كتب .. مصطفى محمود

فجر تحقيق استقصائي أعدّته هيئة البث الإسرائيلية مفاجأة من العيار الثقيل، بعدما كشف أن "النفق المتطور" الذي رُوّج له مؤخراً في وسائل إعلام إسرائيلية على أنه يهدد الأمن القومي على محور فيلادلفيا الحدودي بين غزة ومصر، ليس سوى خندق ضحل مغطى بالتراب، لا يتعدى عمقه متراً واحداً.

وأتى التحقيق الذي بثّه برنامج "في الوقت الحقيقي"، وسط احتدام النقاش داخل الأوساط السياسية والأمنية في إسرائيل حول أهمية السيطرة على محور فيلادلفيا، في ظل تعثر مفاوضات تبادل الرهائن بين تل أبيب وحركة حماس.

وفي تصريحات لافتة خلال التحقيق، قلّل وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت من أهمية "النفق المزعوم"، قائلاً: "ما لا يراه الجمهور هو أن هذا النفق ليس بعمق 20 أو 30 متراً، بل متر واحد فقط... هو مجرد ممر مغطى يشبه المرور تحت طريق سريع. صورة واحدة فقط أُخذت من زاوية معينة أثارت ضجة لا تستند إلى الواقع".

واتهم غالانت وسائل الإعلام الإسرائيلية بـالتهويل المتعمد الذي ضلل الرأي العام، مؤكداً أن الحملة الإعلامية ساهمت في تضخيم التهديد بشكل يخدم أجندات سياسية وأمنية.

وأشار التحقيق إلى أن صورة سيارة داخل ما قيل إنه "نفق" استُخدمت كأداة بصرية لتأكيد وجود تهديد، رغم أن ما أظهرت لم يكن سوى قناة أرضية مغطاة بطبقة ترابية بسيطة، بعيدة تماماً عن الأنفاق العسكرية المعقدة التي بنتها فصائل المقاومة الفلسطينية داخل قطاع غزة.

كما لفت التقرير إلى أن هذه المبالغات الإعلامية قد تكون مرتبطة بسعي بعض الأطراف السياسية في إسرائيل لتعطيل مسار مفاوضات تبادل الأسرى، وإطالة أمد الحرب في القطاع.

وتُوجه أصابع الاتهام في الداخل الإسرائيلي بشكل متزايد إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يتهمه خصومه باستغلال الملف الأمني والعمليات العسكرية لضمان بقائه في الحكم، رغم تصاعد الضغوط الداخلية والدولية لوقف الحرب وإبرام صفقة تبادل الرهائن.