كتب .. مصطفى محمود

أعلنت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، اليوم الخميس، خفض أسعار الفائدة الأساسية بواقع 225 نقطة أساس، في خطوة غير متوقعة جاءت في ظل حالة من عدم اليقين المسيطرة على الاقتصاد العالمي، وتحوّل عدد من البنوك المركزية حول العالم نحو الحذر في مواجهة مستقبل النمو والتضخم.

وقررت اللجنة تخفيض سعر عائد الإيداع إلى 25.00%، وسعر الإقراض لليلة واحدة إلى 26.00%، وسعر العملية الرئيسية إلى 25.50%، إلى جانب خفض سعر الائتمان والخصم بالنسبة ذاتها. وجاء القرار مخالفًا لتوقعات غالبية الخبراء الذين رجحوا تثبيت الفائدة أو خفضها بشكل محدود لا يتجاوز 100 نقطة أساس.

ورأت اللجنة في بيانها أن الأوضاع العالمية، رغم استقرار النمو نسبيًا، ما تزال تواجه تحديات مؤثرة، أبرزها اضطرابات سلاسل التوريد وتراجع الطلب العالمي، ما ألقى بظلاله على التجارة وأسعار النفط التي شهدت هبوطًا لافتًا، في حين استمرت أسعار الحبوب الزراعية في التقلب بفعل العوامل المناخية.

ومحليًا، أظهرت البيانات الأولية للربع الأول من عام 2025 استمرار تعافي الاقتصاد المصري للربع الرابع على التوالي، متجاوزًا معدل النمو المسجل في نهاية 2024، والذي بلغ 4.3%. وتركز النمو بشكل رئيس في قطاعات الصناعات التحويلية غير البترولية، والتجارة، والسياحة، ومع ذلك، أكدت اللجنة أن الاقتصاد لم يبلغ بعد كامل طاقته الإنتاجية، لكنها توقعت أن يتحقق ذلك بنهاية العام المالي 2025/2026، بما يحد من الضغوط التضخمية من جانب الطلب.

وشهدت معدلات التضخم تراجعًا كبيرًا خلال الربع الأول من العام الجاري، إذ هبط معدل التضخم السنوي العام إلى 13.6%، فيما تراجع التضخم الأساسي إلى 9.4% في مارس، وهو أدنى مستوى له منذ ثلاث سنوات. وجاء هذا التراجع مدعومًا بتباطؤ كبير في أسعار الغذاء، التي انخفضت من 45% إلى 6.6% خلال عام واحد، إلى جانب تباطؤ تضخم السلع غير الغذائية.

واعتبر المركزي أن هذه المؤشرات منحته مساحة مناسبة لبدء دورة تيسير نقدي محسوبة، في ضوء التراجع الحاد في التضخم بنحو 9 نقاط مئوية خلال الربع الأول من العام. وتوقعت اللجنة استمرار هذا المسار النزولي في معدلات التضخم خلال عامي 2025 و2026، وإن بوتيرة أبطأ، في ظل إجراءات ضبط المالية العامة وتداعيات التوترات الجيوسياسية العالمية.

وأكدت اللجنة أن قرار خفض الفائدة يعكس التزام البنك المركزي بتحقيق استقرار الأسعار على المدى المتوسط، مستهدفة معدل تضخم عند 7% (± 2%) بنهاية الربع الرابع من 2026، مشيرة إلى أنها ستواصل مراقبة المؤشرات الاقتصادية عن كثب، وتتخذ قراراتها المقبلة بناء على تطورات البيانات والمخاطر المحيطة.