نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لبنان والكنيسة في قلب الفاتيكان دائماً: سيرة نقطة مفصلية وعلاقة وثيقة - تكنو بلس, اليوم الجمعة 18 أبريل 2025 08:25 صباحاً
لم يغِب لبنان وأوجاعه عن صلاة البابا فرنسيس حتّى من على سريره في المستشفى الذي قضى فيه أكثر من شهر، كان يذكره ويدعو له بمستقبل أفضل لا حرب فيه ولا نزاعات بل سلام وأمن وأمان.
لطالما كان لبنان في صلب اهتمام الكرسي الرسولي، ولاقى لدى البابوات الذي تعاقبوا اهتماماً خاصّاً بهذا البلد الصغير على ساحل البحر الأبيض المتوسّط، وسط كل الأزمات والصراعات التي تعيشها هذه المنطقة. فهذه الأرض مقدّسة وكيف لا فيسوع الناصري زارها وباركها وأولى أعاجيبه كانت في بلاد الأرز، في بلدة قانا جنوب لبنان!
هذا الأسبوع، يحيي المسيحيّون بالتقويمَين الغربي والشرقي أسبوع الآلام، أسبوع تسليم يسوع وصلبه وقيامته. بالتزامن، أحيى اللبنانيون أيضاً ذكرى الحرب الأهلية في عامها الخمسين، يومَ "تحارب الآخرون على أرض لبنان"، فعانى ما عاناه مع شعبه من مجازر وقصف وقتل ودمار وجروح، بأمل يعيش عليه كل لبناني أن تُختم إلى الأبد!
إقرأ أيضاً - البابا من ساحة الفاتيكان: لنتذكر لبنان
كان لبابا الفاتيكان كلمة صادقة في هذه الذكرى التي صادفت نهار الأحد 13 نيسان/أبريل، فيه أطّل على الحشود لفترة وجيزة في ساحة الفاتيكان وقال: (...) "لنتذكّر أيضاً لبنان الذي اندلعت فيه الحرب الأهلية لخمسين سنة خلت، لكي يتمكّن، بمعونة الله، من أن يعيش في سلام وازدهار".
على مثال درب جلجلة يسوع المسيح، يعيش لبنان جلجلة خاصّة تخرقها نعمة قدّيسيه الذين انتشروا في أقاصي العالم، فكانوا سفراء الكنيسة المارونية حاملين سلام هذه الأرض ورسالتها رغم كل المآسي والصعاب. وبين هذه الكنيسة التي تجاوز عمرها الـ1400 سنة والكرسي الرسولي علاقة وطيدة تأسّست منذ سنوات طويلة لتترسّخ أكثر فأكثر اليوم...
البابا فرنسيس يقبّل العلم اللبناني. (وكالات)
علاقة تاريخية...
في العودة إلى الجذور، أسّس الكنيسة المارونية أتباع القديس مارون، الناسك الذي عاش في جبال قوروش في سوريا في القرن الرابع وتوفّي حوالى سنة 410، وقد انتقل تلاميذه إلى لبنان ليُبشّروا بالإيمان المسيحي، فبنوا مداميك أديارها في صخور وادي قنوبين ووديان جبال لبنان.
يُعدّ انتخاب يوحنا مارون بطريركاً قرابة سنة 686 نقطة تحوّل مفصلية في تاريخ الكنيسة المارونية، إذ شكّل هذا الحدث الإعلان الفعلي لاستقلالها الكنسي عن بطريركية أنطاكيا. مع هذا التعيين، أصبح للموارنة بطريركهم الخاص، ما أسّس لانطلاقة كيان كنسي مستقل يتميّز بعقيدته وتنظيمه وهويته الروحية.
هي واحدة من الكنائس الكاثوليكية الشرقية الـ23 التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالكنيسة الكاثوليكية الرومانية فتتبع الكرسي الرسولي وتقر بسيادة البابا في المسائل العقائدية والتنظيمية لكنّها تحتفظ بطقسها الليتورجي الخاص، الطقس الأنطاكي السرياني.
اجتازت العلاقة بين الكنيسة وكرسي بطرس مراحل عدّة ومحطّات أساسية، فتأسّس مسارها قبل ولادة لبنان إلى قيام دولته وحروبه وصولاً إلى سلمه:
-سنة 451: مجمع خلقيدونيا
أقرّ الموارنة العقيدة الخلقيدونية التي تعترف بطبيعتَين في المسيح، ما قرّبهم لاهوتياً من الكنيسة الرومانية.
