ثقل حضور "البديل" اليميني الشعبوي يربك ألمانيا... بين الاستبعاد وإسقاط جدار الحماية - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ثقل حضور "البديل" اليميني الشعبوي يربك ألمانيا... بين الاستبعاد وإسقاط جدار الحماية - تكنو بلس, اليوم السبت 26 أبريل 2025 08:16 صباحاً

اكتسبت مسألة كيفية التعامل مع حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي ثقلاً إضافياً في البلاد، بعدما أصبح، نتيجة الانتخابات العامة المبكرة التي جرت نهاية شباط/فبراير 2025، يشكّل ثاني أكبر تكتل برلماني في البوندستاغ. وقد تجلّى هذا الواقع أخيراً على ضوء التصريحات الصحافية التي أطلقها السياسي عن "المسيحي الديموقراطي" ينس شبان، والتي دعا فيها إلى "الاعتراف ببساطة" بعدد ملايين الألمان الذين صوّتوا لحزب "البديل"، ومعاملته بالطريقة ذاتها التي تُعتمد مع أيّ حزب معارض آخر، ومنحه رئاسة لجان برلمانية.
وقد أثارت تصريحات شبان جدلاً واسعاً وانتقادات حادة، انطلاقاً من أن "البديل" ليس حزباً عادياً. فهل من الحكمة الاستمرار في استبعاده، أم حان الوقت لإسقاط "جدار الحماية" السياسي؟

مخاطر أمنية
في هذا السياق، تُصرّ أحزاب "الاشتراكي" و"اليسار" و"الخضر" على ضرورة التمايز الواضح عن "الحزب اليميني الشعبوي". وقد أعرب الزعيم المشارك للحزب "الاشتراكي" لارس كلينغبايل لمجموعة "فونكه" الإعلامية مطلع هذا الأسبوع، عن انزعاجه من هذه النقاشات، واصفاً إيّاها بـ"غير الضرورية والخاطئة"، ومتحدثاً عن "لعبة داخلية غير شريفة" ضد زعيم "المسيحي الديموقراطي" المرشح لمنصب المستشار فريدريش ميرتس، بعد التوافق على الائتلاف الحكومي الجديد.
أما زميله رالف ستيغنر، فصرّح لصحيفة "هاندلسبلات" بأن المحافظين إن كانوا يسعون إلى تطبيع العلاقات مع "البديل"، أو التقرب منه، فإنهم بذلك يُفجّرون أي إمكانية لتشكيل ائتلاف محتمل مع "الاشتراكيين الديموقراطيين"، مشيراً إلى أن لحزب "البديل" الحق في اقتراح مرشحين لرئاسة اللجان، كأيّ كتلة برلمانية أخرى، لكن "لا أحد مُلزم بانتخابهم".
التحذير الأبرز جاء من السياسي رودريش كيزهفتر، الذي رأى أن انتخاب نواب عن "البديل" في لجان حساسة مثل لجنة الرقابة البرلمانية، يشكل تهديداً كبيراً لأمن البلاد، وسيُلحق ضرراً جسيماً بالسياسة الخارجية والأمنية، وسيؤثر على التعاون الاستخباراتي مع شركاء ألمانيا في ملفات الأمن الوطني والدولي، ومكافحة الإرهاب والجريمة.
وبحسب كيزهفتر، فإن "البديل يُعدّ ذراعاً ممتدّة للكرملين، ويُظهر عداءً للديموقراطية، ويتبنّى سياسة ازدراء لألمانيا في برنامجه". ويصنّف المكتب الاتحادي لحماية الدستور الحزب كـ"يميني متطرّف" في عدد من الولايات. وأيّ انتخاب لممثل عنه في لجنة تراقب عمل أجهزة الاستخبارات، يحمل خطراً بتسريب المعلومات أو التجسّس أو حتى التأثر بضغوط دول أخرى.
ومن المعلوم أن انتخاب أعضاء اللجان يتم في بداية الدورة التشريعية بالأغلبية، عبر اقتراع سرّي، ويستمر الأعضاء في مناصبهم حتى نهاية ولاية البرلمان الاتحادي.

 

يستحوذ

 

"البديل" كضحية
في المقابل، يرى بعض الباحثين أن الانفتاح على "البديل" قد يُبطئ صعوده. وأشار الباحث فولفغانغ ميركل، في تصريح لشبكة "ARD"، إلى أن جزءاً من قوة "البديل" يستند إلى تصوير نفسه كضحية. وقال: "إذا ما مُنح، على سبيل المثال، مناصب رؤساء لجان برلمانية، فقد تستمدّ الأحزاب الأخرى قوة من هذا التوجّه، وتقول: انظروا، حتى إن كنتم متطرّفين يمينيين في بعض القضايا، فنحن لا نستبعدكم، ويمكنكم ترؤس لجنة".
ويُذكر أن منصب نائب رئيس البرلمان، المخصّص لـ"البديل"، بقي شاغراً خلال الولاية السابقة، ولم يُنتخب أيّ نائب منه لرئاسة أيّ لجنة.
في المقابل، رفض الباحث في شؤون التطرّف اليميني ماتياس كونت هذه المقاربة، واعتبر أن من "السذاجة" الاعتقاد بأن "البديل" يمكن أن يتخلى عن دور الضحيّة بمجرد إشراكه في لجان ذات مهام حسّاسة. وأوضح أن لعب هذا الدور جزء من الحمض النووي الأيديولوجي للشعبويين والمتطرفين اليمينيين، إذ يرون أنفسهم دائماً ضحايا للنخب والعولمة والمهاجرين، وغيرهم.
وأشار إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يُعدّ "نموذجاً حيّاً لذلك"، إذ لطالما صوّر نفسه كضحيّة، رغم تولّيه أقوى منصب في العالم.
وتُعزز هذا التصور دراسة للمؤرخ مارتن سابرو، خلص فيها إلى أن محاولة "إزالة الغموض" عن الشعبوية الديماغوجية من خلال إشراكها لم تفلح قط. وذكّر أنه في عام 1933 لم ينجح ما سُمّي حينها "ترويض القومية الألمانية"، في إشارة إلى محاولة القوميين الألمان احتواء الاشتراكيين الوطنيين، وهو ما أدّى لاحقاً إلى هيمنة التطرّف.
وبحسب سابرو، فإن التاريخ الحديث يُظهر أن المشاركة أو حتى ممارسة السلطة لا تؤدي بالضرورة إلى خيبة أمل أو انكشاف خطاب المتطرّفين، متسائلًا: "من كان يصدّق أن يُعاد انتخاب ترامب لولاية ثانية؟".

الهدوء السيادي
وفي خضم هذه التناقضات، يرى الباحث السياسي توماس برغمان، في تصريح لـ"النهار"، أن التعامل مع "البديل" يجب أن يجري "بواقعية". ويقول إن الحزب، مثل بقية الأحزاب التقليدية، يمثل شريحة من الناخبين الألمان، وله كتلة من 152 نائباً في البوندستاغ، وبالتالي "لا يمكن إنكار" حقه التمثيلي.
ويشير إلى أنه، رغم الاشتباه فيه كحزب متطرف في بعض الولايات، يجب الانفتاح على نوابه على أساس المصلحة الوطنية، دون السماح له بفرض أجندته. ويشدد على ضرورة "التحرر من الأوهام" واعتماد "الهدوء السيادي" في التعامل مع الحزب، مؤكداً أن الاتفاق على قضيّة محلية لا ينبغي التراجع عنه لمجرد أن "البديل" يؤيّد التوجّه ذاته.
ويحتاج البرلمان الحالي، عند التصويت على قوانين تتطلب الأغلبية المطلقة، إلى أصوات نواب "البديل".
في المقابل، أوضحت بعض التعليقات أن استبعاد الحزب يولّد له تأثيراً عاطفياً واستقطابياً، خاصة في المناطق الريفية شرق ألمانيا. ودعت هذه الآراء الائتلاف الحكومي المستقبلي إلى التركيز على تحقيق إصلاحات فعلية، مثل تقليص البيروقراطية، وتسريع التحوّل الرقمي، وتحسين البنية التحتية، وتعزيز العدالة الاجتماعية، وتبديد هموم المواطنين، للحدّ من جاذبية الخطاب الشعبوي.
وكانت رئيسة البوندستاغ، المنتمية إلى "المسيحي الديموقراطي" يوليا كلوكنر، قد صرّحت لصحيفة "بيلد" بأنها تسعى للتوسّط وإيجاد آلية للتعامل مع "البديل" في ما يتعلق بالإجراءات والوظائف البرلمانية، مؤكدة أنها ستعمل على حلّ القضايا التنظيمية الخلافية.
وأشارت إلى أن الكتل البرلمانية مطالبة بالاتفاق في ما بينها، وأن هيئة رئاسة البرلمان لا تميّز في التعامل بين أيّ كتلة أو نائب. وأوضحت أنه في ما يخص مسألة تولي "البديل" رئاسة لجان، فإن الأمر من اختصاص الكتل، وإن لم يتم التوافق، فسيُرفع إلى هيئة المجلس المختصة بشؤون القواعد الإجرائية.
وتضم الهيئة كلوكنر، ونوابها، مع أعضاء آخرين من البوندستاغ. ويُذكر أن "البديل" يطالب أيضاً بالحصول على ثاني أكبر قاعة في البرلمان، يستخدمها حالياً نواب "الحزب الاشتراكي الديموقراطي"، فيما يبرّر الاشتراكيون ذلك بحاجة مشاركتهم الحكومية إلى وجود موظفين مدنيين ومسؤولين في اجتماعاتهم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق