في ملاعب كرة القدم، لا تُحسم الولاءات دومًا بقميص أو شعار، بل أحيانًا بما تفرضه الحياة من ضرورات، وأبسطها؛ لقمة العيش، منير نصراوي، والد لامين يامال، جوهرة برشلونة، وجد نفسه في قلب عاصفة إعلامية، لا لشيء إلا لأنه شوهد يومًا ما بقميص ريال مدريد، يشجعه من المدرجات، بكامل الحماس والانتماء.

لكن هذه الحماسة، كما كشف لاحقًا، لم تكن أكثر من مشهد عابر في حياة رجل كافح ليؤمّن مستقبل ابنه، فاختار أن يكون حيث تكون الفرصة، لا حيث تميل العاطفة.

في نهائي كأس ملك إسبانيا بين برشلونة وريال مدريد، لم تكن الأضواء على لامين يامال وحده، بل امتدت إلى والده، بعد أن أعادت مواقع التواصل الاجتماعي تداول صور قديمة له وهو يرتدي قميص الميرنجي قبل إحدى مباريات الكلاسيكو عام 2022 أمام ملعب سانتياجو برنابيو.

الصور أشعلت النقاشات، بين متندّرين ومشكّكين، كيف لرجل يُشجّع ريال مدريد أن يحتفل الآن بأهداف ابنه في مرمى النادي ذاته؟

ماضي والد لامين يامال المدريدي يُطارده.. لكنه يختار “العيش” مع برشلونة

لم يتأخر الرد؛ وباللغة الكتالونية، وجّه نصراوي رسالة مختصرة لكنها تحمل ما يكفي من الوضوح: “حتى لو كنت مشجعا لريال مدريد، لا يهمني ذلك إطلاقا، الفريق الذي يؤمّن لي لقمة العيش هو برشلونة”.

جملة تلخّص الكثير؛ في عالم لا يرحم، حيث الفرص نادرة والتحديات مضاعفة، يصبح الانتماء رفاهية، اختار نصراوي الوقوف مع من قدّم لابنه الحلم، وفتح له بوابة المجد، دون أن يخجل من تغيير الميول في سبيل المستقبل.

في تصريحات لصحيفة “موندو ديبورتيفو”، دافع نصراوي عن نفسه أيضًا من الانتقادات المرتبطة بالهوية الثقافية، مؤكدًا: “كيف لا أتحدث اللغة الكتالونية وأنا أدرس في المدارس الكتالونية منذ مرحلة الحضانة؟”.

ردّه لم يكن فقط دفاعًا عن نفسه، بل تأكيدًا على أنه جزء من النسيج المجتمعي الكتالوني، اختار أن يندمج في بيئة ابنه، ويكون له سندًا فيها، ليس فقط في الملعب، بل وفي كل تفاصيل الحياة.

ورغم كل الجدل، لم ينس منير نصراوي لحظة الفخر الأكبر؛ تتويج برشلونة بكأس الملك بعد الفوز على ريال مدريد 3-2، في ليلة صنع فيها ابنه الفارق بتمريرتين حاسمتين، لزميليه بيدري وفيران توريس.

وبفخر عارم، كشف الأب عن جملة قالها منذ 17 عامًا، يوم وُلد لامين يامال: “عندما ولد لامين، وفي اللحظة الأولى التي حملته فيها قلت له: ستكون أفضل لاعب في العالم”، واليوم، يبدو أن النبوءة تسير بثبات نحو التحقق.

قبل ساعات من نهائي كأس الملك، ظهر منير نصراوي في شوارع إشبيلية، يتفاعل مع جماهير برشلونة، يحتفل، يهتف، ويُشعل مواقع التواصل بحماسه اللافت.

وفي فيديو سابق للنهائي، قال بثقة: “سنفوز (برشلونة). لا يهم إن كان بهدف أو 2 أو 3، سنسحقهم. يحيا برشلونة”، وبعد المباراة، شارك لامين بنفسه مقطعًا يظهر فيه والده من أرض ملعب لا كارتوخا يقول مبتسمًا: “نحن الأفضل”.

قصة منير نصراوي ليست قصة “مشجع متحوّل”، بل حكاية أب يعرف جيدًا كيف يحوّل الظروف لصالح ابنه، وبين ماضي ريال مدريد، وحاضر برشلونة، كان الاختيار بسيطًا؛ أن يقف حيث يُطعَم خبزه.

إحصائيات مواهب الدوري الإسباني