-القرنان 11 و12: الحملات الصليبية
شهدت هذه الفترة أول تواصل مباشر بين الموارنة والكنيسة اللاتينية.
-سنة 1182: إعلان الاتحاد مع روما
أعلنت البطريركية المارونية الطاعة لبابا الفاتيكان، فشكّل بداية الشركة الكنسية الرسمية.
-سنة 1215: مجمع لاتران الرابع
اعترف المجمع رسمياً بوحدة الموارنة مع الكرسي الرسولي.
-سنة 1584: تأسيس المدرسة المارونية في روما
أسّس البابا غريغوريوس الثالث عشر المدرسة بهدف إعداد نخبة من الكهنة والمفكّرين الموارنة.
-سنة 1736: انعقاد المجمع اللبناني
كان محطّة مفصلية. نظّم المجمع، بدعوة من الفاتيكان، الهيكلية الكنسية المارونية.
-القرنان 18 و19: الحكم العثماني
قدّم الفاتيكان دعماً مستمرّاً لحماية الموارنة في جبل لبنان وأرسل مبعوثين خاصين لمتابعة شؤون الكنيسة.
-سنة 1920: إعلان دولة لبنان الكبير
لعب الموارنة دوراً رئيسياً في قيام الكيان اللبناني، وأيّد الفاتيكان تكريس لبنان كملجأ للمسيحيين في الشرق.
-سنة 1943: استقلال لبنان
داعماً الخطوة، أقام الفاتيكان علاقات دبلوماسية مع الدولة اللبنانية المستقلّة.
-سنة 1997: زيارة البابا القديس يوحنا بولس الثاني
تُعدّ هذه الزيارة محطّة تاريخية، تخلّلها إصدار الإرشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان"، فيه وصف البابا لبنان بأنّه "أكثر من وطن، هو رسالة حرّية وتعدّدية".
-سنة 2005: انسحاب الجيش السوري
شدّد الفاتيكان على دعمه للدور المسيحي في لبنان، وأهمية المحافظة على التوازن الوطني والسيادة.
-سنة 2010: سينودس من أجل الشرق الأوسط
دعا إليه البابا بندكتوس السادس عشر، وشاركت فيه الكنيسة المارونية، للبحث في واقع المسيحيين في الشرق.
-2011: عهد البابا فرنسيس
كرّس البابا الأرجنتيني اهتماماً خاصّاً بلبنان، مطلقاً نداءات لحمايته والحفاظ على صيغة عيشه المشترك.

البابا فرنسيس والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. (وكالات)
ومع هذه العلاقة وتاريخيتها، كان آخر سفراء الكنيسة الطوباوي البطريرك إسطفان الدويهي الإهدني، الذي سلك ملفّه في مجمع القدّيسين في الفاتيكان مرحلة التقديس ليكون على درب أسلافه قديساً جديداً من لبنان. وللمفارقة أن البطريرك الطوباوي هو أحد خرّيجي المدرسة المارونية في روما. فينضم إلى "طبيب السما" القديس شربل والقديسة رفقا والقديس نعمة الله الحرديني، قناديل السلام من لبنان إلى العالم أجمع!
توقيع ملف الطوباوي الدويهي في الفاتيكان... ومجمع القديسين يدرس شفاءات خارقة
دعا الأب بولس قزي "إلى مزيد من الصلاة من أجل الدويهي لتسريع دعوى التقديس".
كانت أول زيارة بابوية إلى لبنان في 2 كانون الأول/ديسمبر 1964، حين توقّف البابا بولس السادس في مطار بيروت في طريقه إلى الهند، في محطّة رمزية تركت أثراً على المستويين الروحي والوطني. وأيضاً، كان لبنان من أوائل الدول العربية التي أرسلت سفيراً لها إلى روما، شارل الحلو، الذي أصبح رئيساً للجمهورية اللبنانية عام 1964.
يتوق لبنان إلى سلام حقيقي بعد تجارب الدم والدمار، والبلد الوحيد في العالم العربي الذي يحكمه رئيس مسيحي له مكانة خاصّة في قلب ساكن الفاتيكان. فهل يزور البابا فرنسيس أرض القدّيسين ليكتب فصلاً جديداً في كتاب هذه العلاقة التاريخية الاستثنائية؟
0 تعليق