاعله مع الكنيسة والعالم. على سبيل المثال، اختار البابا فرنسيس الإقامة في دار القديسة مارتا بدلًا من الشقة البابوية الأكثر عزلةً في القصر الرسولي.

أشار هذا القرار إلى رغبته في التقرّب من العمليات اليومية للفاتيكان وموظفيه. وبالمثل، من المُرجّح أن يتخذ البابا الجديد خياراتٍ تعكس رؤيته لمستقبل الكنيسة، مُوازنًا بين التقاليد والحاجة إلى الإصلاح.

لحظة فرح وتأمل

مع ظهور البابا الجديد على شرفة كاتدرائية القديس بطرس لتحية الحشود، ستكون لحظة فرح وتأمل للمجتمع الكاثوليكي العالمي. يُمثل هذا الانتخاب بداية عهد جديد للكنيسة، حيث سيقود القائد المُختار المؤمنين في عالمٍ سريع التغير. الدخان الأبيض ليس مجرد إشارة إلى البابا الجديد، بل هو أيضًا رمز للأمل والتجديد والاستمرارية لملايين الكاثوليك حول العالم.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط