في خطوة استراتيجية بالغة الأهمية، وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكومة المصرية باتخاذ قرار نوعي يتمثل في توحيد الرسوم الحكومية التي كانت تفرضها جهات متعددة على المستثمرين، واستبدالها بضريبة موحدة تُحسب على أساس صافي الأرباح. يأتي هذا التوجه في إطار رؤية الدولة لإصلاح بيئة الأعمال وتعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على النمو المستدام، وتحقيق العدالة الضريبية، وتهيئة المناخ المناسب لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.

ويُعد قرار توحيد الرسوم الحكومية من القرارات الجوهرية التي تسعى إلى تقليل التعقيدات الإجرائية والمالية، وتحفيز النشاط الاقتصادي على مختلف الأصعدة، لاسيما في القطاعات الإنتاجية والتصديرية، مع تعزيز الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، ورفع كفاءة الأداء الضريبي.

وقد جاء القرار خلال اجتماع الرئيس مع عدد من الوزراء والمسؤولين المعنيين بالملف الاقتصادي، حيث تم عرض حزمة من الإجراءات المرتقبة لتحسين مناخ الاستثمار، أبرزها إنشاء منصة موحدة للكيانات الاقتصادية، وتسريع الإفراج الجمركي، ودعم الصناعات التصديرية، وتفعيل دور صندوق مصر السيادي.

وفيما يلي نستعرض 10 فوائد رئيسية تعود على الاقتصاد المصري من هذا القرار، وفقًا لما أُعلن من بيانات رسمية وتصريحات ممثلي القطاع التجاري والمستثمرين:

1. تحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي

يُعد توحيد الرسوم الحكومية أحد العوامل الحاسمة في تحسين بيئة الأعمال في مصر. حيث يخلق النظام الموحد للضرائب وضوحًا واستقرارًا تشريعيًا، ما يُشجع المستثمرين الأجانب على ضخ رؤوس أموالهم في السوق المصرية. كما يرفع هذا التوجه من ثقة المستثمر المحلي ويحفزه على التوسع وإطلاق مشروعات جديدة، في ظل شفافية الإجراءات ووضوح التكاليف الضريبية.

2. تبسيط الإجراءات وتقليل البيروقراطية

يسهم قرار توحيد الرسوم الحكومية في القضاء على التكرار والازدواج الضريبي الناتج عن تعدد الجهات التي تفرض الرسوم، ويقلل من الإجراءات المعقدة التي كانت ترهق المستثمرين. كما أن إطلاق منصة موحدة للكيانات الاقتصادية سيضمن سهولة الإجراءات، وسرعة الحصول على الخدمات الحكومية، وتقليل زمن التراخيص والاعتمادات.

3. خفض التكاليف التشغيلية للمشروعات

كانت الرسوم المتناثرة التي تُفرض من جهات مختلفة تُمثل عبئًا ماليًا كبيرًا على الكيانات الاقتصادية، وخاصة المشروعات الصناعية. ويأتي قرار توحيد الرسوم الحكومية ليخفف هذا العبء، ويُسهّل على الشركات إعادة توزيع مواردها على الأنشطة الإنتاجية والتوسع في السوق، بدلًا من استنزافها في رسوم غير منسقة.

4. تشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة

الشركات الصغيرة والمتوسطة كانت أكثر تأثرًا بفوضى الرسوم وتعدد مصادر التحصيل. ومع تطبيق الضريبة الموحدة على صافي الأرباح، تحقق الدولة عدالة ضريبية فعلية، ما يمنح هذه الشركات فرصة أكبر للنمو والاستمرارية، ويحفز رواد الأعمال على دخول السوق دون خوف من المفاجآت المالية أو الغرامات غير المتوقعة.

5. دعم التنافسية في مجال التصدير

أكد العديد من ممثلي الغرف التجارية أن توحيد الرسوم الحكومية يعزز من قدرة الشركات المصدّرة على التسعير التنافسي، ويقلل من الأعباء المالية الثابتة، ما يمكنها من دخول أسواق خارجية جديدة. فالنظام الضريبي المستقر والواضح هو عنصر ضروري لزيادة تدفقات الصادرات وتحقيق الاستدامة في الأسواق الدولية.

6. تعزيز الثقة بين الدولة والقطاع الخاص

قرار توحيد الرسوم الحكومية يعكس التزام الدولة بإعادة ترتيب العلاقة مع المستثمرين على أسس عادلة وشفافة، كما يبعث برسائل إيجابية للمجتمع التجاري عن نية الحكومة في بناء شراكة حقيقية تُسهِم في تحفيز النمو الاقتصادي. وهذه الثقة ستنعكس حتمًا في زيادة التفاعل بين القطاعين العام والخاص.

7. زيادة العائدات العامة بشكل مستدام

ربط الضريبة بصافي الأرباح الفعلية يعزز من عدالة النظام المالي، ويُتيح للدولة تحصيل إيرادات ضريبية مستقرة من الأنشطة الاقتصادية الناجحة، دون إرهاق المشروعات التي تعاني من الخسائر. ما يعني أن توحيد الرسوم الحكومية سيؤدي إلى نظام أكثر توازنًا وعدالة واستدامة في الموارد المالية.

8. تعجيل الإفراج الجمركي وتحسين كفاءة التجارة

تناول الاجتماع الرئاسي أيضًا الجهود الجارية لتقليل زمن الإفراج الجمركي من ثمانية أيام إلى ستة فقط، مع استمرار الخدمات الجمركية خلال العطلات، وتوفير إمكانية سداد الرسوم خارج ساعات عمل البنوك. هذه الإجراءات، إلى جانب توحيد الرسوم الحكومية، من شأنها رفع كفاءة سلسلة الإمداد وتحسين مناخ التجارة.

9. دعم برنامج الطروحات الحكومية

يتماشى القرار مع جهود صندوق مصر السيادي لتعظيم عوائد الأصول المملوكة للدولة، وتوسيع قاعدة الشراكات مع القطاع الخاص. إذ يُسهم مناخ الأعمال المبسّط في جذب مزيد من المستثمرين لبرنامج الطروحات الحكومية، ما يُعزّز من كفاءة إدارة الأصول العامة، ويزيد من فرص التوسع الاقتصادي.

10. تحقيق مستهدفات الدولة في التصدير بحلول 2030

أوضح الرئيس السيسي أن من ضمن أهداف البرنامج الجديد لرد أعباء التصدير، هو تحقيق مستهدفات الدولة في زيادة الصادرات حتى عام 2030. ويأتي قرار توحيد الرسوم الحكومية كأحد المفاتيح الرئيسية لخلق بيئة استثمارية محفّزة، تعتمد على ضرائب عادلة، وإجراءات واضحة، ودعم مباشر لجهود الإنتاج والتوسع.

بداية جديدة لبيئة أعمال أكثر تنافسية

تمثل خطوة توحيد الرسوم الحكومية نقلة نوعية في مسار الإصلاح الاقتصادي المصري، وتعكس إرادة سياسية واضحة لتحسين مناخ الأعمال، وزيادة مساهمة القطاع الخاص في النمو الاقتصادي، وتعزيز تنافسية الصادرات، ورفع كفاءة الموارد العامة. وهي بداية حقيقية لمسار جديد يعتمد على العدالة، الشفافية، والشراكة، ويمنح الاقتصاد الوطني دفعة قوية نحو التعافي والنمو المستدام.