نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الإنفاق على التسلّح يتزايد... سباق نحو الردع أو تصعيد التوترات؟ - تكنو بلس, اليوم الخميس 8 مايو 2025 04:02 مساءً
في ظل تصاعد التوترات والحروب في مناطق مختلفة من العالم، يشهد الإنفاق العسكري في العالم قفزة غير مسبوقة، مما أثار قلقاً دولياً بشأن الأمن والسلام العالمي، حيث ارتفعت ميزانيات الدفاع بشكل ملحوظ في العديد من الدول.
وارتفع الإنفاق العسكري العالمي 9.4% عام 2024 مسجلاً 2.7 تريليون دولار وهي أكبر زيادة منذ نهاية الحرب الباردة، مع تميّز أوروبا والشرق الأوسط بأعلى نسب ارتفاع، وفق تقرير أصدره معهد "سيبري" السويدي.
كما أدّت التوترات الجيوسياسية المتصاعدة والحروب المستعرة خصوصاً في الشرق الأوسط وأوروبا إلى هذا الإنفاق غير المسبوق، إذ رفعت أكثر من مئة دولة ميزانياتها الدفاعية، وفقاً للباحثين.
وتصدّرت أوروبا، بما فيها روسيا، القفزة بنمو 17%، بينما ضاعفت موسكو إنفاقها إلى 149 مليارا وخصّصت أوكرانيا 34% من ناتجها المحلي للدفاع.
الولايات المتحدة أنفقت 997 مليارا، والصين 314 مليارا، في حين قفزت ميزانية إسرائيل 65% وتراجعت إيران 10% تحت وطأة العقوبات، بحسب التقارير.
زيادة الإنفاق العسكري عالمياً (وكالات)
وعن الأسباب التي تدفع الدول الى زيادة إنفاقها العسكري مؤخرا، يوضح الخبير العسكري والاستراتيجي حسن جوني في حديث لـ"النهار" أن "زيادة الانفاق العسكري مرتبط تاريخياً بشعور الدول بأنها معرّضة لتهديدات معيّنة أو عندما يزداد التهديد نتيجة تطورات محدّدة، عندها تسعى الدول الى تطوير قدراتها العسكرية وزيادة إنفاقها العسكري".
وعما إذا كانت زيادة التسلح وسيلة فعالة لتحقيق الردع أم أنها تؤدي إلى تصعيد التوترات يلفت جوني الى أن "هناك قاعدة بالعلم العسكري تقول "عرض القوة قد يُغني عن استعمالها"، بالتالي امتلاك القوة من خلال زيادة الإنفاق العسكري وعرضها من خلال العرض العسكري أو المناورات أو أي نشاط آخر قد يغني عن استعمالها"، لافتا الى أن "هذه قاعدة لا يمكن إلغاؤها وقد تحقق ردع معيّن نسبياً".
إلاّ أنه "عندما يحصل إنفاق عسكري والحرب قائمة، بمعنى تغذية أو إعادة تغذية القوات في سياق الحرب، زيادة الإنفاق والقدرات العسكرية هنا تزيد التوتر وحدّة القتال والاشتباك"، بحسب جوني، الذي يشير في المقابل الى أنه "عندما يحصل الانفاق العسكري قبل اندلاع الحروب هذا قد يؤدي الى توازن ردع معيّن".
أما عن المخاطر التي قد تترتب على استمرار سباق التسلح خصوصا في المناطق المضطربة؟، فيكشف جوني أن "سباق التسلح كقاعدة أساسية هو مؤشر على زيادة التوترات وحدّة الحروب - كنتيجة مبدئية لسباق التسلح - خاصة في مناطق مضطربة وتعيش أزمات كبرى أو حالات من الحروب كمنطقة الشرق الأوسط تحديداً". ويلفت الى أنه "في منطقة الشرق الأوسط كل زيادة تسلح تساعد في رفع حدّة الحرب ومستوى القتال وإشعال الجبهات".

رؤوس نووية (وكالات)
ووفقاً لتقرير "سيبري" فإن الفاتورة العسكرية ستفرض "تأثيرا اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا عميقا"، بعدما خفّضت عدة دول أوروبية بنوداً مثل المساعدات الدولية لتمويل الجيش. جوني يؤكّد هذا الامر، إذ أنه كلما ارتفع الانفاق العسكري في موازنات الدول سيكون ذلك على حساب القدرة الاقتصادية للدولة وسيكون له تأثير سلبي على الحالة الاجتماعية والازدهار وقطاعات الانتاج، لأن الموازنة ستحمل عبء تغطية النفقات العسكرية".
ويشرح أنه "عندما يتخطى الانفاق العسكري وموازنات الدفاع القدرة الممكنة للدولة وتكون ناتجة عن عدم تخطيط متوازن يكون لها أثر سلبي على القطاعات الأخرى في الدولة، لذلك يجب أن لا يحصل هذا الإنفاق إلاّ في حالات الضرورة التي تستوجبها وأن يكون هناك تهديد وجودي للدولة".
ويستدرك قائلا: "لكن في بعض الأحيان يكون الانفاق العسكري ضرورة لحماية المجتمع. أما أن يكون نوعا من الرفاهية العسكرية فمن الطبيعي أن يكون أثره سلبيا، إلاّ إذا كانت الدول غنية كدول الخليج، والتي من الملاحظ من التقارير أنها تشكل سوقا كبيرا لشراء الأسلحة".
وتدخل "عملية الانفاق العسكري وشراء الأسلحة في معظم الأحيان في إطار العلاقات والمصالح الدولية، فقد يتم شراء أسلحة من دول معينة وعقد صفقات كبيرة كنوع من تكريس تحالفات سياسية معينة يتم من خلالها الحصول على ضمانات في الحماية"، وفقاً لجوني.
ودفعت الحرب في أوكرانيا العديد من الدول الأوروبية إلى مضاعفة ميزانيات الدفاع. على سبيل المثال، وضعت ألمانيا الحرب الروسية الأوكرانية نصب أعينها، بعدما احتلت المركز الرابع في الإنفاق الدفاعي العالمي، وهو معدّل غير مسبوق منذ نهاية الحرب الباردة، ما يضعها خلف كل من الولايات المتحدة الأميركية، والصين وروسيا.
وأنفقت ألمانيا 88.5 مليار دولار أميركي على جيشها في عام 2024، بنسبة أكثر من 28% من العام السابق، ما دفعها لتجاوز جميع دول وسط وغرب أوروبا الأخرى في الإنفاق لأول مرة منذ إعادة التوحيد، بحسب موقع "إن تي في" الألماني.
فما علاقة حرب أوكرانيا في زيادة الانفاق العسكري؟ يقول جوني: "الحرب الروسية في أوكرانيا أدت الى زيادة الانفاق العسكري في أوروبا، حيث ارتفع التصنيع والانفاق نتيجة الحرب والتهديد الذي تشعر به أوروبا بسبب هذه الحرب".

الانفاق الدفاعي في 2024 هو الاعلى منذ نهاية الحرب الباردة (وكالات)
أما في منطقة الشرق الأوسط، فيلفت جوني الى أن "هناك توترات وأزمات متجذّرة وأهمها قضية الصراع العربي - الإسرائيلي وملحقاته، وهناك محاور في المنطقة. ومن المعروف أن الصراع هو بين إيران وحلفائها وبين إسرائيل، بالتالي هذا الأمر أدى الى زيادة شراء الأسلحة من قبل الجميع، ولكن هي مقيّدة الى حدِ ما نتيجة الحصار الاقتصادي ورغم ذلك هناك ارتفاع بنسبة الانفاق العسكري الايراني".
ويخلص جوني الى القول: "فإذا التوتر والحروب القائمة لاسيما في منطقة الشرق الأوسط تؤدي حتما الى زيادة الإنفاق العسكري على حساب كل إنفاق آخر".
في المحصلّة يؤكّد الخبراء أن هذا التصاعد بالإنفاق العسكري يعكس شعور الدول بالتهديدات الوجودية ما يدفعها نحو تعزيز قدراتها الدفاعية، رغم الأعباء الاقتصادية والإجتماعية التي يفرضها.
وبين من يرى في زيادة التسلح وسيلة ردع ومن يعتبره سبباً في إشعال الصراعات يبقى السؤال الأبرز الى أين سيقودنا هذا السباق؟
0 تعليق