نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من صناديق الاقتراع إلى صناديق الابتكار: هل تبدأ نهضة لبنان من البلديات؟ - تكنو بلس, اليوم الخميس 24 أبريل 2025 04:23 مساءً
في ظلّ الشلل المؤسسيّ والانهيار الاقتصادي الذي ينهش جسد الدولة اللبنانية منذ سنوات، تلوح في الأفق فرصة نادرة: الانتخابات البلدية والمخاتير.
فرصة، لا لإعادة تدوير نفس الأسماء، بل لاختيار قيادات محليّة جديدة، تؤمن بالحكم الرشيد، وتضع الابتكار والتحول الرقميّ في صلب عملها اليومي.
البلدية ليست "دكان خدمات"، بل مختبر أفكار
ما زال كثيرون ينظرون إلى البلدية كمجرد هيئة لتعبيد الطرق أو جمع النفايات. لكن البلدية الحديثة، في العالم اليوم، صارت مساحة لإنتاج الحلول، نقطة انطلاق لاقتصاد محلي ذكي، وحلقة وصل بين المواطن والدولة.
صحيح أن بعض البلديات اللبنانية حاولت اعتماد مبادرات رقميّة هنا وهناك، لكنها بقيت في أغلب الأحيان محاولات فردية، تفتقر إلى استراتيجية شاملة، وتغيب عنها الابتكارات المنبثقة من الناس أنفسهم. ما نحتاجه ليس حلاً تقنيًا منفصلًا، بل رؤية جماعيّة تعتمد على نهج تشاركيّ بين البلدية والمواطنين، وتحوّل الاحتياجات اليومية إلى فرص للتطوير.
فلنتخيّل معًا:
بلدية تُطلق منصة موحّدة تتيح للمواطن الإبلاغ عن أيّ مشكلة في الحيّ، ومتابعتها لحظة بلحظة، تمامًا كما تفعل مدن مثل برشلونة أو تالين.
بلدية تربط موازنتها بمشاورات شعبية مباشرة عبر تطبيق يُتيح للمواطن أن يصوّت على المشاريع ذات الأولوية، وفق ما يحدث في كندا والبرازيل ضمن تجارب "الموازنة التشاركيّة".
بلدية تعتمد نموذج المدن الذكية لتوزيع الطاقة الشمسية على الأحياء وتخزين البيانات البيئية، وفق ما يجري في بعض المدن الهندية التي تستخدم إنترنت الأشياء للتحكّم بالبنية التحتية.
هذه النماذج ليست خيالاً علميًا، بل تجارب حقيقية وقابلة للتطبيق بتكييفها مع السياق اللبناني.
صورة تعبيرية (بواسطة الذكاء الاصطناعي)
القيادة الإيجابية تصنع الفارق
القيادة اليوم لا تُقاس بالصوت العالي، بل بالقدرة على تحويل الموارد المحدودة إلى فرص. هي الاستماع الحقيقي إلى الناس، الإيمان بدور الشباب، واحترام المال العام.
من نحتاجه في البلدية ليس "زعيمًا" جديدًا، بل مدير تغيير يؤمن أن التكنولوجيا والحوكمة والشفافية هي أدوات خلاص. مثل من يُطلق بوابة موحّدة لخدمات البلدية تُمكِّن المواطن من إدارة شؤونه دون طوابير أو وساطات، أو من يُنشئ حاضنة أعمال في مبنى مهجور، تربط بين الحرفيين والمبرمجين لتوليد اقتصاد محليّ هجين ومستدام.
دعوة إلى الناخبين: لا تفوّتوا الفرصة
أيار 2025 ليس مجرد موعد انتخابي؛ هو اختبار وطني جديد. صوتك ليس ورقة. هو تصريح بالثقة، أو بالحساب.
لا تنتخب من يتحدّث عن الطرق والمجاري فقط. انتخب من يملك خطة، يتحدّث بلغة البيانات، يُدرِك أهمية الطاقة المتجددة، يُدير بلديته كما تُدار شركة ناجحة؛ من يرى الفرصة في كل مشكلة، ويملك أدوات التنفيذ.
إلى الشباب: تحرّكوا. إلى المرشحين: تطوّروا. إلى البلديات: تحرّروا.
البلدية ليست نهاية المطاف، بل بدايته. هناك يبدأ الأمل، وهناك يُصنع الفرق. من صيدا إلى طرابلس، من بعلبك إلى جونية، ومن بيروت إلى جبل لبنان، هناك مهندسون، مبرمجون، حرفيون، وناشطون... كل ما يحتاجونه هو بلدية تؤمن بهم، ولا تستغلهم.
لبنان لن يُنهضه خطاب سياسي ولا منصة حزبية، بل قيادة محلية صادقة، تفكّر وتبتكر وتُنفّذ.
أنا لم أكتب هذا النص فقط كخبير في التحول الرقمي أو كمدرّب في القيادة الإيجابية، بل كلبناني عاش الأمل والانكسار، وقرّر أن يبقى. أن يعمل؛ أن يؤمن أن النهضة تبدأ من حيث الناس لا يتوقعون (من بلدية صغيرة على سفح جبل، أو من مختار في قرية نائية).
أقولها بثقة: من ينتخب قائدًا محليًا مبتكرًا اليوم، يختصر سنوات من المعاناة غدًا.
**جاك جندو، رائد أعمال وخبير في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، والرئيس التنفيذي لشركة "Brain Digits".
0 تعليق