في تطور غير مسبوق، اتخذت إسرائيل مؤخرًا سلسلة من الإجراءات ضد السلطة الفلسطينية وقياداتها، ما يشير إلى بداية تغييرات جوهرية في قواعد العلاقة التي قامت بين الجانبين منذ تأسيس السلطة قبل أكثر من ثلاثة عقود.

وبرزت مخاوف فلسطينية من أن هذه الخطوات قد تكون مقدمة لخطوات أكثر خطورة تهدد وجود السلطة نفسها، وربما تقوض فرص قيام دولة فلسطينية مستقبلية.

اقتطاعات مالية غير مسبوقة من أموال السلطة الفلسطينية

بحسب وسائل إعلام فإن أبرز الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في الأشهر الأخيرة، تكثيف الاقتطاعات المالية من الإيرادات الجمركية التي تجبيها السلطة.

ففي حين كانت إسرائيل تقتطع عادة نسبة كبيرة من هذه الإيرادات، فإنها في الشهر الأخير قامت باقتطاع أكثر من الثلثين، مما جعل السلطة الفلسطينية غير قادرة على تغطية نصف نفقاتها التشغيلية.

قيود على حركة الرئيس والمسؤولين الفلسطينيين

إلى جانب الإجراءات المالية، فرضت إسرائيل قيودًا جديدة على حركة الرئيس الفلسطيني محمود عباس وكبار المسؤولين الفلسطينيين. فقد منعت المروحيات الأردنية من الهبوط في رام الله لنقل الرئيس عباس إلى عمان للقيام بزيارة رسمية إلى سوريا.

كما منعت رئيس الحكومة الفلسطينية، محمد مصطفى، من القيام بجولة على القرى الفلسطينية التي تعرضت لاعتداءات متكررة من المستوطنين الإسرائيليين.

كما تم محاولة تفتيش موكب سيارات الرئيس عباس أثناء عودته من عمان، مما يعكس تغييرات غير مسبوقة في طريقة تعامل إسرائيل مع قيادة السلطة الفلسطينية.

تغييرات ميدانية وإجراءات ضم للضفة الغربية

بحسب تقارير فقد واكبت هذه الإجراءات تغييرات على الأرض، وصفها بعض المراقبين بأنها “إجراءات ضم للضفة الغربية”.

ورصدت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية نقل المسؤولية عن المستوطنات في الضفة الغربية من الجيش الإسرائيلي إلى إدارة خاصة في وزارة الدفاع، يشرف عليها وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموترتش.

وتشير التقارير إلى أن عدد خطط التوسع الاستيطاني الجديدة في الشهور الثلاثة الأولى من العام الحالي بلغ أكثر من 15 ألف خطة.

كما تم سن قوانين جديدة تشمل إقامة مشاريع بنية تحتية ضخمة مثل محطات الطاقة الشمسية وشق الطرق التي تربط شمال إسرائيل بجنوبها عبر الضفة الغربية، مما يعزز عملية ضم الأراضي الفلسطينية بشكل تدريجي.

رسائل إسرائيلية غير مشفرة لـ السلطة الفلسطينية

ونقلت وسال إعلام عن مسؤولين فلسطينيين مطلعين على الملف، إن الرسائل القادمة من الجانب الإسرائيلي تشير إلى أن قواعد العلاقة قد تغيرت بشكل جذري بعد السابع من أكتوبر 2023. فقد أصبح المسؤولون الإسرائيليون يرون في السلطة الفلسطينية تهديدًا وجوديًا بسبب انضمامها إلى المحكمة الجنائية الدولية، وسعيها للحصول على الاعتراف الدولي بدولة فلسطين على حدود عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية.

وتعكس هذه التغيرات بروز اتجاهات جديدة في الحكومة الإسرائيلية، خاصة في أحزاب الائتلاف الحاكم مثل “الليكود” و”الصهيونية الدينية”، التي ترى أن السلطة تشكل خطرًا سياسيًا وقانونيًا على إسرائيل.

ويدعو البعض إلى التخلص منها وتحويلها إلى سلطات محلية، وهو ما يمكن أن يمثل خطوة نحو تفكيك السلطة الفلسطينية بشكل كامل.

توقعات العلاقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية

في ضوء هذه التطورات، لا يستبعد المسؤولون الفلسطينيون أن تقوم إسرائيل باتخاذ إجراءات إضافية في المستقبل تهدف إلى تفكيك السلطة الفلسطينية وتحويلها إلى سلطات محلية، وهو ما يتماشى مع سياسات بعض الأحزاب الإسرائيلية المتطرفة.

وعلى الرغم من هذه التحديات المتزايدة، فإن السلطة الفلسطينية لا تزال تحافظ على تنسيق أمني مع إسرائيل، وهو ما يبقى عاملًا مهمًا في العلاقات بين الجانبين.

ومع ذلك، يبدو أن إسرائيل بدأت في اتباع سياسات جديدة تهدف إلى تقليص دور السلطة بشكل تدريجي، مما يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين الطرفين في المرحلة المقبلة.

اقرأ أيضا

وسط صمت دولي.. إسرائيل تستغل الحرب على غزة لفرض سيادتها بالضفة الغربية

نسخ الرابط تم نسخ الرابط