لعشاق الفلك ومراقبة النجوم، استعدوا لظاهرة سماوية نادرة ومزدوجة في شهر أبريل الحالي. وفقا لما أعلنته وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، ستشهد السماء نشاطا متزامنا لزختين شهابيتين متميزتين: زخة شهب القيثريات وزخة شهب الإيتاويات الدلويات.

وعلى الرغم من أن هاتين الزختين ليستا بنفس شهرة زخة شهب البرشاويات التي تضيء سماء أغسطس، إلا أن هذا التداخل الزمني القصير بينهما قد يوفر عرضا سماويا خلابا للمهتمين بمراقبة النجوم. فمن المتوقع أن يصل عدد الشهب المتساقطة إلى حوالي مائة شهاب في الساعة خلال أوقات الذروة.

أما عن أفضل أوقات للمشاهدة، فهي قبيل بزوغ الفجر مباشرة، وذلك خلال الفترة الممتدة من العشرين وحتى السادس والعشرين من شهر أبريل. وفي التقرير التالي، نستعرض معكم أهم المعلومات عن زخة شهب القيثاريات، موعدها ونصائح مهمة لمشاهدتها بشكل أفضل. بالإضافة إلى حقائق تتعلق بنشأتها وأسباب حدوثها.

ستكون زخة شهب القيثاريات نشطة في الفترة ما بين السابع عشر والسادس والعشرين من شهر أبريل، وستبلغ ذروة نشاطها خلال الساعات الأولى من صباح يومي الحادي والعشرين والثاني والعشرين من أبريل.

وتشتهر هذه الزخة بإنتاجها لشهب سريعة الحركة، وقد تشمل أحيانا كرات نارية لامعة، وتعتبر من أقدم الزخات الشهابية التي تم تسجيلها، حيث يعود تاريخ رصدها إلى أكثر من ألفين وسبعمائة عام.

في المقابل، ستبدأ زخة شهب الإيتاويات الدلويات نشاطها في العشرين من أبريل، وتستمر حتى الحادي والعشرين من شهر مايو، وستصل إلى ذروتها في الثالث والرابع من شهر مايو.

وعلى الرغم من أن هذه الزخة تفضل عادة المشاهدين في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، إلا أن سكان النصف الشمالي قد يتمكنون من التقاط بعض اللمحات منها، خاصة خلال فترة التداخل القصيرة مع زخة القيثاريات.

توجه وكالة ناسا مجموعة نصائح لمشاهدة شهب القيثاريات من أجل الاستمتاع بهذا العرض السماوي. وفي السطور التالي، نستعرض معكم أبرزها:

موقع مميز وأدوات

تنصح ناسا بالتوجه إلى مواقع تتميز بسماء مظلمة وواسعة بعيدًا عن أضواء المدن الساطعة. كما يفضل اصطحاب بطانية أو كرسي مريح أو كيس نوم، وإعطاء العينين بعض الوقت للتكيف مع الظلام.

أفضل رؤية

توضح ناسا قائلة: "استلقِ على ظهرك بحيث يكون اتجاه قدميك نحو الشرق، ثم انظر إلى الأعلى وحاول استيعاب أكبر جزء ممكن من السماء. بعد حوالي ثلاثين دقيقة في الظلام، ستتكيف عيناك تدريجيا، وستبدأ في رؤية الشهب المتساقطة. تحلّ بالصبر، فالعرض سيستمر حتى الفجر، لذا سيكون لديك متسع من الوقت للاستمتاع بمشاهدة هذه الظاهرة الفريدة".

التوقيت المثالي

بالإضافة إلى ذلك، فإن غروب القمر سيساهم في تحسين ظروف مشاهدة زخة شهب القيثريات على وجه الخصوص. لذا، ينصح بمحاولة البدء في المراقبة قبيل شروق الشمس مباشرة للحصول على أفضل فرصة لمشاهدة كلتا الزختين الشهابيتين وهما في أوج نشاطهما.

تأتي ظاهرة شهب القيثارة في مقدمة الأحداث الفلكية المرتقبة خلال شهر أبريل، وهي زخة شهب سنوية يمكن الاعتماد عليها، تنطلق من كوكبة القيثارة. وفي السطور التالية، نستعرض معكم حقائق عن شهب القيثاريات.

ما هي الشهب؟

. في الماضي، كان يعتقد أن الشهب مجرد ظواهر جوية. ولهذا السبب تشترك كلمة "شهب" في أصلها اليوناني "meteoros" (مرتفع في الهواء) مع علم الأرصاد الجوية، الذي يدرس الطقس والظواهر الجوية.

. لم يدرك الباحثون حقيقة أن مواد قادمة من الفضاء يمكن أن تصطدم بالأرض إلا في منتصف القرن التاسع عشر، مما أدى إلى نشأة علم النيازك.

. اليوم، توصلنا إلى فهم أن تيارات الغبار التي تخلفها المذنبات هي المسؤولة عن ظهور الشهب. فعندما يتقاطع مدار الأرض مع تيار قديم من الغبار تركه مذنب ما، فإننا نشهد ظاهرة وابل الشهب.

. لهذا السبب يزداد معدل رؤية الشهب بعد منتصف الليل بالتوقيت المحلي، حيث إن الجزء من كوكب الأرض الذي نتواجد عليه يكون قد تحرك ليصبح في مسار هذا الوابل القادم من الفضاء.

ما هي شهب القيثاريات؟

. تقع نقطة إشعاع هذه الزخة بدقة على بعد ثماني درجات إلى الجنوب الغربي من النجم اللامع النسر الواقع، وتحديدا على الحدود الفاصلة بين كوكبتي القيثارة والجاثي.

. من المثير للاهتمام أن نقطة الإشعاع تقع على بعد خمس درجات فقط شمال ما يعرف بـ "قمة مسار الشمس"، وهو الاتجاه الذي يتحرك فيه نظامنا الشمسي حول مركز مجرة درب التبانة.

أسباب حدوث شهب القيثاريات

. تنشأ شهب القيثاريات من المذنب المعروف باسم C/1861 G1 تاتشر. يدور هذا المذنب حول الشمس في مدار يستغرق 415 عاما، وقد تمت رؤيته مرة واحدة فقط في العصر الحديث، وكان ذلك في عام 1861.

. في معظم السنوات، يمكن رؤية ما بين 15 إلى 20 شهابا من القيثاريات في الساعة الواحدة.

. تعرف هذه الزخة أيضا بإنتاج تدفقات كثيفة بشكل ثانوي، مثل تلك التي شوهدت في عامي 1803 و1922 عندما اقترب عدد الشهب المرئية من 100 شهاب في الساعة، وفي حدث أحدث، شهد عام 1982 تدفقا قصيرا وصل إلى 250 شهابًا في الساعة.

أفضل موعد لرؤيتها

. يضمن الاقتراب شديد الميل لهذه الزخة من مدار الأرض ظهور شهب بطيئة إلى متوسطة السرعة، وغالبا ما تبدأ رؤيتها قبل منتصف الليل المحلي، حيث ترتفع نقطة الإشعاع فوق الأفق الشمالي الشرقي حوالي الساعة العاشرة مساء.

. تشتهر شهب القيثاريات أيضا بإنتاجها للكرات النارية اللامعة. وتعود سجلات هذه الزخة إلى روايات صينية قديمة تعود إلى عام 687 قبل الميلاد.

في النهاية، يمكننا التأكيد على إن جمال سماء شهر أبريل لا يقتصر فقط على زخات الشهب، بل تتأهب الكرة الأرضية لاستقبال سلسلة من الظواهر الفلكية اللافتة التي ستزين لياليها.

يأتي أبرز هذه الظواهر في الخامس والعشرين من أبريل، يوم الجمعة، إذ يشهد الراصدون اصطفافا سماويا بديعا، حيث سيقترن القمر بكوكبي الزهرة وزحل في مشهد يطلق عليه البعض اسم "الوجه السماوي المبتسم"، وذلك لتشابه هذا الاقتران مع ملامح وجه ضاحك.

وفي السابع والعشرين من أبريل، يوم الأحد، ستكون الأنظار متجهة نحو ظهور "القمر العملاق الجديد" الذي سيضيء سماء الليل ببريقه الأخاذ.