نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إيران وسياسة تبديد مخاوف روسيا والصين على طريق التوافق مع أميركا - تكنو بلس, اليوم الأربعاء 23 أبريل 2025 05:58 صباحاً
في أعقاب زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لروسيا، وتسليمه رسالة خطية من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتحديداً قبيل انطلاق الجولة الثانية من المحادثات بين إيران والولايات المتحدة في العاصمة الإيطالية روما، أثير تساؤل مهم: ما الذي تضمنته هذه الرسالة؟
أعلن السفير الإيراني لدى موسكو كاظم جلالي أن طهران طمأنت موسكو في الرسالة إلى أن الاتفاق المحتمل مع واشنطن لن يُغيّر شيئاً من العلاقات الجيدة القائمة بين البلدين. وفي الإطار ذاته، يقوم عراقجي بزيارة لبكين لتبديد هواجسها.
ويُظهر هذا الحراك الديبلوماسي أن طهران وواشنطن اقتربتا من التفاهم بشأن الإطار العام للاتفاق. وفي هذا السياق، صرّح وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي، بوصفه الوسيط والمضيف للمحادثات، بأن المباحثات تسير بوتيرة أفضل من المتوقع. وتعمل الجمهورية الإسلامية داخلياً على تبديد المخاوف، وخفض نسبة المعارضة، وتذليل العقبات التي قد تعترض مسار التفاوض.
أما النواب الإيرانيون المتشددون، فقد التزموا خلال الأسبوع الأخير إما الصمت، أو أدلوا بتصريحات تُواكب مجريات المحادثات. وحتى أئمة صلاة الجمعة في إيران، الذين كانوا قبل شهرين يعارضون المفاوضات مع واشنطن، استندوا في خطبهم الأسبوع الماضي إلى آيات قرآنية وروايات دينية تدعو إلى الحوار والتسامح، معتبرين ذلك في مصلحة الأمة الإسلامية.
هل اقتربت إيران وأميركا من الاتفاق؟ (ا ف ب)
ويعكس الاتفاق بين طهران وواشنطن على عقد جلسة لخبراء الجانبين يوم السبت (بعدما كانت مقررة الأربعاء)، أن كبار مسؤولي البلدين توصّلوا خلال جولتي المباحثات في مسقط وروما إلى تفاهم بشأن الخطوط العريضة، التي باتت بحاجة إلى مزيد من النقاش والدراسة.
وتفيد بعض المصادر بأن واشنطن وافقت على السماح لإيران بالتخصيب بنسبة 3.7% ضمن أنشطتها النووية السلمية، فيما تشير تقارير إلى أن طهران اقترحت على واشنطن الاستثمار في الصناعات النووية الإيرانية، في خطوة تهدف إلى تبديد المخاوف الأميركية من حيازة القنبلة النووية، وانتزاع الذريعة من يد واشنطن للانسحاب مجدداً من الاتفاق.
في الوقت ذاته، طالبت إيران برفع العقوبات وتطبيع العلاقات التجارية والمالية مع العالم، واستقطاب الاستثمارات في قطاعات النفط والغاز والكهرباء. وتأتي المشاورات التي تجريها طهران مع موسكو وبكين – بوصفهما الحليفين الأساسيين لها في النظام الدولي – في سياق الاستعداد لمواجهة مرحلة ما بعد التوصل إلى اتفاق، لا سيما حين يُفتح الملف الإيراني في مجلس الأمن بعد شهرين لتقييم مدى التزام طهران بخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي).
يُذكر أن روسيا والصين قد وقّعتا اتفاقيات استراتيجية مع إيران لمدة 25 عاماً، وتمتلكان حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، ما يجعل دورهما أساسياً ليس فقط في مواكبة المحادثات، بل أيضاً في تخفيف الضغوط الأوروبية والأميركية، والحيلولة دون تفعيل "آلية الزناد" التي تقضي بإعادة فرض العقوبات الأممية على طهران تلقائياً.
وتتمثل نقطة أخرى بالغة الأهمية في ما تتداوله بعض التقارير والتحليلات غير الرسمية من أن الولايات المتحدة تسعى، من خلال الاتفاق مع إيران، إلى تحقيق هدف اقتصادي أوسع في الشرق الأوسط، يتمثل بفتح سوق كبيرة أمام الاقتصاد الأميركي، الذي عانى التراجع خلال السنوات الماضية بسبب الطموحات السياسية والعسكرية لواشنطن. وكانت إيران – بطبيعة الحال – العقبة الكبرى أمام هذا الطموح.
وإذا ما توصلت أميركا إلى اتفاق مع إيران، فإنها ستتمكن من تمهيد الطريق أمام المستثمرين ورجال الأعمال الأميركيين لدخول السوق الإيرانية، وهو ما من شأنه أن يُلحق ضرراً مباشراً بالمصالح الاقتصادية لكل من روسيا والصين. ومن الطبيعي أن تكون موسكو – ولا سيما بكين التي تخوض حرباً تجارية مع واشنطن – قلقة من تبعات هذا المشروع المحتمل.
أما إيران، التي تراعي مصالح حليفيها الروسي والصيني، فقد توصّلت بعد سنوات من الصراع والتجاذبات مع أميركا إلى قناعة مفادها أن سياسة "التحوّل شرقاً" لا يمكنها بمفردها أن تحقق مصالحها، بل إن التعاون مع الشرق لا يكون فاعلاً إلا إذا اقترن بسياسة انفتاح على الغرب، وفي مقدّمه الولايات المتحدة.
ومع ذلك، لا بد من التذكير بأنه، وعلى الرغم من أجواء التفاؤل التي تسود بشأن الاتفاق المحتمل، لا تزال هناك عوامل تهدّد هذا المسار، خصوصاً من جانب إسرائيل التي ترى في هذا الاتفاق تهديداً مباشراً لمصالحها وأمنها. وتُعدّ هذه المخاوف جادة إلى درجة دفعت ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى دعوة غير مسبوقة لدول العالم، من أجل التكاتف لردع إسرائيل عن إشعال فتيل الحرب ضد إيران – وهو الموقف الذي لقي ترحيباً واسعاً في طهران.
0 تعليق