بـ4,5 مليارات دولار... المغرب يُطلق أضخم حزمة زيادات اجتماعية منذ عقد - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بـ4,5 مليارات دولار... المغرب يُطلق أضخم حزمة زيادات اجتماعية منذ عقد - تكنو بلس, اليوم الخميس 1 مايو 2025 11:29 صباحاً

عشية احتفالات عيد الشغل، أعلنت الحكومة المغربية عن إطلاق أكبر حزمة إصلاحات اجتماعية واقتصادية منذ بدء جولات الحوار الاجتماعي، تضمنت رفع الحد الأدنى للأجور في القطاع العام بنسبة 50% مدى خمس سنوات، وخفض شروط الاستفادة من معاش التقاعد، إلى جانب مراجعة ضريبية تمس دخل الفئات العاملة.

ووفقاً لبيان صادر عن رئاسة الحكومة حصلت "النهار" على نسخة منه، تقرّر رفع الحد الأدنى الشهري الصافي للأجور في القطاع العام من 3000 إلى 4500 درهم (ما يعادل 300 إلى 450 دولاراً)، ضمن ما سُمّي "إصلاحاً هيكلياً مندمجاً" يُتوقع أن تصل تكلفته الإجمالية إلى نحو 45,7 مليار درهم (4,57 مليارات دولار) بحلول عام 2026.

زيادات تراكمية ومتوسط أجور مرتفع
تشمل الحزمة أيضاً رفع متوسط الأجر الشهري الصافي في القطاع العام من 8237 درهماً (823 دولاراً) إلى 10,100 درهم (1010 دولارات) بحلول 2026، نتيجة تحسينات مست القطاعات الحيوية كالتعليم، الصحة، والتعليم العالي، إلى جانب إصلاحات في نظام الترقية والتعويضات.

وتُعد هذه الزيادة، التي طالبت بها النقابات لسنوات، مؤشراً على تحوّل تدريجي في مقاربة الحكومة لقضية العدالة الأجرية داخل الوظيفة العمومية، بحسب مراقبين.

أما في القطاع الخاص، فقد اتفق على زيادة الحد الأدنى للأجور (SMIG) في القطاعات غير الفلاحية بنسبة 15% ليصل إلى 3046.77 درهماً (305 دولارات تقريباً)، بزيادة شهرية قدرها 408.72 دراهم (41 دولاراً).
وفي القطاع الفلاحي (SMAG)، بلغت الزيادة 20%، ليرتفع الحد الأدنى إلى 2255.27 درهماً (نحو 225 دولاراً)، بزيادة تبلغ 395.48 درهماً (40 دولاراً تقريباً). ومن المنتظر تطبيق زيادة إضافية بنسبة 5% في يناير وأبريل 2026.

خطوة مهمة... ولكن!
وعلّق محمد العسري، عضو الكونفيديرالية الديموقراطية للشغل، على هذه الحزمة بقوله إن "الإجراءات التي أعلنتها الحكومة تُعد مكسباً مرحلياً مهماً يُحسب للحوار الاجتماعي، وتُظهر استجابة نسبية لمطالب طال انتظارها، لاسيما منها ما يتعلّق بتحسين الحد الأدنى للأجور وتوسيع الاستفادة من التقاعد".

لكنه حذّر في الوقت ذاته من "غياب السياسات المصاحبة"، مشدداً على أن "أي زيادة في الدخل، ما لم ترفق بسياسات فعّالة لضبط الأسعار ومحاربة الاحتكار، مهددة بأن تتحول إلى مكسب وهمي يتلاشى في دوامة الغلاء".

وأوضح أن "النقابات لا تطالب برفع الأجور فحسب، بل أيضاً بضمان العدالة الاجتماعية من خلال ضبط الأسواق، وتفعيل دور مجلس المنافسة، وتعزيز أدوات الرقابة الميدانية، في ظل اقتصاد يبدو متحرراً من أي رقابة حقيقية، ترتفع فيه الأسعار من دون مبررات منطقية، مما يُنهك القدرة الشرائية للطبقات الوسطى ومحدودي الدخل".

وختم قائلاً: "أطلقت الحكومة ورشاً اجتماعياً واعداً، لكن التحدي الحقيقي يكمن في تحقيق أثر ملموس على حياة المواطنين، وضمان ألا تبقى هذه الزيادات مجرد أرقام على الورق. نحتاج إلى توازن فعلي بين الدخل والأسعار، وإلا سنظل ندور في حلقة مفرغة من الغلاء والزيادات".

إصلاح جريء
ضمن تدابير الحماية الاجتماعية، أعلنت الحكومة خفض عدد أيام الاشتراك المطلوب للاستفادة من معاش التقاعد من 3240 إلى 1320 يوماً فقط، على أن يُطبّق القرار بأثر رجعي اعتباراً من أول يناير 2023.

أما بالنسبة الى المؤمّنين الذين لا يستوفون الحد الأدنى من أيام الاشتراك، فسيُتاح لهم استرجاع مساهمات المشغِّل، إضافة إلى مساهماتهم الشخصية، في خطوة وُصفت بأنها "تاريخية" تُنهي تهميش فئات واسعة كانت مستثناة سابقاً.

كما أعلنت الحكومة عن مراجعة للضريبة على الدخل بدءاً من يناير 2025، تُفضي إلى زيادة دخل الأجراء في القطاعين العام والخاص بأكثر من 400 درهم (40 دولاراً) شهرياً، مع تقدير تكلفة هذا الإجراء بنحو 6 مليارات درهم (600 مليون دولار).

من أين التمويل؟
من جهته، قال الدكتور ياسين حموشي، الخبير في الاقتصاد الاجتماعي وأستاذ المالية العامة، إن الحكومة "اختارت توقيتاً ذكياً للإعلان عن هذه الحزمة من الإصلاحات، تزامناً مع عيد الشغل، في خطوة تحمل رمزية سياسية واضحة".

لكنه شدد في تصريحه لـ"النهار" على أن "التحدي الأساسي لا يكمن في جودة هذه الإجراءات أو حجم الزيادات فحسب، بل في ضمان استدامتها المالية، وتوفير مصادر تمويل مستقرة لا تُعرض المالية العمومية لمخاطر هيكلية في الأمد المتوسط".

وأوضح أن "زيادة الأجور، وتوسيع الاستفادة من التقاعد، وتخفيف العبء الضريبي، تُعد أعمدة مهمة لأي سياسة اجتماعية طموحة، لكنها تظل غير كافية ما لم تُرفق بمراجعة شاملة لهندسة الإنفاق العمومي، وتوسيع القاعدة الضريبية لتشمل الفئات والأنشطة الخارجة عن المنظومة الجبائية".

وأضاف: "في ظل ارتفاع المديونية العمومية والتحديات الاقتصادية الراهنة، ينبغي على الحكومة تقديم رؤية مالية متكاملة تُجيب عن سؤال: من أين سنُموّل كل ذلك؟ لأن الإنفاق الاجتماعي من دون تمويل مستدام قد يُحول هذه المكتسبات إلى عبء مالي إضافي بدل أن يكون دعماً للمواطن".

وختم قائلاً: "العدالة الاجتماعية لا تتحقق بمجرد ضخ الأموال، بل من خلال توازن دقيق بين التوسع في الإنفاق وكفاءة التحصيل، إلى جانب الصرامة في تقييم فعالية السياسات العمومية. خلاف ذلك، ستظل هذه الإصلاحات، رغم نُبل نياتها، مكلفة وغير قابلة للاستمرار".

جولة تفاوض جديدة
في سياق متصل، أعلنت رئاسة الحكومة أن وزارة الداخلية ستستأنف الحوار مع النقابات في ما خص النظام الأساسي لموظفي الجماعات الترابية، البالغ عددهم أكثر من 84 ألف موظف، وحددت 13 أيار/مايو 2025 موعداً للجولة المقبلة من التفاوض.

وتُرتقب من هذه الجولة معالجة عدد من الملفات الفئوية العالقة منذ سنوات، وسط آمال نقابية بأن يكون الإصلاح شاملاً ومنصفاً للفئات التي لم تشملها الزيادات السابقة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق