تشهد الموازنة العامة الفلسطينية أزمة مالية خانقة وغير مسبوقة، ألقت بظلالها الثقيلة على مختلف القطاعات الحيوية، وفي مقدمتها القطاع الصحي، حيث كشفت تقارير فلسطينية رسمية عن تجاوز ديون وزارة الصحة عتبة المليار شيكل، ما تسبب في نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية داخل المستشفيات والصيدليات.

ووفقًا لنقيب صيادلة فلسطين، الدكتور أيمن الخماش، فإن هذا النقص يعود إلى تراكم مديونية الحكومة لصالح شركات الأدوية والمستوردين، والتي تجاوزت حاجز المليار شيكل، مما أدى إلى زعزعة الاستقرار المالي لدى هذه الشركات، وتعطيل عمليات التوريد، وانخفاض كميات الأدوية المتوفرة في السوق المحلي.

من جهته، أكد وكيل وزارة الصحة الفلسطينية، الدكتور وائل الشيخ، أن مديونية الوزارة قاربت 3 مليارات شيكل (نحو 800 مليون دولار)، مشيرًا إلى أن الوضع الصحي بات شديد الخطورة بسبب النقص المستمر في المواد الأساسية الطبية.

وفي محاولة لإيجاد حلول، اقترح اتحاد الصناعات الدوائية مجموعة من الإجراءات للخروج من الأزمة، من بينها لجوء الحكومة إلى قرض بنكي لسداد المستحقات المتراكمة، على أن تتحمل شركات الأدوية فوائد القرض لمدة عام، بالإضافة إلى البحث عن ممولين خارجيين مثل الداعمين العرب أو جهات دولية مانحة .

وفي ظل تفاقم الأزمة، يطالب مواطنون وجهات معنية الحكومة الفلسطينية باتخاذ إجراءات عاجلة لضمان توفير الأدوية والمستلزمات الطبية، والحيلولة دون انهيار المنظومة الصحية في البلاد.

وينتقد بعض المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي سلم اولويات الحكومة التي رصدت مبالغ مالية ضخمة لاصلاح البنى التحتية التي تدمرت نتيجة الاشتباكات بين المسلحين والجيش الاسرائيلي في الوقت التي تعاني فيه قطاعات حيوية واساسية نقصا فادحا في الميزانيات.

ويحذر خبراء اقتصاديون من الارتفاع الكبير في أسعار المواد الأساسية في الضفة الغربية منذ بداية العام، بالتوازي مع العجز الكبير في الموازنة العامة، وتصاعد معدلات البطالة، ما يعمّق الأزمة الاقتصادية والمعيشية للفلسطينيين.

وفي السياق نفسه، صرّحت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا في وقت سابق ، أن "التوقعات الاقتصادية لفلسطين تزداد سوءًا" في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية ، مشددة على أهمية التوصل إلى حل سياسي وسلام دائم لتغيير هذا الواقع.

من جانبه، اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني حسن سوالمة أن الارتفاع غير المسبوق في معدلات البطالة بعد الحرب، إلى جانب الارتفاع الحاد في الأسعار وصعوبة تنقل السلع بين المحافظات، قد ينذر بـ"انفجار شعبي"، ما يستوجب تحركًا عاجلًا من المجتمع الدولي لوقف دائرة الحرب في غزة، ووقف سياسات العقاب الجماعي التي تنتهجها إسرائيل في الضفة، وفق تعبيره.