في تحرك لافت يعكس تبدلات كبرى في المشهد الإقليمي، استقبل رئيس وزراء العراق، محمد شياع السوداني، الثلاثاء، زعيم الطائفة الشيعية في سوريا، عبدالله نظام، في العاصمة بغداد، حيث بحث الطرفان تطورات الوضع السوري، وسط مؤشرات متزايدة على توجه عراقي لتعزيز حضوره الطائفي والسياسي داخل سوريا.

وبحسب تقارير فإن اللقاء، الذي أحيط بهالة رمزية ودلالات سياسية، يأتي في ظل تصاعد المخاوف من استهدافٍ ممنهج للشيعة والعلويين في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، وفي وقت يشهد فيه البلد تحولات دراماتيكية على مستوى السلطة وتوازنات النفوذ.

ورغم أن البيان الحكومي اكتفى بالتأكيد على “دعم العراق لسوريا أرضاً وشعباً”، إلا أن المتابعين يرون أن اللقاء يعكس رسالة واضحة من بغداد مفادها أن العراق لن يلتزم الحياد حيال مستقبل الشيعة في سوريا، بل يسعى للعب دور الضامن الإقليمي لمصالحهم، في ظل انسحاب تدريجي للنفوذ الإيراني التقليدي من بعض مفاصل القرار في دمشق.

رسائل العراق من الاجتماع مع زعيم شيعة سوريا

ويرى مراقبون أن اللقاء حمل أيضاً رسائل موجهة إلى بعض القوى الشيعية في الداخل العراقي، والتي تبدي تحفظاً على التقارب مع السلطات السورية الجديدة.

فالحكومة العراقية، كما تشير مصادر مطلعة، تسعى إلى طمأنة هذه الأطراف بأن أي انفتاح على دمشق لن يكون على حساب الطائفة الشيعية، بل بهدف حماية مصالحها وضمان تمثيلها في خارطة الحكم القادمة.

ويشير محللون إلى أن بغداد بدأت تعتمد خطاباً جديداً يُبرز دورها الإقليمي كحامٍ للتوازنات الطائفية في المنطقة، مستفيدة من الفجوة التي خلفها تراجع النفوذ الإيراني في بعض المواقع، وتزايد الضغوط الدولية على طهران بسبب ملفها النووي وسياساتها الإقليمية.

العراق وحكومة سوريا الجديدة

التحركات العراقية تتزامن مع جهود متواصلة لإعادة فتح قنوات التنسيق مع النظام السوري الانتقالي برئاسة أحمد الشرع، وقد وجه السوداني دعوة رسمية للشرع لحضور القمة العربية المقبلة في بغداد، وهي دعوة وُصفت بأنها رمزية وتحمل دلالات سياسية كبيرة، خصوصاً وأنها الأولى من نوعها منذ التغيير في السلطة السورية.

مصادر سورية أكدت بحسب وسائل إعلام أن الشرع أعطى موافقة مبدئية على الحضور، في خطوة تُقرأ ضمن محاولات لتطبيع علاقات سوريا مع بعض الدول العربية، وفي مقدمتها العراق.

قلق من انفجار طائفي في سوريا

في سياق متصل، تزايدت المخاوف من انفجار طائفي جديد في سوريا، خاصة بعد أعمال عنف شهدتها مناطق الساحل السوري في مارس الماضي، راح ضحيتها أكثر من ألف شخص، معظمهم من أبناء الطائفة العلوية.

وتزامن ذلك مع فرض السلطات السورية الجديدة قيوداً مشددة على المقامات الشيعية، وعلى رأسها مقام السيدة زينب في دمشق، وسط اتهامات بمحاولة تقليص الحضور الشيعي في الحياة العامة.

وبحسب مصادر عراقية، فإن الحكومة تسعى عبر علاقاتها الدينية والسياسية إلى ترسيخ نفوذها في مناطق الأقليات، معتمدة على خطاب يزاوج بين الحفاظ على التعايش الديني والدفاع عن المكونات الشيعية والعلوية.

ووفق مراقبون فإن التحرك الأخير من حكومة بغداد يطرح تساؤلا حول هل يمهد العراق، من بوابة الدين والسياسة، لخلافة إيران كلاعب رئيسي في سوريا؟ أم أن هذا الدور سيبقى محصوراً في الجانب الرمزي دون تأثير استراتيجي فعلي؟

الإجابة رهن بما ستشهده الأسابيع القادمة من تطورات ميدانية وسياسية على الساحة السورية والعراقية معاً.

اقرأ أيضا

بعد تقارب حفتر وماكرون.. دول الساحل تحذر من مخطط فرنسا للعودة عبر بوابة ليبيا

نسخ الرابط تم نسخ الرابط