القاهرة (خاص عن مصر)- تبدأ يوم الاثنين معركة قانونية محورية في المحكمة الجزئية الأمريكية بواشنطن، حيث ستواجه الحكومة الأمريكية وعملاق البحث جوجل في محاكمة شديدة الخطورة تتعلق بمكافحة الاحتكار.

تتمثل القضية الأساسية في كيفية إصلاح احتكار عملاق التكنولوجيا للبحث الإلكتروني – وهي مسألة قد تكون لها آثار بعيدة المدى ليس فقط على جوجل، بل على قطاع التكنولوجيا ككل.

حكم تاريخي.. خطوة نحو تفكيك عملاق البحث جوجل؟

في حكمٍ تاريخي صدر عام 2023، أعلن القاضي الفيدرالي أميت ب. ميهتا أن عملاق البحث جوجل قد هيمنت بشكل غير قانوني على سوق البحث الإلكتروني، مما عزز قبضتها الاحتكارية على هذا القطاع.

على خلفية هذا الحكم، تتجه المحكمة الآن إلى السؤال المُلحّ حول كيفية استعادة المنافسة. وستشهد جلسة الاستماع القادمة، التي تستمر ثلاثة أسابيع، عرض كلا الجانبين قضيتهما بشأن الحلول المُحتملة، حيث تدعو وزارة العدل إلى اتخاذ تدابير صارمة، بما في ذلك إجبار جوجل على بيع متصفح كروم.

تُمثل هذه القضية مواجهة قانونية مهمة، حيث يتوقع الخبراء أن تُعيد نتيجتها رسم ملامح الشركة التي تبلغ قيمتها 1.86 تريليون دولار. وفي ظلّ تدقيق الجهات التنظيمية المتزايد، قد لا تؤثر نتائج هذه القضية على هيكل الشركة فحسب، بل على قطاع التكنولوجيا بأكمله، لا سيما مع تحوّل هذا القطاع نحو عصر يهيمن عليه الذكاء الاصطناعي.

النهج الحكومي العدواني

تُعدّ مقترحات وزارة العدل شاملة، وتهدف إلى تفكيك هيمنة جوجل الواسعة في مجال البحث. ويتمثل الهدف الرئيسي للحكومة في إجبار جوجل على فصل متصفح كروم، وهو جزء أساسي من البنية التحتية للبحث في الشركة، ووقف الصفقات المربحة التي تضمن تثبيت محرك البحث الخاص بها مسبقًا على الهواتف الذكية ومتصفحات الويب.

بالإضافة إلى ذلك، تضغط الحكومة على جوجل لمشاركة بيانات مهمة مع منافسيها، مما يُمكّن منافسين مثل بينج ودك دك جو من مايكروسوفت من تحسين عروض البحث الخاصة بهم.

أثارت هذه المقترحات انتقادات، حيث جادلت جوجل ومؤيدوها بأن مثل هذه الإجراءات الجذرية قد تضرّ بالمستهلكين والابتكار على حد سواء.

أكدت جوجل أن هيمنتها على سوق البحث تعود إلى جودة منتجاتها والاتفاقيات الطوعية التي تبرمها مع شركاء مثل آبل وموزيلا. وقد طلبت الشركة من القاضي ميهتا فرض قيود أكثر اعتدالاً، مثل السماح لهذه الشركات بإعادة تقييم اتفاقيات محركات البحث الافتراضية الخاصة بها دورياً.

مخاطر وادي السيليكون وما بعده

لا يُمثل التفكك المحتمل لشركة جوجل اختباراً رئيسياً لإنفاذ الحكومة الأمريكية لقوانين مكافحة الاحتكار فحسب، بل يُمثل أيضاً لحظة محورية لوادي السيليكون.

فمع تزايد المنافسة من الأدوات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، فإن أي قيود تُفرض على جوجل قد تُضعف قدرتها على منافسة شركات مثل OpenAI وMicrosoft وMeta. وقد تُشكل نتيجة هذه القضية سابقة في كيفية تنظيم شركات التكنولوجيا العملاقة في المستقبل، لا سيما مع استمرار ثورة الذكاء الاصطناعي في التطور.

في سياق أوسع، قد تؤثر القضية على شركات تكنولوجيا عملاقة أخرى. فقد اتخذت وزارة العدل الأمريكية إجراءات عدة ضد جوجل في السنوات الأخيرة، متهمةً إياها بممارسات احتكارية.

بالإضافة إلى معركة جوجل المستمرة، تخوض ميتا أيضًا محاكمةً رفيعة المستوى في قضايا مكافحة الاحتكار، بينما تواجه أمازون تدقيقًا قانونيًا بزعم إساءة معاملة الشركات الصغيرة على منصتها.

يشهد المشهد القانوني لشركات التكنولوجيا تغيرًا سريعًا، وقد يؤثر قرار القاضي ميهتا بشكل كبير على كيفية التعامل مع القضايا المستقبلية.

اقرأ أيضًا: الهجوم على زوكربيرج.. هل يسمح ترامب بتفكيك إمبراطورية ميتا؟

دفاع جوجل: حماية نموذج أعمالها

يستند دفاع جوجل إلى حجة أن ممارساتها مشروعة ومفيدة للمستهلكين. ويؤكد الفريق القانوني للشركة أن المكانة العالية لمحرك بحثها على الأجهزة والمتصفحات مدفوعة بمنتجها المتفوق، الذي يختاره المستخدمون طواعيةً.

كما تؤكد جوجل أن تعاونها مع آبل وشركات أخرى يعود بالنفع على الطرفين، مما يخلق بيئة تنافسية تتيح لمنافسيها الابتكار.

كما حذرت جوجل من أن مقترحات وزارة العدل قد تعيق التقدم التكنولوجي. وعلى وجه الخصوص، تُجادل جوجل بأن إجبارها على بيع كروم أو التخلي عن بيانات قيّمة من شأنه أن يُضعف قدرتها على الاستثمار في التقنيات المتطورة، مثل الذكاء الاصطناعي، والتي تُعدّ أساسية لنموها المستقبلي.

قرار قد يُغيّر شكل الإنترنت كما نعرفه

مع تطوّر المحاكمة، ستتجه الأنظار إلى قرار القاضي ميهتا، الذي قد تكون له عواقب وخيمة، ليس فقط على جوجل، بل على المشهد التكنولوجي بأكمله. إذا طُبّقت مقترحات الحكومة الجذرية، فقد يُحدث ذلك تحوّلاً جذرياً في كيفية وصول الناس إلى المعلومات عبر الإنترنت، مما قد يُدمّر البنية التحتية التي تُشغّل الإنترنت.

إن تداعيات هذه القضية هائلة، ويراقب خبراء، مثل أستاذة القانون ريبيكا هاو ألينسوورث من جامعة فاندربيلت، الإجراءات عن كثب. وقالت ألينسوورث: “لقد كانت وزارة العدل شديدة الصرامة في مطالبها. لقد طالبت بأقصى درجات الصرامة”.

ستحدد المحاكمة، التي من المتوقع أن تشهد شهادات من كبار المسؤولين التنفيذيين في جوجل، بمن فيهم الرئيس التنفيذي سوندار بيتشاي، ما إذا كان من الممكن الحد من هيمنة جوجل على محركات البحث دون المساس بقدرة الشركة على الابتكار. وقد تكون النتائج بمثابة نقلة نوعية لوادي السيليكون.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط