في اليوم العالمي لحرية الصحافة، لم يكن النضال العالمي من أجل حرية الصحافة أكثر أهمية من أي وقت مضى. سجَّلت لجنة حماية الصحفيين (CPJ) أعلى عدد من وفيات العاملين في مجال الإعلام في عام 2024، وهو إنجازٌ قاتم يُبرز المخاطر المتصاعدة التي يواجهها الصحفيون في جميع أنحاء العالم.

ووفقا لمقال آني كيلي، في الجارديان، فمع مقتل ما لا يقل عن 124 صحفيًا وعاملًا إعلاميًا العام الماضي، ازداد وضع حرية الصحافة خطورةً، لا سيما في مناطق الحرب وفي ظل الأنظمة الاستبدادية.

ارتفاع حصيلة القتلى من الصحفيين

كان ما يقرب من ثلثي الصحفيين الذين قُتلوا في عام 2024 فلسطينيون، استهدفتهم القوات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية. ومع ذلك، لم يقتصر سفك الدماء على الشرق الأوسط. فقد فَقَدَ صحفيون في السودان وباكستان والمكسيك وسوريا وميانمار والعراق وهايتي حياتهم أيضًا أثناء تغطيتهم للأحداث.

سُجن مئاتٌ آخرون، أو تعرضوا للمضايقة أو الاعتداء أو التهديد عبر الإنترنت. لقد تزايدت هذه الهجمات على حرية الصحافة بشكل ملحوظ، حيث شددت الحكومات في جميع أنحاء العالم – من روسيا إلى تركيا إلى بيلاروسيا – قبضتها على وسائل الإعلام المستقلة، مما أسهم في تنامي المعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت.

في الولايات المتحدة، مهّد خطاب الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي وصف الصحفيين بـ”أعداء الشعب”، الطريق لمعارك قانونية مستمرة، حيث يسعى ترامب الآن إلى رفع دعاوى قضائية وتحقيقات فيدرالية ضد مؤسسات إخبارية بارزة.

في هذا المناخ، تحولت سترة الصحافة الزرقاء، التي كانت في السابق رمزًا لحماية الصحفيين، إلى هدف، حيث يخشى العديد من المراسلين في مناطق النزاع على حياتهم بدلاً من الشعور بأنها توفر لهم الحماية.

الصحفيون المختبئون.. عالم تحت الحصار

كان لتصاعد الهجمات على حرية الصحافة تأثير مباشر على الصحفيين العاملين في بعض أخطر بيئات العالم. في أفغانستان، تفككت الصحافة الحرة تقريبًا تحت حكم طالبان.

تعيش الصحفيات، على وجه الخصوص، في خوف دائم من الانكشاف، حيث يخفين هوياتهن ويُجرين المقابلات سرًا. بالنسبة لهم، يحمل كل يوم رعب الاعتقال والتعذيب، أو ما هو أسوأ.

في مناطق الصراع الأخرى، لا تقلّ التهديدات خطورة. محاولة اغتيال صحفية إيرانية في لندن، واحتجاز مراسلات في إيران غطّين وفاة محسا أميني، والوفاة المأساوية لصحفية أوكرانية في سجن روسي، ليست سوى أمثلة قليلة على القصص التي تُسلّط الضوء على الواقع المحفوف بالمخاطر الذي يواجهه الصحفيون حول العالم. هؤلاء الصحفيون الشجعان لا يُخاطرون بحريتهم فحسب، بل بحياتهم أيضًا لكشف الحقيقة.

نداء دعم.. الحاجة إلى تضامن عالمي

إنّ النضال من أجل حرية الصحافة مسؤولية جماعية، وهو، من نواحٍ عديدة، نضال من أجل الديمقراطية نفسها. يُعبّر الصحفيون الذين يعملون تحت قمع الدولة باستمرار عن نفس الرغبة: أن يُسمع صوتهم.

إنهم يريدون نشر قصصهم وتضخيمها، ويطالبون المؤسسات الإعلامية مثل صحيفة الغارديان بمواصلة تسليط الضوء على التهديدات التي تواجه حرية الصحافة. ​​وبذلك، لا تُقدّم المنافذ الإعلامية تغطيةً نقديةً فحسب، بل تُظهر أيضًا تضامنها مع الصحفيين الذين يُخاطرون بكل شيء لنقل الحقيقة.

مع احتفالنا باليوم العالمي لحرية الصحافة، علينا أن ندرك أن قدرتنا على العمل الصحفي بحرية أمرٌ يحتاج إلى حماية.

تعتمد وسائل الإعلام المستقلة، مثل صحيفة الجارديان، على الدعم المباشر من قرائها للحفاظ على استقلاليتها الصحفية ومواصلة نشر أعمالها الحيوية. إن دعم هذه الجهود، ودعم المؤسسات الإخبارية المحلية المستقلة الأخرى في المناطق التي تتعرض فيها حرية الصحافة للهجوم، أمرٌ بالغ الأهمية.

اقرأ أيضًا: تراجع سعر بيتكوين.. أسعار 5 عملات مشفرة اليوم السبت 3-5-2025

اليوم العالمي لحرية الصحافة: حق إنساني تحت الحصار

يُظهر وابل الاعتداءات على الصحفيين – سواءً بالعنف الجسدي أو السجن أو التهديدات القانونية – أن حرية الصحافة ليست أمرًا مسلمًا به، بل يجب الدفاع عنها بشراسة.

في وقتٍ يتعرض فيه مستقبل حرية الصحافة لتهديد مستمر، لم يكن من الضروري أبدًا أن يتمكن الصحفيون من العمل بحرية وأمان، وأن تُحترم الحماية المنصوص عليها في القانون الدولي لحقوق الإنسان. فبدون القدرة على قول الحقيقة للسلطة، تكون الديمقراطية نفسها في خطر.

إذ نتضامن مع أولئك الذين يُغطون الأحداث من الخطوط الأمامية، يجب أن نتذكر أن أصواتهم مهمة – ليس فقط لمن هم في مواقع السلطة، بل لنا جميعًا. شجاعتهم في مواجهة الخطر الهائل دليلٌ على قوة الصحافة كقوةٍ للتغيير الإيجابي، وعلينا ضمان استمرار عملهم في الظهور.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط