ثبّت صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو اقتصاد دولة الإمارات عند 4% خلال العام 2025، رغم تخفيضه لتوقعات النمو في عدد من اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وأوضح جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد، أن النمو الإماراتي المرتقب يأتي مدفوعًا بقوة أداء القطاعات غير النفطية، وتحديدًا قطاعات العقارات والخدمات المالية، إلى جانب الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية.

وخلال الإحاطة الإعلامية التي نظمها مركز دبي المالي العالمي، اليوم الخميس، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي تحت عنوان “التوقعات الاقتصادية الإقليمية”، أشار أزعور إلى أن التوقعات تشير إلى تسارع النمو الاقتصادي للإمارات إلى 5% في العام 2026.

تفاصيل النمو في أبوظبي ودبي

وتوقع التقرير أن تسجل إمارة أبوظبي نمواً بنسبة 4.2% في العام 2025، يليه ارتفاع إلى 5.8% في 2026، مستفيدة من التعافي المستمر في الأسواق المالية والطاقة.

أما دبي، فتوقعت المؤسسة المالية الدولية أن تحقق نمواً بنسبة 3.3% خلال العام الجاري، ليرتفع إلى 3.5% في العام المقبل، مدعومة بالتوسع في القطاعات السياحية والخدمية.

المنطقة تشهد تباطؤاً نسبياً في النمو

على صعيد أوسع، أوضح أزعور أن متوسط النمو في اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بلغ 1.8% خلال عام 2024، وسط تحديات اقتصادية وضغوط تضخمية.

ويتوقع أن يرتفع هذا المعدل إلى 2.6% في 2025 ثم 3.4% في 2026، وهي نسب تقل عن التقديرات السابقة الصادرة في أكتوبر 2024، والتي رجحت نمواً بنسبة 4% و4.2% على التوالي.

وعزا صندوق النقد هذا التراجع إلى التغيرات الجيوسياسية والتباطؤ في الاقتصاد العالمي، ما أثّر على تدفقات الاستثمار والتجارة في عدد من دول المنطقة.

تمويلات ضخمة لدعم اقتصادات الشرق الأوسط

أكد أزعور التزام صندوق النقد تجاه المنطقة، مشيراً إلى أن الصندوق وافق منذ عام 2020 على تمويلات بقيمة 47 مليار دولار لصالح دول في الشرق الأوسط وباكستان.

كما أطلق الصندوق أكثر من 270 مشروعاً لبناء القدرات خلال السنة المالية الماضية، مما يعكس توجهه لتعزيز الاستقرار والنمو في الدول المتأثرة بالأزمات الاقتصادية أو النزاعات.

سوريا تدخل مرحلة إعادة بناء اقتصادية

في سياق متصل، تطرّق أزعور إلى الوضع في سوريا، مؤكداً أن البلاد تمر بمرحلة جديدة بعد أكثر من 15 عامًا من الحرب، حيث تسببت النزاعات في تقليص حجم الاقتصاد السوري إلى نحو ثلث حجمه السابق.

واعتبر أن هذه المرحلة تتطلب جهودًا منهجية لإعادة بناء المؤسسات والبنية التحتية والاقتصاد المحلي.

وأشار إلى أن الأولويات في سوريا تشمل إعادة الاستقرار، وتفعيل الخدمات العامة، وتحريك الدورة الاقتصادية عبر دعم مؤسسات حيوية مثل البنك المركزي، وبناء عملة وطنية، وتطوير القدرات البشرية والمؤسسية.

جهود لمعالجة الديون والمتأخرات

أوضح أزعور أن سوريا تواجه تحديات مالية كبيرة، من بينها متأخرات لصالح مؤسسات دولية مثل البنك الدولي، حيث تم الالتزام من قبل السعودية وقطر بتقديم 15 مليون دولار لتسويتها.

ومع ذلك، توجد متأخرات إضافية تجاه مؤسسات إقليمية مثل صندوق النقد العربي والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب ديون سيادية.

وشدد على أن معالجة هذه المتأخرات ستكون ضمن إطار متكامل سيقوده صندوق النقد، بهدف التفاوض مع الدائنين وإعادة جدولة الديون بطريقة تضمن استدامة التمويل.

اقرأ أيضًا.. قبل زيارته للمنطقة.. مؤسسة ترامب تطلق مشروعات عملاقة بدول الخليج

عقبات أمام إعادة الإعمار

أكد أزعور أن العقوبات المفروضة على سوريا تمثل أحد أبرز المعيقات أمام عملية إعادة الإعمار، داعيًا إلى تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لدمج سوريا مجددًا ضمن النظامين العربي والدولي.

وبيّن أن إطلاق مرحلة تأسيسية لإعادة الإعمار يتطلب تمويلاً متنوعًا، يشمل المنح والمساعدات إلى جانب دعم الاقتصاد السوري الذاتي.

وختم أزعور بالإشارة إلى أن المرحلة الحالية ليست سوى بداية لمسار طويل ومعقّد، يتطلب بناء إطار اقتصادي متماسك وتفعيل المؤسسات الوطنية، بدعم من المجتمعين الدولي والإقليمي.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط