في إنجاز دبلوماسي يرسّخ مكانتها كوسيط إقليمي موثوق، نجحت سلطنة عمان في التوسط بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثي، والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الطرفين، منهية بذلك أشهرًا من التوترات والاشتباكات البحرية التي هددت أمن الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

وساطة سلطنة عمان تنهي التصعيد الأمريكي الحوثي

وأعلن بيان لوزارة الخارجية العمانية أن “المناقشات والاتصالات التي أجرتها سلطنة عمان مؤخراً مع الولايات المتحدة والسلطات المعنية في صنعاء، أسفرت عن التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار بين الجانبين”.

وأضاف ناطق باسم الخارجية العمانية عبر منصة إكس أن الطرفين اتفقا على عدم استهداف بعضهما، بما في ذلك الهجمات على السفن الأمريكية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

ويأتي هذا الإنجاز الدبلوماسي في وقت بالغ الحساسية، بعد تصاعد الهجمات الحوثية على الملاحة الدولية، والغارات الجوية الأمريكية المتكررة ضد أهداف تابعة للجماعة في اليمن، في إطار ما سُمّي بـ”الرد على تهديدات حرية التجارة الدولية”.

 الحوثيون تعهدوا بعدم مهاجمة السفن الأمريكية

وفي أول تعليق أمريكي على الاتفاق، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الثلاثاء، إن واشنطن “ستوقف قصف الحوثيين في اليمن بعد تعهدهم بعدم استهداف السفن الأمريكية أو تعطيل الممرات البحرية”، مشيرًا إلى أن “الحوثيين قالوا: نرجوكم لا تقصفونا بعد الآن، ونحن لن نهاجم سفنكم”.

وأكد ترامب خلال لقائه مع رئيس الوزراء الكندي مارك كارني أن واشنطن ستتعامل بثقة مع هذا التعهّد، في انتظار إثباته ميدانيًا، رغم تصاعد التوتر الإقليمي بعد اندلاع الحرب في غزة.

تصعيد إسرائيلي يدفع نحو الحل

الاتفاق العماني جاء بعد تصعيد غير مسبوق، إذ قصفت إسرائيل مطار صنعاء وميناء الحديدة ردًا على صاروخ حوثي سقط قرب مطار بن غوريون في تل أبيب، في تصعيد أربك المشهد الأمني الإقليمي وهدد بجرّ المنطقة إلى مزيد من الفوضى.

وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية إن “الضربات استهدفت المرافق الحيوية التي يعتمد عليها الحوثيون في التمويل والتسليح، وعلى رأسها ميناء الحديدة ومطار صنعاء الدولي”، مؤكدة أن هذه المواقع تُستخدم في نقل الأسلحة والمقاتلين.

الحوثيون يتوعدون وإسرائيل تواصل ضرباتها

في المقابل، توعدت جماعة الحوثي بالرد على ما وصفته بـ”العدوان الإسرائيلي والأميركي”، وقال المكتب السياسي للجماعة إن “هذا العدوان لن يمر دون رد، ولن يثني اليمن عن دعم غزة”.

في حين أعلنت وزارة الصحة التابعة للحوثيين أن الغارات الإسرائيلية أودت بحياة أربعة أشخاص وأصابت 39 آخرين، فضلاً عن تدمير البنية التحتية في صنعاء والحديدة.

ورغم نفي وزارة الدفاع الأمريكية المشاركة في الغارات الإسرائيلية، فقد أعلنت تل أبيب أن ضرباتها “لن تتوقف دفعة واحدة”، في إشارة إلى إمكانية استمرار الهجمات على المنشآت الحيوية في اليمن.

عُمان.. دبلوماسية الصمت الفعّال

بحسب تقارير فقد نجحت سلطنة عمان في فرض نفسها لاعبًا محوريًا في أزمات المنطقة عبر أسلوب دبلوماسي هادئ وفعّال، لا يتسم بالضجيج الإعلامي، بل يعتمد على بناء الثقة مع جميع الأطراف.

ولعبت سلطنة عمان دورًا رئيسيًا في العديد من الملفات، من أبرزها الوساطة في ملف الأسرى بين الحكومة اليمنية والحوثيين،  استضافة المحادثات السرية بين طهران وواشنطن التي أفضت إلى توقيع الاتفاق النووي عام 2015، والتقريب بين أطراف خليجية في فترات التوتر داخل مجلس التعاون.

واليوم، تبرهن مسقط مجددًا على قدرتها في إدارة الوساطات الحساسة، ليس فقط على مستوى الخليج، بل على مستوى الملفات الإقليمية المرتبطة مباشرة بالأمن الدولي.

إنجاز دبلوماسي يرسخ مكانة سلطنة عمان

بينما تتجه المنطقة نحو مزيد من الغموض السياسي والتصعيد العسكري، تبرز سلطنة عمان كصوت عاقل ودبلوماسي، قادرة على تهدئة النزاعات حتى بين أطراف متحاربة بحجم واشنطن والحوثيين.

وبالوساطة الأخيرة، تؤكد مسقط أنها ليست مجرد وسيط، بل صانع حلول في زمن الأزمات.

اقرأ أيضا

خطوة للخلف أم تراجع تكتيكي.. سر إعلان ترامب وقف العمليات العسكرية ضد الحوثيين

نسخ الرابط تم نسخ الرابط