في خطوة مثيرة للجدل، تخطط أمريكا لتوسيع عمليات ترحيل المهاجرين غير النظاميين إلى دول أخرى، لتشمل دولًا مثل ليبيا ورواندا، ضمن ما يعرف باتفاقيات “الدولة الثالثة الآمنة”.

تأتي هذه الخطط في سياق سعي إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتشديد سياسة الهجرة وتقليل تدفق المهاجرين إلى الأراضي الأمريكية.

أمريكا تفتح باب المفاوضات مع ليبيا

وبحسب شبكة “سي إن إن”، فإن الإدارة الأمريكية دخلت في محادثات مع ليبيا لمناقشة إمكانية استقبال مهاجرين غير شرعيين، معظمهم من ذوي السجلات الجنائية، ممن يقيمون حاليًا على الأراضي الأمريكية أو تم توقيفهم عند الحدود.

وتشير مصادر مطلعة إلى أن النقاش يشمل أيضًا ترحيل طالبي لجوء تم توقيفهم أثناء محاولتهم عبور الحدود الأمريكية، على أن يتم نقلهم إلى ليبيا بدلاً من احتجازهم أو قبول طلباتهم.

التقرير أكد أن مسؤولين أمريكيين كبار التقوا مؤخرًا بمسؤولين ليبيين في واشنطن، لمناقشة تفاصيل هذه الخطة، دون الإعلان عن نتائج واضحة.

كما ذكرت “سي إن إن” أن ممثل صدام حفتر، نجل القائد العسكري خليفة حفتر، كان في واشنطن لهذا الغرض، رغم عدم صدور تعليق رسمي من جانبه.

مخاوف حقوقية من نقل أمريكا مهاجرين إلى ليبيا

الخطة الأمريكية أثارت استياء منظمات حقوقية، نظرًا لسجل ليبيا الطويل في انتهاكات حقوق الإنسان، خاصة ضد المهاجرين واللاجئين.

فبحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة في عام 2024، تم توثيق العديد من الانتهاكات في مراكز احتجاز المهاجرين الليبية، تتضمن التعذيب، العمل القسري، الاغتصاب، والضرب الممنهج.

ورغم أن الحكومة الليبية لم تصدر حتى الآن موقفًا رسميًا من هذه المحادثات، إلا أن مراقبين يشككون في قدرة البلاد على تحمل مسؤوليات كهذه في ظل هشاشة الوضع الأمني والسياسي.

خطة أمريكا تشمل رواندا أيضا بجانب ليبيا

بحسب التقرير ، إلى جانب ليبيا، تجري الإدارة الأمريكية محادثات موازية مع رواندا. وتشير التقارير إلى أن واشنطن بدأت منذ بداية عهد ترامب إرسال مذكرات دبلوماسية إلى عدد من الدول الأفريقية، بما فيها رواندا، لجس نبضها بشأن قبول مهاجرين غير شرعيين يتم ترحيلهم من أمريكا.

وقد تم بالفعل ترحيل لاجئ عراقي إلى رواندا في مارس الماضي، في عملية وصفتها مصادر أمريكية بأنها “نموذج أولي لخطة قابلة للتوسيع”. وتعزز هذه الخطوة الاتجاه نحو اعتماد دول في أفريقيا كمحطات لترحيل المهاجرين من الولايات المتحدة.

تصريحات أمريكية تثير الجدل

وفي اجتماع رسمي، صرّح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو قائلًا: “نبحث بجدية عن دول أخرى يمكنها استقبال أشخاص من دول ثالثة. نريد إرسال بعض من أسوأ الأشخاص إلى أماكن بعيدة… كلما كانت بعيدة عن أمريكا، كان ذلك أفضل”. وأكد أن بلاده لن تعتذر عن اتباع هذا النهج الصارم في قضايا الهجرة.

ورغم أن هذه التصريحات تعكس حزم الإدارة الأمريكية، إلا أنها تفتح أيضا الباب لانتقادات قانونية وأخلاقية. فقد أصدر قاضٍ فدرالي مؤخرًا قرارا مؤقتًا يمنع الحكومة من ترحيل المهاجرين إلى دول غير موطنهم الأصلي دون إشعار مسبق وفرصة للاعتراض، وهو ما قد يعرقل تنفيذ هذه الخطط.

هل تقبل طرابلس؟

في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال الأساسي: هل ستقبل الحكومة الليبية، أو الجهات المسيطرة فعليًا على الأرض، بتنفيذ مثل هذه الاتفاقيات؟

وهل يمكن لليبيا، التي تعاني من صراعات داخلية وانقسام سياسي، أن تتحمل تبعات استضافة مهاجرين غير مرغوب فيهم من الولايات المتحدة؟

الإجابة ليست واضحة حتى الآن، لكن المؤكد أن أي اتفاق من هذا النوع سيضع ليبيا تحت مجهر دولي جديد، وقد يثير توترًا داخليًا إضافيًا في بلد لم يتعافَ بعد من أزماته المزمنة.

اقرأ أيضا

بعد تدخلها للدفاع عنهم في سوريا..من هم الدروز وما علاقتهم بـ إسرائيل ؟

نسخ الرابط تم نسخ الرابط