لم يبرح نادي الشباب خانة الرفض القاطع لنتائج مشروع توثيق كرة القدم السعودية، في مشهد يمثل امتدادًا حازمًا لعدم المصادقة على قرارات الجلسة الختامية، مع التأكيد على التحرك نحو المحكمة الرياضية الدولية «كاس» من أجل الحفاظ على حقوق أبيض الرياض، والذي بدا أبرز الخاسرين في هذا الملف.

اقرأ أيضًا | توثيق 123 عامًا من تاريخ كرة القدم السعودية

وصادق أعضاء الجمعية العمومية لمشروع توثيق تاريخ كرة القدم السعودية على التقرير الختامي، أمس الثلاثاء، وذلك بعد 9 اجتماعات لأعضاء الجمعية العمومية، امتدت على مدار 13 شهرًا من العمل الشاق، في مشهد حظي بالإجماع على جميع الإجراءات طوال مدة المشروع، بيد أنه لم يخل من الكثير من الجدل.

وأصدر نادي الشباب، بيانًا ناريًا عبر الحساب الرسمي على موقع التدوينات القصيرة «إكس»، قبل قليل، لحسم موقفه من مآلات توثيق تاريخ كرة القدم السعودية، والتأكيد على عدم الاعتراف بتلك النتائج النهائية التي خلص إليها اجتماعات الجمعية العمومية.

التاريخ لا يُصوت عليه.. بل يُحفظ كما كان

البيان أوضح: «يُعلن نادي الشباب رفضه الكامل لما صدر عن مشروع توثيق تاريخ كرة القدم السعودية وعدم الاعتراف بالنتائج النهائية للجنة، بعد أن تضمن تحويرًا جوهريًا في تصنيف بطولة كأس الملك، عبر تحويل عدد من نسخها إلى ما سُمي بـ”بطولة دوري”، وبالاستناد إلى “التصويت” في سابقة تخالف الوقائع والمسمى الرسمي والسياق التاريخي الموثق».

وأضاف البيان: «وإذ يجدد نادي الشباب تأكيده على دعمه لفكرة التوثيق العادل، فإنه يرفض مبدأ التصويت كوسيلة لتغيير حقائق تاريخية، ويرى فيه تخليًا عن المسؤولية، وتجاوزًا للمنهج العلمي، ومجاراة لرغبات جماهيرية على حساب الحقيقة، فالتاريخ لا يُكتب بالرغبات، ولا يُقر عبر أصوات، بل يُثبت بالوقائع والأدلة».

وأكمل شيخ الأندية: «كما يُشير النادي إلى أنه سبق وأن وجّه اعتراضًا رسميًا للاتحاد السعودي لكرة القدم منذ وقت مبكر، محذرًا من مغبة استخدام التصويت في مسائل تُعد من الثوابت، مؤكدين حينها أن التوثيق له أُطر واضحة لا تقبل العبث أو التفويض أو تصويت أندية لم تحقق أي إنجازات تُذكر».

وختم البيان: «وبصفته أول نادٍ تأسس في العاصمة عام 1947، وأول نادٍ يحقق بطولة رسمية في المملكة عام 1952، يُعلن نادي الشباب رفضه القاطع لأي تحريف يُطال تاريخه ومكتسباته الأصيلة، ويتمسك بكامل حقوقه في اتخاذ ما يراه مناسبًا لحماية تاريخه وإرثه».

وتحت لافتة «التاريخ لا يُصوت عليه.. بل يُحفظ كما كان»، أوضح نادي الشباب أن البيان صدر عن صاحب السمو الأمير خالد بن سعد بن فهد رئيس مجلس الإدارة سابقًا، وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن تركي بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الأمير خالد بن عبدالعزيز بن فهد، ومحمد بن إبراهيم المنجم رئيس مجلس الإدارة الحالي، وعبدالله بن عامر القريني رئيس مجلس الإدارة سابقًا، وأحمد بن عبدالعزيز العقيل، رئيس النادي السابق، وذلك نيابة عن أعضاء الجمعية العمومية.

«التوثيق» تتوعد نادي الشباب

وكان عبدالإله النجيمي، عضو فريق عمل مشروع توثيق تاريخ كرة القدم السعودية، رد على الاتهامات التي وجهها نادي الشباب بشأن نتائج التوثيق الأخيرة، والتي تضمنت تصنيف الأندية وفق عدد البطولات المحققة عبر التاريخ، مؤكدًا أن المشروع اعتمد على معايير دقيقة وتحكيم محايد بعيدًا عن التصويت أو التلاعب.

وأضاف النجيمي: «لم نعرض أي مكتسب لأي نادٍ للتصويت، بل التقييم تم عبر معايير موثقة وتحكيم فني من قبل فريق العمل، ضمن مشروع ضخم يتضمن أكثر من 1500 صفحة من الوثائق والتقارير، المشروع هدفه حماية التاريخ وتوثيقه، لا التلاعب فيه، وكل من يخرج عن النص سيتم التعامل معه وفق الإجراءات القانونية المعمول بها».

وتابع النجيمي أن المشروع يستمد شرعيته من الجمعية العمومية، وأن باب الاجتماعات الفردية لا يزال مفتوحًا أمام الأندية لمراجعة ملاحظاتها، مشددًا على أن الشباب نادٍ عريق، وتمت مراعاة تاريخه، إلا أن الخلاف الحالي لا يُلغي نزاهة العمل المنجز.

الرابحون والخاسرون من مشروع توثيق تاريخ الكرة السعودي

وأسدل الستار على مشروع توثيق تاريخ كرة القدم السعودية، الذي يُعد خطوة تاريخية غير مسبوقة، بعدما نجح في تقديم سجل شرفي رسمي ودقيق لأندية المملكة، بعد سنوات من محاولات التوثيق غير المكتملة، والذي استند إلى معايير صارمة ورصد شامل للبطولات الرسمية، مما نتج عنه تصحيح الكثير من المعلومات المتداولة لسنوات، وكشف عن تغيرات جوهرية في ترتيب الأندية من حيث البطولات.

وما زال نادي الهلال يتصدر قائمة أكثر الأندية تتويجًا بلقب الدوري السعودي برصيد 21 بطولة، لكنه خسر بعض الأفضلية التاريخية وفقًا للتقرير، حيث لم يُعتبر أول بطل للدوري، كما ثبت أنه لم يُشارك في جميع النسخ، وهو ما كان يُعتقد سابقًا، ومع ذلك، حافظ الهلال على زعامته كأكثر الفرق تحقيقًا للبطولات الكبرى محليًا، وأصبح النادي الأكثر فوزًا بـكأس الملك (9 ألقاب)، وكأس ولي العهد (13 لقبًا)، إلى جانب 5 ألقاب لكأس السوبر السعودي، ما يرفع رصيده إلى 43 بطولة محلية كبرى، وفقًا لتقارير صحفية.

وبرز نادي الاتحاد كأكبر المستفيدين من مشروع التوثيق، إذ قفز برصيده في الدوري إلى 13 لقبًا، ليصبح وصيفًا للهلال، ويتفوق على النصر، كما تم التأكيد على كونه النادي الوحيد الذي شارك في جميع نسخ الدوري منذ انطلاقه.

الأهلي يتقدم.. والشباب يتراجع

أما الأهلي، فكان من الرابحين أيضًا، حيث تم تثبيت رصيده عند 9 ألقاب دوري، ما جعله رابع أكثر الفرق تتويجًا، متقدمًا بشكل كبير على الشباب، ومقتربًا من النصر صاحب المركز الثالث (10 ألقاب)، ورغم خسارته لقب الأكثر تتويجًا بكأس الملك، فإن ترتيبه يُعزز موقعه التاريخي.

في المقابل، تراجعت أسهم الشباب بعد أن كان ثالثًا، ليحل خامسًا برصيد 6 ألقاب دوري فقط، بفارق كبير عن منافسيه في المراكز الأولى، وهو الأمر الذي رفض معه ممثل الليوث المصادقة على القرار مع التهديد بالتحرك دوليًا لحماية حقوق النادي.

النصر يفقد الوصافة

النصر فقد الوصافة في عدد بطولات الدوري بعد تأكيد تفوق الاتحاد عليه، حيث استقر في المركز الثالث بـ10 ألقاب. كما خسر ميزة المشاركة الكاملة في جميع نسخ الدوري، ليصبح مهددًا بالتراجع أكثر حال تحقيق الأهلي لقبًا إضافيًا، فيما بدا الوحدة رابحًا آخرًا على الرغم من أنه لا يملك عددًا كبيرًا من البطولات، إلا أن المشروع أعاد له مكانته التاريخية، بعدما أكد أنه أول بطل للدوري السعودي، وأول من توج بكأس الملك عام 1966.