نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
«كنوز مُنقذة» تروي 5 آلاف عام من تاريخ غزة وتراثها العريق في باريس - تكنو بلس, اليوم الأحد 27 أبريل 2025 12:18 مساءً
لا يزال معرض "كنوز مُنقذة من غزة: 5000 عام من التاريخ" يجذب الأنظار، فقد حرص العديد من الزوار على التوافد إلى معهد العالم العربي بباريس، والذي يحتضن هذه الكنوز المُنقذة في الفترة من 3 أبريل الجاري حتى الثاني من نوفمبر القادم، لمعرفة ما تمثله هذه القطع الأثرية الثمينة من تراث ثقافي وتاريخ عريق.
وبإعجاب شديد، يتمعن الزوار في هذه "الكنوز المُنقذة" من مدينة غزة الفلسطينية وينتقلون من قطعة إلى أخرى وهم في غاية الشغف لمعرفة ما تكشف عنه هذه القطع الأثرية الثمينة من تراث غني.
"جاك"، أكاديمي في الستينات من عمره، حرص على الحضور ليرى هذا التراث الثقافي. وقال لمراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط بباريس: "جئت لرؤية واكتشاف هذا التراث الفلسطيني الغني بالكنوز الثمينة، هذه القطع رائعة للغاية ومتنوعة.. ومن المهم أن نرى هذا التراث، حيث أننا نتحدث كثيرا عما يحدث في غزة لكن هنا الحديث عن تاريخها"، معربا عن إعجابه بهذه "الجذور" على حد تعبيره.
ينظم معهد العالم العربي هذا المعرض الاستثنائي، بالتعاون مع متحف الفن والتاريخ في جنيف والسلطة الوطنية الفلسطينية، وذلك احتفاء بالتراثين الفلسطيني والشرقي، ولا سيما في المناطق المتأثرة بالنزاعات والأزمات.
ويحتضن المعرض مجموعة من القطع الأثرية التي تم إنقاذها من ويلات الحرب الدائرة على مدار سنوات طويلة في قطاع غزة، والتي تكشف عن ثراء التراث الثقافي لغزة وتاريخها الذي يمتد لآلاف السنين وعمقها الحضاري. فقد كانت "غزة" والتي تطل على البحر المتوسط، محطة رئيسية على طريق القوافل التجارية، وضمت العديد من المواقع الأثرية من كافة العصور، وأصبحت الآن معرضة للخطر خاصة بعد ويلات الحرب واتساع رقعة العمليات العسكرية التي يشنها الجيش الإسرائيلي.
يضم المعرض 130 قطعة أثرية من تراث غزة الغني عبر العصور. ومن أبرز المعروضات، لوحة فسيفساء بيزنطية من قرية "أبو برقة" شمال مدينة غزة، لتظهر أهمية المدينة كمفترق طرق استراتيجي منذ العصور القديمة.
وأكد من جانبه الشاعر العراقي شوقي عبد الأمير، مدير عام معهد العالم العربي، على أهمية تسليط الضوء على تاريخ غزة العريق. ففي حديث مع وكالة أنباء الشرق الأوسط، أوضح أن المعهد هو مكان "للثقافة والتاريخ والفكر والمعرفة والإعلام ولهذا يجب أن تكون مفرداته من هذا الاختصاص، يجب أن نتحدث بلغة التاريخ ولغة المعرفة، وليس باللغة الأيديولوجية ولا السياسية".
وتابع "اخترنا أن نلجأ إلى التاريخ لنرد على كل محاولات المحو والإبادة والتشويه والإجرام بكل أشكاله.. نرد بمفردات غير قابلة للدحض، بمعنى حين نستمع لمفردات الآثار التي عمرها 5000 عام فهي تقول كلمتها التي لا يمكن الرد عليها.. هذه الآثار تقول إن غزة هي وطن ألفي، يسكنه شعب ألفي، ووطن شهد حضارات".
وشدد على فكرة أن معهد العالم العربي قرر، من خلال تنظيمه لهذا المعرض، أن يدعو التاريخ للإدلاء بشهادته أمام هذه المجزرة في غزة وإدانتها بصفته تاريخ للبشرية وليس بصفته عربيا أو مسلما أو فلسطينيا".
وأعرب عن أسفه لما تشهده غزة اليوم قائلا: "بالفعل 5 آلاف عام من التاريخ في غزة، ولكن كم ألف استشهدوا اليوم في غزة ؟ كم ألف من المنازل المدمرة اليوم في غزة، وكم ألف من الأجساد التي مازالت تحت الحطام، وكم ألف من المشردين وكم ألف سيموت لكي أخيرا غزة في فلسطين تنال حقها في العيش بسلام مع جيرانها في حدود يعترف بها الجميع؟".
بدورها، أوضحت إيلودي بوفار، منسقة المعرض أن معهد العالم العربي ينظم منذ وقت طويل فعاليات حول فلسطين، من معارض وندوات تتناول الأحداث الجارية. ودفعتنا هذه الأحداث الأخيرة إلى التفكير في مدى معرفة الجمهور الأوروبي والفرنسي بقطاع غزة، وكانت النتيجة صادمة، فبالرغم من المعارض والفعاليات، أدركنا أنه من المستحيل التفكير في تاريخ هذا القطاع، لأن الأحداث الجارية تمحي كل شيء، بل وتعمل على اقتلاع السكان من تاريخهم، ومن هنا جاءت فكرة إقامة المعرض".
وقالت "بدا الأمر وخاصة بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار، وكأن كل شيء يمكن محوه وإعادة بناء من جديد، وكأن لم يكن هناك جذور ولا تاريخ.. الأمر الذي عزز قناعتنا بأن هناك فهما غير دقيق، بل مفقود، للتاريخ الكامل لهذا القطاع. لذا، أصبح المشروع بالنسبة لنا بمثابة مقاومة ثقافية".
وأضافت "لا نستطيع أن نفعل ما نشاء بالتاريخ. من المهم بالنسبة لنا أن نوفر معلومات تساعد على التعلم والفهم. وهنا في فرنسا، هناك شغف كبير بالتاريخ، وكنا نعلم أننا سنجد صدى يلبي رغبة حقيقية في المعرفة والفهم".
وقالت "هناك 529 قطعة أثرية في متحف جنيف، وهي أعمال محفوظة في صناديق بالمتحف، أي أنها ليست معروضة، بل هي في منفى، ومخفية في صناديق، اخترنا منها نحو 100 قطعة.. وأصبح المعرض وسيلة لإعادة تسليط الضوء على تراث نائم وغير معروف".
يكشف المعرض عن قطع أثرية نادرة مستخرجة من التنقيب الفرنسي - الفلسطيني الذي بدأ عام 1995، بالإضافة إلى آثار من المجموعة الخاصة لرجل الأعمال وجامع التحف الأثرية الفلسطيني جودت الخضري والتي تعرض لأول مرة في فرنسا. وتشمل المجموعة تمثال لأفروديت، وأعمدة وأواني ومصابيح تعود للعصور الإسلامية والرومانية والبيزنطية.
في هذا السياق، أوضحت بوفار أنه تم اختيار هذه القطع لتغطي الفترة بأكملها التي نتحدث عنها (5000 عام من التاريخ)، وذلك بهدف إظهار ثراء التراث في غزة.
وأبرزت أهمية غزة "الاستثنائية" لأنها كانت واحة على طول طريق ساحلي، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي بين مصر وبلاد الرافدين، ما جعل منها نقطة استراتيجية مهمة، وكانت نقطة تجارية حيوية تربط بين أفريقيا وآسيا، حيث كان التجار يمرون بها من جميع أنحاء العالم، مما جعلها في قلب التبادل الثقافي والتجاري. ولهذا نركز في المعرض على إبراز هذا التراث المتنوع".
يخصص بالمعرض أيضا قسم متعلق بقضايا الحفاظ على التراث في أوقات الحرب، يتضمن استعراضا لحالة تراث غزة اليوم، ودراسات حديثة، وجردا للاكتشافات الأثرية، وصورا فوتوغرافية غير مسبوقة للمدينة في أوائل القرن العشرين.
فمنذ بداية الحرب في أكتوبر 2023، وبحسب منظمة "اليونسكو"، تضرر 94 موقعا تاريخيا وثقافيا في غزة. لذلك، يسلط المعرض الضوء على بعض المعالم المدمرة كليا أو جزئيا، من خلال عرض وثائقي للصور الملتقطة قبل وبعد السابع من أكتوبر 2023.
في هذا الصدد، شددت بوفار على أهمية تعزيز الوعي بمسألة حماية التراث في أوقات الحرب، وخاصة في غزة، حيث كانت عمليات القصف غير مسبوقة من حيث شدتها، وعلى أهمية ألا يتم محو التاريخ.
يضع هذا المعرض تاريخ غزة الذي يمتد لآلاف السنين في سياقه الصحيح، مع التوعية بضرورة حماية تراثها وتاريخها، حيث أن "غزة، أكثر من أي وقت مضى، تستحق أن يروى تاريخها، خصوصا منذ السابع من أكتوبر وما تلاه من دمار، لأن القطع الأثرية المعروضة في هذا المعرض الفريد تم إنقاذها من التدمير بفضل المنفى، ولأن الحرب التي تشتد يوما بعد يوم تشوه، بل تمحو أحيانا، أجزاء كاملة من هوية هذه الأرض التي كانت يوما ما مزدهرة، ومفترق طرق حيوي للحضارات بين آسيا والبلاد العربية وأفريقيا والمتوسط"، وفقا لما قاله جاك لانج، رئيس معهد العالم العربي.
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : «كنوز مُنقذة» تروي 5 آلاف عام من تاريخ غزة وتراثها العريق في باريس - تكنو بلس, اليوم الأحد 27 أبريل 2025 12:18 مساءً
0 تعليق