أسوأ من سايكس - ييكو وبلفور ونكبة الـ48 - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أسوأ من سايكس - ييكو وبلفور ونكبة الـ48 - تكنو بلس, اليوم الجمعة 2 مايو 2025 01:04 صباحاً

لم تترك اسرائيل وأميركا لسوريا ولبنان امتداداً حتى إيران مروراً بالعراق، خيارات كثيرة تتعلق بمستقبل هذه الدول لجهة دورها وقوتها وعلاقاتها وتموضعاتها الجيوسياسية وحتى سياسساتها الداخلية.

تبدو هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم منقادة نحو مصير لا تقرره بنفسها بحرية واستقلالية. التاريخ يعيد نفسه كأنها أمام سايكس - بيكو جديداً ووعد بلفوري جديد، وما زال ينقص مؤتمر سان ريمو جديد يعلن رسمياً الحدود الجديدة لهذه الدول بعد تفتيتها إالى كيانات أصغر بشكل مباشر أو عبر فيديراليات وكونفيدراليات عرقية وطائفية: كردية وسنية وعلوية ودرزية وشيعية ومسيحية.
وضع المنطقة اليوم أسوأ بكثير مما كانته بعد الحرب العالمية الأولى، وخروج الدولة العثمانية مهزومة من العالم العربي الموعود آنذاك من بريطانيا بالإستقلال والحكم الهاشمي، وهو وعد ما لبث أن تبخر فور وضع الحرب أوزارها وانتصار الحلفاء وتسليمهم المنطقة إلى الإنتدابين البريطاني والفرنسي اللذين كانت نتيجتهما تقاسم دول المنطقة وتغيير حدودها، وإن لم ينجحا بشكل كامل في مخطط التفتيت إلى دويلات طائفية وعرقية، خصوصاً في سوريا.
كأن زلزالاً رهيباً ضرب المنطقة منذ 7 تشرين الاول/ أكتوبر 2023. زلزال ستستمر هزاته الارتدادية طويلاً. 
خلال 77 عاما من الصراع الفلسطيني (العربي) /الإسرائيلي، لم يربح العرب الحروب التي خاضتها جيوشهم ضد الجيش الإسرائيلي المدعوم غربياً، وخصوصاً أميركياً، لكن خساراتهم لم تصل بدول المواجهة إلى ما وصلت إليه اليوم. 
الواقع اليوم معقد جداً في لبنان وسوريا والأردن والعراق ومناطق السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، بعدما كانت مصر خرجت نهائياً من الصراع بعد اتفاقات كامب ديفيد. لا يفيد إطلاقاً إخفاء الحقيقة المرة، فوضع المنطقة كارثي في مواجهة التفوق الإسرائيلي العسكري الساحق والانهيارات الداخلية في دول المشرق.
ليس ما يحصل اليوم وليد ساعته ولا نتيجة لمغامرة غير محسوبة قامت بها حركة "حماس" في 7 تشرين الأول 2023، هو نتيجة تراكمية لسياسات إسرائيلية واميركية اعتمدت استراتيجية الخطوة خطوة التي صاغها وزير الخارجية الاميركي هنري كيسينجر في سبعينات القرن الماضي واعتمدتها الإدارات الاميركية المتتابعة، ديموقراطية كانت او جمهورية.
حوادث الأردن عام 70 ثم حرب لبنان الأهلية ثم الحرب الإيرانية - العراقية ثم اجتياح لبنان عامي 1978 و1982 ثم احتلال العراق الكويت وتحرير البلد المحتل، ثم حصار العراق حتى غزوه واحتلاله عام 2003 بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر في أميركا، وتسليمه لإيران ثم الحرب السورية عام 2011، لم تكن مجرد أحداث عفوية، حتى لو أن بداياتها ربما تكون عفوية، لكن استمرارها بالأشكال التي تمت بها ليس عفوياً. من السذاجة اعتبار أن كل ما حل بالمنطقة لم يكن مخططاً له. هل نتذكر مثلاً توريط السفيرة الاميركية ابريل غلاسبي صدام حسين في احتلال الكويت أو على الاقل ايحاءها له بأن واشنطن قد تسكت عن الأمر؟ وهل نتذكر رفض باراك أوباما إسقاط بشار الأسد في بداية الحرب السورية وقبل الإنهيار الشامل للدولة السورية؟
منذ ما سميت المسألة الشرقية وبداية تدخل القناصل الغربيين في سياسة المناطق العربية الخاضعة لسلطة السلطنة العثمانية، الآخذة في التراجع حتى سميت بالرجل المريض في القرن التاسع عشر، لم تعرف المنطقة استقراراً حقيقياً مديداً، فإذا لم تكن حرباً مع اسرائيل منذ عام 1948 ففتن داخلية وانقلابات وانظمة قمعية واقتصاد متدهور رغم الثروات الطبيعية وتوترات حدودية بين الدول "الشقيقة"، وأثمان مرتفعة على حساب التنمية من اجل الانفاق على التسلح والجيوش والمخابرات، عدا الفساد والإهدار والنهب.
الوضع اليوم كارثي بالمعنى الواسع للكلمة. انه الإنهيار الشامل سياسياً وعسكرياً واجتماعياً وعلى مستوى الوحدة الوطنية في كل بلدان المشرق العربي. منطقة ممزقة شبه جائعة بأنظمة هشة ليس معروفاً غدها، تعبث بها العصبيات الطائفية والمذهبية والعرقية وتهددها إسرائيل فلا حول لها ولا قوة على رد العدوان المتمادي المخترق للحدود وللنسيج الإجتماعي وللعقل والوجدان وللأمل.

يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي المتعجرف بنيامين نتنياهو أنه يغير وجه الشرق الأوسط، فهل هو وحده من يفعل ذلك بقوة إسرائيل الذاتية؟ وماذا تفعل الأساطيل والجسور الجوية الاميركية وقنابلها الخارقة الحارقة وصواريخها وطائراتها؟
لقد استهلك نظرية المؤامرة لكثرة استخدامها حيث تصلح وحيث لا تصلح، لكن أليس ما يحدث مؤامرة؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق