أميركا في فخّ السندات: حين يتحوّل الملاذ الآمن إلى مصدر قلق عالمي - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أميركا في فخّ السندات: حين يتحوّل الملاذ الآمن إلى مصدر قلق عالمي - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 22 أبريل 2025 07:08 صباحاً

من نيويورك إلى طوكيو، ومن بورصات لندن إلى أسواق الخليج، يسود القلق. السندات الأميركية، التي لطالما كانت مرادفاً للثقة المطلقة، باتت اليوم في عين العاصفة. عوائدها ترتفع، والدولار يتراجع، والمستثمرون يهربون وكأن النظام المالي العالمي فقد بوصلته. فهل نحن أمام أزمة عابرة، أم نشهد سقوط التاج الأميركي الورقي؟

 

العوائد ترتفع… فهل هذا خبر جيد؟
عندما ترتفع عوائد السندات الأميركية، يُفترض أن يكون ذلك إشارة إلى ازدهار الاقتصاد وقوة الطلب على التمويل. لكن هذه المرة، الصورة مقلوبة.
الأسواق لا تُكافئ أميركا، بل تُعاقبها. المستثمرون باتوا يطلبون عوائد أعلى فقط لأنهم لم يعودوا واثقين بأن واشنطن ستسدّد التزاماتها كما فعلت طوال عقود. السياسة تتقلب، والخطاب الاقتصادي يتجه إلى الانغلاق، وحجم الدين لم يعد مجرد رقم… بل فزّاعة تهدّد النظام المالي العالمي بأكمله.

 

ديون تتضخم… وثقة تتآكل
الولايات المتحدة لم تعد فقط الدولة الأكثر اقتراضاً في العالم، بل أصبحت تدفع اليوم أكثر من تريليون دولار سنوياً فوائد على ديونها. ومع اقتراب إعادة تمويل 8 تريليونات دولار من السندات، وإصدار تريليوني دولار أخرى لتمويل العجز، فإن البيت الأبيض يواجه لحظة الحقيقة، في أسواق يبلغ حجمها 8.5 تريليونات دولار أميركي، وهو ما يمثل 23.5% تقريباً من إجمالي الدين الأميركي.

كيف ستموّل هذه الفاتورة؟ ومن سيشتري هذه الديون في عالم يتراجع فيه الطلب على الأصول الأميركية؟

هروب جماعي… ومفارقة الدولار
في لحظة نادرة، يُباع كل شيء في أميركا: الأسهم، السندات، وحتى الدولار.
الصين – التي كانت يوماً ثاني أكبر مموّل للدين الأميركي – خفضت حيازتها إلى 760.8 مليار دولار، واليابان على الطريق ذاته. من المملكة المتحدة إلى السعودية، تعيد الدول تقييم احتياطاتها، و"الذهب الورقي" لم يعد مغرياً كما كان.
الأغرب؟ الدولار لا يستفيد من هذا الهروب، رغم ارتفاع العوائد، وهذه مفارقة خطيرة. فالمستثمر، حين يرى ارتفاعاً في العوائد مصحوباً بهبوط في العملة، يدرك أنه لا يربح شيئاً، بل يخسر الثقة، ويهرب… بصمت.

 

العالم يتألم… بصوت منخفض
أغلب دول العالم – خصوصاً الأسواق الناشئة – تحتفظ بجزء من احتياطاتها في سندات أميركية. هذه السندات كانت تُعدّ أصولاً شبه نقدية.
لكن اليوم، ومع ارتفاع العوائد، تراجعت القيمة السوقية لهذه الأصول. والنتيجة؟
    
تآكل احتياطيات النقد الأجنبي.
    
تجمّد تمويل المشروعات.
    
ارتفاع تكلفة الاقتراض.
بل إن بعض البنوك المركزية في الشرق الأوسط وآسيا بدأت التفكير جدياً في تنويع أصولها، والابتعاد التدريجي عن سندات الخزانة الأميركية. وهذا ما جعل الذهب يلمع بريقاً سعراً وفكرةً للبنوك والأفراد في كل مكان.

 

البيت الأبيض… في مواجهة عاصفة الصناديق
المشكلة اليوم ليست فقط في السياسة، بل في التوقيت. فالاقتصاد الأميركي يعاني من التضخم، والفيديرالي الأميركي توقف عن خفض الفائدة وخوف التضخم قد يعني شكوك رفع الفائدة، والشركات الكبرى بدأت تشهد تراجعاً في الأرباح، والركود يلوح في الأفق.

وسط كل ذلك، تُجبر وزارة الخزانة على طرح المزيد من السندات… في وقت لم تعد فيه الأسواق متعطشة لها.
النتيجة؟ ارتفاع أكبر في العوائد. ومعه، تضخم في الفاتورة. ومعه، ضغط سياسي داخلي. ومعه، خوف عالمي من أزمة سيولة قد تنفجر في لحظة غير محسوبة.

 

أميركا تتأرجح فوق جسر الدين
لطالما بنت أميركا عظمتها على أساس بسيط: الثقة.
لكن عندما تهتز هذه الثقة، حتى ولو كان الاهتزاز خافتاً… فإن نظاماً بأكمله قد يتصدّع.

اليوم، لا أحد يجزم أن أميركا ستنهار مالياً. لكنها أيضاً لم تعد قادرة على الادعاء أنها تمسك بزمام كل شيء.
فإن كانت السندات الأميركية تتراجع، والدولار يفقد بريقه، والعالم يعيد ترتيب احتياطاته… فهل نعيش بداية النهاية لعصر الدولار؟ أم فقط نهاية الثقة المالية الأميركية؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق