ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأربعاء 30 أبريل 2025 08:35 صباحاً - تباهى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإنجازاته، لا سيما في ملف الهجرة، خلال تجمع انتخابي حاشد في ولاية ميشيغان أمس الثلاثاء، احتفالا بمرور 100 يوم على ولايته الرئاسية الثانية، في أكبر فعالية سياسية له منذ عودته إلى البيت الأبيض، إلا أن الأرقام الاقتصادية تخذل ترامب فقد سجّلت سوق الأسهم الأمريكية أسوأ أداء لها خلال أول 100 يوم من ولاية رئاسية منذ عهد الرئيس جيرالد فورد عام 1974، في تراجع تاريخي تزامن مع الولاية الثانية للرئيس ترامب، وسط تصاعد التوترات التجارية وتقلب السياسات الاقتصادية.

فبعد أن شهدت الأسواق انتعاشا مبدئيا في أعقاب إعادة انتخاب ترامب في نوفمبر، مدفوعة بتوقعات بازدهار مؤاتٍ لقطاع الأعمال، سرعان ما تبدّد التفاؤل تحت وطأة تصاعد الحروب التجارية وفرض الرسوم الجمركية، ما أدخل "وول ستريت" في دوامة غير مسبوقة من التقلب وعدم اليقين، وفقا لما نشرته سي إن إن.

وقال جوناس جولترمان، نائب كبير اقتصاديي الأسواق في "كابيتال إيكونوميكس": "مع استمرار الضبابية حول السياسة التجارية الأمريكية وتراجع الآفاق الاقتصادية العالمية، نعتقد أن التحديات ستشتد أكثر خلال الفترة المقبلة".

ورغم مكاسب مؤقتة سجلتها المؤشرات الرئيسية، حيث صعد مؤشر "داو جونز" 300 نقطة الثلاثاء الماضي، إلا أن أداء "ستاندرد آند بورز 500" لا يزال منخفضا بنسبة 7.27% منذ تنصيب ترامب، بخسائر سوقية فاقت 3.66 تريليونات دولار، بحسب هوارد سيلفربلات، كبير المحللين في "ستاندرد آند بورز داو جونز".

وفي وقت لاحق من اليوم نفسه، عززت الأسواق مكاسبها بعد إعلان وزير التجارة هوارد لوتنيك عن التوصل إلى اتفاق تجاري جديد، دون الإفصاح عن تفاصيله أو الدولة المعنية.

ثالث أسوأ أداء رئاسي في التاريخ

حتى الآن، يُعد أداء مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" خلال المئة يوم الأولى من الولاية الثانية لترامب ثالث أسوأ أداء رئاسي في تاريخ الولايات المتحدة، بعد كل من ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد.

وقال تيري ساندفين، كبير استراتيجيي الأسهم في "يو إس بنك": "العوامل السياسية باتت تطغى على أساسيات السوق. ونتوقع استمرار التقلبات ما لم تتضح الرؤية بشأن الرسوم الجمركية والسياسات الاقتصادية".

تقلبات تهز الأسواق

شهد العام الحالي تقلبات حادة في الأسواق المالية، على خلفية الإجراءات الجمركية المتقلبة التي فرضها ترامب، فقد بلغ مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" ذروته في فبراير، ثم تراجع مع بداية تطبيق الرسوم في مارس، قبل أن يسجل أدنى مستوى له في 8 أبريل، على وقع إعلان ما سمي بـ"رسوم يوم التحرير".

ورغم تعافي السوق جزئيا، لا يزال المؤشر متراجعا بنسبة 1.94% مقارنة بمستواه قبل فرض الرسوم الانتقامية في 2 أبريل.

وتقول كيلي بوشيون، الشريكة في "ساوند فيو ويلث أدفايزرز": "لم نرَ في تاريخ الأسواق سياسة اقتصادية تُقابل بهذا القدر من السلبية. إنّ حالة عدم اليقين هذه من صنع الإدارة نفسها، وهي تلقي بظلالها على أرباح الشركات ونموها".

تراجع التكنولوجيا وصعود الذهب والتبغ

تراجعت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى التي كانت قد قادت الأسواق نحو مستويات قياسية العام الماضي، فقد هبطت أسهم "آبل" بنسبة 15.66%، و"إنفيديا" بـ18.8%، و"تسلا" بـ27.7%. كما انخفضت أسهم "أمازون" بنسبة 14.6%، في ظل جدل حول تقارير تفيد بعزمها تمرير كلفة الرسوم الجمركية إلى المستهلك، وهي تقارير نفتها الشركة لاحقًا.

في المقابل، برزت أسهم الذهب والتبغ كأبرز الرابحين. فقد ارتفعت أسهم شركة "نيومونت" لتعدين الذهب بنسبة 42.3%، وأسهم "فيليب موريس" بنسبة 41.47%. كما صعدت أسهم "بالانتير" للذكاء الاصطناعي بنسبة 53.48%، لتصبح الأعلى أداءً في مؤشر S&P 500 هذا العام.

السندات... لم تعد ملاذا آمنا؟

في تحوّل لافت، لم تعد سندات الخزانة الأمريكية ملاذا آمنا كما جرت العادة. فعلى الرغم من تراجع الأسهم عالميا، لجأ المستثمرون إلى بيع السندات بدلا من شرائها، مما أثار تساؤلات حول مكانة السندات الأمريكية في النظام المالي العالمي.

تراجع العائد على سندات العشر سنوات إلى 4.176%، وسط حالة من القلق عبر عنها فيشواناث تيروباتور من "مورغان ستانلي"، مشيرًا إلى أن: "التخوف من فقدان سندات الخزانة مكانتها كملاذ آمن أصبح في صلب نقاشات السوق".

الدولار يفقد بريقه

فقد مؤشر الدولار الأمريكي أكثر من 8% من قيمته هذا العام، ليسجل أدنى مستوياته في ثلاث سنوات بحلول 21 أبريل. في المقابل، ارتفع اليورو أمام الدولار بنسبة تتجاوز 9%.

وقال جو زابيا، الرئيس المشارك للاستثمار في "LVW Advisors": "ما نشهده من ضعف في العملة وتحول في الاستثمارات نحو الأصول الأجنبية قد يشير إلى توجه طويل الأمد".

الأسواق العالمية تتفوق

أظهرت الأسواق خارج الولايات المتحدة أداءً أفضل، مع صعود مؤشر "داكس" الألماني بنسبة 12.6%، و"هانغ سنغ" في هونغ كونغ بنسبة 9.7%. وكشف استطلاع لبنك أوف أمريكا عن توجه متصاعد بين المستثمرين العالميين لتقليص استثماراتهم في الأسهم الأمريكية.

وقال أرون ساي، كبير استراتيجيي الأصول المتعددة في "بيكتيت لإدارة الأصول": "السياسات التجارية لإدارة ترامب دفعت المستثمرين إلى إعادة النظر في تخصيصاتهم للولايات المتحدة. لم يعد مؤشر S&P 500 هو الخيار الأوحد".

مؤشر الخوف في أعلى مستوياته

قفز مؤشر التقلب "VIX" إلى 52 نقطة في 8 أبريل، وهو أعلى مستوى منذ جائحة كوفيد-19، وثالث مرة فقط في التاريخ يغلق فيها فوق 50 نقطة، بعد عامي 2020 و2008.

ورغم تراجعه لاحقًا، لا يزال المؤشر يتداول فوق 20 نقطة، وهو ما يشير إلى بقاء الأسواق في دائرة التقلبات العالية.

الذهب يتألق

في ظل هذه الاضطرابات، برز الذهب كملاذ آمن وحقق مكاسب تقارب 26% منذ بداية العام، متجاوزا حاجز 3500 دولار للأوقية لفترة وجيزة.

وقد احتل الذهب المرتبة الأولى في قائمة التداولات الأكثر ازدحاما في أبريل، وفقا لاستطلاع بنك أوف أمريكا، متفوقا على أسهم التكنولوجيا التي تصدرت الأسواق خلال العامين الماضيين.

سيف الحموري

كاتب مقالات في موقع كلمتك, حيث أقوم بكتابة المقالات بمجالات مختلفة ومتنوعة. لدي سنوات عديدة من الخبرة في مجال الإعلام والصحافة والتسويق وأحمل شهادة البكالوريوس في التسويق كما قد قمت بتطوير مواهبي في الصحافة بعد أن بدأت العمل في هذا المجال.