شهدت الأسهم الأمريكية تقلبات حادة خلال الأيام الـ100 الأولى من الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب، إذ سجل مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" أسوأ أداء له منذ عام 1974، بانخفاض بلغ نحو 8%، على الرغم من فترة تعافٍ قصيرة مطلع مايو، وفق موقع "إف إكس ستريت".

قرارات ترامب تهز الأسواق

منذ اليوم الأول لتوليه المنصب، سعى ترامب إلى تنفيذ وعوده بإعادة تشكيل قواعد التجارة العالمية، عبر فرض رسوم جمركية شاملة على الواردات من معظم الدول. وأدى الإعلان الأولي عن هذه الرسوم في 2 أبريل إلى هبوط حاد في الأسواق، حيث دخل مؤشرا "ستاندرد آند بورز 500" و"ناسداك" منطقة الهبوط الفني.
لكن سرعان ما شهدت الأسواق انتعاشًا بعد إعلان الإدارة تعليق الرسوم الجمركية مؤقتًا لمدة 90 يومًا، ما فتح الباب أمام مفاوضات تجارية محتملة، وأدى إلى سلسلة مكاسب امتدت لتسعة أيام حتى 2 مايو.
اقرأ أيضاً: بورصة وول ستريت.. مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع

ماذا ينتظر الأسواق في الـ100 يوم القادمة؟

رغم الهدوء المؤقت، لا تزال حالة الترقب تسيطر على المستثمرين، خاصة في ظل غياب مؤشرات رسمية على تقدم المفاوضات التجارية مع شركاء مثل الهند واليابان، وتصاعد التوترات مع الصين، التي ردت بفرض رسوم تراكمية على السلع الأمريكية بنسبة وصلت إلى 125%.
وقد رفع ترامب من جانبه الرسوم على واردات الصين إلى 145%، ما أدى إلى توقف شبه كامل في التبادل التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، رغم تلميحات وسائل إعلام صينية إلى إمكانية بدء محادثات جديدة.

تحذيرات من تداعيات اقتصادية واسعة

أطلقت العديد من الشركات تحذيرات بشأن التداعيات السلبية لعودة الرسوم الجمركية، مشيرة إلى احتمالات ارتفاع الأسعار، والتسريحات الوظيفية، وتباطؤ الاقتصاد. كما توقع محللون حدوث ركود اقتصادي وشيك إذا لم تنجح المفاوضات التجارية في كبح جماح السياسات الحمائية.
اقرأ أيضاً: بما فيها الصين.. ترامب: اتفاقات الرسوم الجمركية ستُبرم مع كل الدول

هل بدأ الركود بالفعل؟

في الربع الأول من 2025، انكمش الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بنسبة 0.3%، رغم أن بعض الاقتصاديين عزوا هذا التراجع إلى زيادة في الواردات سبقت تنفيذ الرسوم. في المقابل، جاءت بيانات سوق العمل لشهر أبريل إيجابية، إذ استقر معدل البطالة عند 4.2%، ما خفف بعض المخاوف.
مع ذلك، فإن تكرار انكماش الناتج المحلي الإجمالي سيعني دخول الاقتصاد في "ركود فني"، مع ظهور مؤشرات ضعف في إنفاق المستهلكين.

خطر الركود التضخمي يلوح في الأفق

يحذر خبراء الاقتصاد من سيناريو أسوأ يتمثل في ركود تضخمي، حيث يتراجع النمو بينما يظل التضخم مرتفعًا، ما يقيّد قدرة الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة دون إشعال موجة تضخمية جديدة.

مستقبل محفوف بالتقلبات

رغم المكاسب الأخيرة للأسهم، إلا أن الأوضاع الاقتصادية لا تزال غير مستقرة، ولا توجد ضمانات بانتهاء التوترات التجارية قريبًا. في هذا السياق، يُنصح المستثمرون بالحفاظ على استراتيجيات استثمار طويلة الأجل، إذ تظهر البيانات التاريخية أن الاستثمارات الممتدة تمنح فرصًا أكبر لتحقيق عوائد إيجابية