نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مسؤولون أتراك تحت رحمة أشرطة مسرّبة: هكذا صوّرت المافيا النخبة في نشاطات مشبوهة - تكنو بلس, اليوم الجمعة 18 أبريل 2025 07:44 صباحاً
فجَّر رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزل قنبلة سياسية خلال اجتماع الكتلة البرلمانية لحزبه، مسلّطاً الضوء على شبكة علاقات مشبوهة بين شخصيات نافذة في الدولة التركية ورجل المافيا الراحل خليل فاليالي، الذي اغتيل في قبرص عام 2022.
وتطال مزاعم القضية التي فضحها أوزل أبناء وزراء ومسؤولين أمنيين بارزين، وتكشف عن منظومة مافيوية عابرة للحدود تديرها أطراف رسمية تركية في الظل.
رجل المافيا الراحل خليل فاليالي
ميناء خاص للمافيا في قبرص
وركّز أوزل في اتهاماته على أكرم سيريم، السفير السابق في قبرص ونجل مقصود سيريم، أحد الشخصيات المقربة من الرئيس رجب طيب أردوغان منذ فترة رئاسته لبلدية إسطنبول في تسعينيات القرن الماضي، وخزنته المالية منذ ذلك الوقت.
يروي الصحافي الاستقصائي التركي جوهري غوفان آلية عمل شبكة الفساد بين تركيا وقبرص التركية، قائلاً إن "رجل الأعمال التركي فاليالي انشأ ميناء خاصاً في الجزيرة، حيث يتوافد السياسيون والبيروقراطيون ورجال الأعمال إلى الكازينوهات والفنادق التي كان يديرها عبره دون تسجيل قيود دخول، ويغادرون الجزيرة بعد ممارسة نشاطاتهم المشبوهة من لعب القمار أو الانفراد مع الفتيات وغيرها".
ويضيف غوفان، في حديثه إلى "النهار"، أن "هذا الميناء لا يزال فعالاً وتديره عائلة فاليالي بعد اغتيال خليل، ويحظى بحماية القوات العسكرية التركية المنتشرة في الشطر التركي، حيث يتم السماح لسفن محددة عائدة لعائلة فاليالي بالرسو فيه ومغادرته دون قيود".
قدّم جميل أونال، المدير المالي السابق لفاليالي، شهادات مهمة بعد احتجازه لمدة 16 شهراً في هولندا، كشف فيها آلية تنفيذ عمليات غسيل الأموال في الشطر التركي من الجزيرة اليونانية، مسمّياً شخصيات سياسية وحزبية وعسكرية بارزة تلقّت رشاوى لضمان استمرارية الشبكة المعقّدة من الفساد والرشوة والجريمة المنظمة التي تسللت بعمق إلى المشهد السياسي في قبرص وتركيا.
إرث رجل المافيا الشهير خليل فاليالي، الذي اغتيل في ظروف غامضة، لم يتضمن فقط ثروة طائلة، بل أيضاً شبكة معقدة من الأنشطة الإجرامية التي لا تزال تؤثر في الحكم والهياكل الاجتماعية في المنطقة. ووفّرت اعترافات أونال نظرة من الداخل على إمبراطورية فاليالي والعلاقة المتشابكة بين الجريمة المنظمة والسياسة الرسمية في تركيا.

جميل أونال، المدير المالي السابق لفاليالي.
تصوير المسؤولين بأفعال منافية للقوانين والأخلاق
يؤكد غوفان، الذي عمل على تحقيق صحافي موسع عن إمبراطورية فاليالي وعلاقاتها مع هيكل السلطة في تركيا، أن رجل المافيا التركي "كان يقوم بتصوير ضيوفه من المسؤولين خلال ممارستهم نشاط القمار في الكازينو، ومن ثم أثناء انفرادهم مع الفتيات في غرف نوم الفندق الملاصق، كآلية فعالة لحماية نفسه".
وبحسب ادّعاءات زعيم حزب الشعب الجمهوري، فقد قام أردوغان بتعيين أكرم سيريم سفيراً لدى جمهورية قبرص التركية، المعترف بها من قبل أنقرة فقط، لكن مهمّته الأساسية كانت استعادة 45 شريطاً مصوراً لمسؤولين ورجال أعمال أتراك بارزين (بعض المصادر تقول إن عددها 50) والحرص على عدم وقوعها في أيدي المعارضة أو جهات خارجية.
ويشير إلى أن سيريم قام بتسليم 40 شريطاً إلى وكالة المخابرات الوطنية التركية (MIT) واحتفظ بـ 5 منها، تحتوي على مقاطع تعود لنجل وزير الخارجية هاكان فيدان، خالد، ونجل رئيس الوزراء التركي الأسبق وقبله رئيس البرلمان بن علي يلدريم.
ووفق أوزل فإن "حجب الأشرطة الخمسة كان السبب وراء إقالة سيريم من مهامه بعد فترة قصيرة من توليه لها"، فيما يؤكد غوفان أن "والده توسّط لدى الرئيس التركي من أجل إبقائه خارج السجن، مؤكداً أن نجله سلّم كل الأشرطة التي كانت بحوزته".
وساعدت علاقات عائلة سيريم السياسية القوية في صعودها داخل قبرص، حيث استخدم الأب والابن نفوذهما للحصول على امتيازات في قطاع العقارات ومشاريع أخرى، متجاوزين القيود القانونية أحياناً من خلال التلاعب بتنظيمات الأراضي والتخطيط العمراني.
ويعتقد بأن الاحتفاظ بالأشرطة الخمسة المفقودة، التي تحتوي على أدلة دامغة ضد شخصيات نافذة، بحسب التحقيق الصحافي الذي قامت به الصحافية القبرصية ايشمدين اكين، هدفه الحفاظ على الثروة التي كوّنتها العائلة من أي قرار مستقبلي بالحجز أو إجبارها على دفع الخوّات.
المعارضة تبحث عن مدع عام "شجاع"
في كلمته أمام كتلته البرلمانية، قال أوزل إن "هناك تحويلات مالية ضخمة تمّت إلى حسابات في بريطانيا حينما كان السفير (سيريم) نائباً لوزير الخارجية، حجم الفضيحة لا يُصدق، وهي بحجم جزيرة قبرص نفسها. أردوغان عيّن شخصاً بلا خلفية ديبلوماسية، بلا خبرة، وجعله مدير مكتب وزير الخارجية، ثم نائب وزير، ثم سفيراً في قبرص، وهي من أهم نقاطنا الاستراتيجية. ما كُشف يجعلني أخجل من قراءته. هناك أحاديث عن أقوال من نجل هاكان فيدان، ومن نجل بن علي يلدريم. لا أستطيع أن أقولها علناً".
وطالب أوزل بـ"مدعٍ عام واحد فقط يملك الشجاعة الكافية ليحقق مع هؤلاء".
وتعمل الاستخبارات التركية (MIT) على تتبع هذه الأشرطة، وتقول الصحافية اكين أن تورّط نجل فيدان نفسه، بالإضافة إلى أبناء مسؤولين آخرين على علاقة بفاليالي، أضعف قدرة الجهاز على حصر الأضرار.
ووثّقت اكين في سلسلة مقالات في صحيفة "قبرص اليوم"، الصادرة في الجزيرة باللغة التركية، كيف تحوّلت قبرص إلى ساحة لتصفية الحسابات بين الأجنحة داخل الدولة التركية، من خلال الأشرطة التي توثق لقاءات، ومكالمات، وصفقات مشبوهة بين رجال أعمال ومسؤولين.
أما الأخطر من ذلك، فهو ما كشفته التحقيقات من تحوّل قبرص التركية، التي تم استغلالها لسنوات كرمز قومي، إلى ملاذ آمن لعمليات المافيا وتبييض الأموال، تحت رعاية غير مباشرة من أنقرة.
ويقول غوفان "أتحدّث عن القضية منذ سنوات، لكن لم يتواصل معي أحد، لا من السياسيين ولا القضاة ولا حتى الصحافيين الموجودين داخل تركيا. واليوم عندما وصل البلل إلى ذقن المعارضة باعتقال أكرم إمام أوغلو، فطنوا لوجود مثل هذه الصفقات المشبوهة".
ويضيف: "ما أخشاه أن يكون الموضوع عبارة عن تلويح المعارضة بالعصا لأردوغان على أرضية إن فضحتنا سنفضحك، بهدف إغلاق ملفات الفضائح بشكل متبادل".
وفيما يعتبر البعض في تركيا أن المعارضة تحاول استغلال الصراع الداخلي بين مؤسسات الدولة وعناصر إجرامية متغلغلة فيها، يشير غوفان إلى أن هذه التسريبات "ليست مجرد فضيحة فساد مالي، بل مؤشر على معركة داخلية حادة بين مراكز القوى في تركيا: جناح هاكان فيدان، ومعه رجال أردوغان القدامى مثل يلدريم، في مواجهة التيار الجديد داخل الاستخبارات والخارجية.
0 تعليق