نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تحوّل لغوي استراتيجي: الإنكليزية تزيح الفرنسية من كليات الطب في الجزائر - تكنو بلس, اليوم السبت 3 مايو 2025 07:57 صباحاً
"إنه قرار صائب"، هكذا وصف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قرار تدريس الطب باللغة الإنكليزية في الجامعات الجزائرية، مشيداً، خلال لقائه عدداً من طلاب جامعة بشار (جنوب غرب البلاد)، بما سماها التحولات الجارية في منظومة التعليم العالي في بلاده.
وقد قررت الجزائر الشروع في تدريس تخصص الطب بالإنكليزية في جامعاتها اعتباراً من العام المقبل، في خطوة تأتي ضمن سياق تراجع ملحوظ لمكانة اللغة الفرنسية في البلاد خلال الأعوام الأخيرة.
ولقي هذا القرار دعماً من أطباء وجراحين جزائريين، اعتبروه خطوة مهمة نحو مواكبة التطورات العلمية والطبية الحديثة.
وترى الطبيبة صفاء، من مستشفى مسعد بمحافظة الجلفة جنوب الجزائر، في حديث الى "النهار"، أن قرار تدريس الطب بالإنكليزية "سليم"، بالنظر إلى أن "معظم الإصدارات العلمية، والمؤتمرات، والأبحاث الطبية تعتمد على هذه اللغة"، مؤكدة سعي الجزائر إلى إثبات ذاتها في مجال الطب، كما في سائر المجالات.
وتلفت إلى أن أبرز التحديات التي قد تواجه تنفيذ القرار تتمثل في إتقان الأساتذة الجامعيين للغة الإنكليزية، مشددة على ضرورة الإسراع في توفير المراجع العلمية بهذه اللغة.
كذلك، تشير إلى احتمال وجود صعوبة مستقبلية لدى الأطباء في التواصل مع المرضى من المواطنين المحدودي التعليم.
وتضيف قائلة: "من الضروري اعتماد الإنكليزية لغة ثانية بعد العربية في جميع المراحل التعليمية، حتى يتمكن التلاميذ والطلبة من استخدامها بسلاسة عند الوصول إلى المستوى الجامعي، خصوصاً في التخصصات العلمية".
اعتبر تبون أن القرار
من جانبه، يؤكد الطبيب المختص في جراحة العظام هشام إجنادن لـ"النهار"، أن التحول من الفرنسية إلى الإنكليزية لن يُحدث تغييراً جذرياً في منظومة تدريس الطب، موضحاً أن "غالب المصطلحات الطبية وأسماء الأدوية مشتركة بين اللغتين الفرنسية والإنكليزية، بالإضافة إلى العربية، كما هي الحال في دول عربية كلبنان ومصر".
ويضيف إجنادن أن "كل من يدرس الطب لديه اطلاع على المصطلحات الطبية بالإنكليزية ويتعامل بها كذلك"، معتبراً أن "التواصل بين الطبيب والمريض لن يكون إشكالاً، خصوصاً أن الجيل الجديد من الجزائريين يتقن لغات عدة، منها العربية والفرنسية والإنكليزية، بل يبرع فيها".
ويشير إلى أن "اللغة الإنكليزية أصبحت منذ عشرين أو ثلاثين عاماً لغة العلم الحديثة في الإعلام والبحث ووسائل التواصل، متجاوزة الفرنسية ولغات أخرى".
من جهته، يرى عبد الحفيظ ميلاط، المنسق الوطني لمجلس أساتذة التعليم العالي في الجزائر، في حديث الى "النهار"، أن القرار فرضته التطورات والواقع الدولي، مشيراً إلى أن "الإنكليزية أثبتت مكانتها عالمياً كلغة للاقتصاد والتجارة والبحث العلمي والتعليم".
ويؤكد أن "90 بالمئة من المراجع المتخصصة والمهمة منشورة بالإنكليزية"، مضيفاً أن القرار جاء كذلك استجابة لتغيرات داخلية، أبرزها ظهور جيل جديد من الجزائريين بات أكثر إتقاناً للإنكليزية مقارنة بالفرنسية.
وفي ما خص تراجع اللغة الفرنسية في الجامعات الجزائرية وفي البلاد عموماً، يعتبر ميلاط أن ذلك طبيعي، خاصة في ظل التراجع الذي تسجله حتى داخل فرنسا، حيث أصبح كثير من الطلاب الفرنسيين يتجهون للدراسة بالإنكليزية في مراحل معينة.
ورداً على من وصف القرار بأنه متسرع، يشدد ميلاط على أن "دراسات وتحضيرات مطولة سبقت اتخاذ القرار، فقد عملت وزارة التعليم العالي منذ سنوات على إخضاع أساتذة الطب لدورات تدريبية"، مؤكداً أن الجيل الجديد من الأساتذة لا يواجه أي مشكلة في هذا الانتقال، وأن نسبة عالية منهم تجيد الإنكليزية.
أما بالنسبة الى الطلبة، فيؤكد ميلاط أن ميولهم نحو الإنكليزية واضحة، وأنهم "سيجدون سهولة أكبر في الدراسة بها مقارنة بالفرنسية".
ويوضح أن التحول سيتم بشكل تدريجي، بدءاً من السنة الأولى ثم الثانية، وصولاً إلى السنوات المتقدمة، وهو ما سيساهم في تسهيل عملية الانتقال وضمان نجاحها، في ظل توافّر الإمكانات اللازمة.
ويختم بالإشارة إلى أن الهدف من هذا التحول هو مواءمة بعض التخصصات الجامعية مع مراجعها البحثية، معرباً عن تفاؤله بأن يساهم هذا التغيير في تحسين تصنيف الجامعات الجزائرية، ضمن مسار تطوير منظومة التعليم العالي في البلاد.
0 تعليق