قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إن الحرب التجارية المضطربة التي يشنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد تضع الفيدرالي في موقف صعب لم يشهده منذ نحو نصف قرن.
مع ذلك، لا يزال الاقتصاد الأميركي في وضع جيد حالياً، وفقاً لأحدث البيانات، ما يسمح للاحتياطي الفيدرالي بالتحلي بالصبر.

موقف الفيدرالي سيظل ثابتاً

وقال باول إن أفضل خطوة للاحتياطي الفيدرالي في الوقت الحالي هي الثبات على موقفه حتى تُظهر البيانات بوضوح كيفية استجابة الاقتصاد الأميركي لسياسات ترامب. وقد قال مسؤولون آخرون في الاحتياطي الفيدرالي بذلك في خطابات ألقوها مؤخراً، قائلين إنهم يستطيعون تغيير أسعار الفائدة في أي اتجاه، حسب احتياجات الاقتصاد.لكن الأمر مسألة وقت فقط قبل أن تُفاقم رسوم ترامب الجمركية التضخم، وترفع معدلات البطالة، وتُضعف النمو الاقتصادي، وفقا لمعظم الاقتصاديين، خاصةً إذا أُعيد فرض الرسوم الجمركية «المتبادلة» الضخمة التي دخلت حيز التنفيذ لفترة وجيزة في 9 أبريل نيسان، وقد أجّل ترامب تلك الزيادة التاريخية في ضرائب الاستيراد حتى يوليو.حتى الآن، فرض ترامب رسوماً جمركية بنسبة 25 بالمئة على الألومنيوم والصلب، و25 بالمئة على السلع المقبلة من المكسيك وكندا غير المتوافقة مع اتفاقية التجارة الحرة؛ ورسوماً جمركية ضخمة بنسبة 145 بالمئة على الواردات الصينية، و25 بالمئة على السيارات، مع فرض رسوم جمركية منفصلة على قطع غيار السيارات في وقت لاحق، ورسوماً جمركية أساسية بنسبة 10 بالمئة على جميع الواردات الأميركية.كما قدمت الإدارة إعفاءات مؤقتة لبعض السلع الإلكترونية، وصرح ترامب بأنه من المرجح فرض رسوم جمركية منفصلة على أشباه الموصلات والأدوية والنحاس والأخشاب.

أولوية الفيدرالي هي التضخم على حساب الركود

قد يواجه الاحتياطي الفيدرالي تحدياً لم يتعامل معه منذ عقود، وإذا نظرنا إلى الماضي وتحديداً في السبعينيات وأوائل ثمانينيات القرن الماضي، عانى الاقتصاد الأميركي من فترات من ارتفاع البطالة وتضخم مزدوج الرقم، وهو مزيجٌ مُقلق يُعرف باسم «الركود التضخمي». في ذلك الوقت، وتحت قيادة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي بول فولكر، أعطى البنك المركزي الأميركي الأولوية لمكافحة التضخم، حتى لو كان ذلك يعني إلحاق بعض الضرر بالاقتصاد.يبدو أن الاقتصاد الأميركي يسير في هذا الاتجاه، وفقاً لمعظم التوقعات، ولكن من غير الواضح ما إذا كان سيصل إلى هذه النقطة تماماً أم لا.قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، أوستن غولسبي، الأسبوع الماضي في فعالية بنيويورك، إن رسوم ترامب الجمركية تضع البنك المركزي في الموقف الصعب نفسه.وأضاف «الرسوم الجمركية أشبه بصدمة العرض السلبية، إنها صدمة ركود تضخمي، أي أنها تُفاقم كلا الجانبين من تفويض الاحتياطي الفيدرالي المزدوج في الوقت نفسه». تابع «ترتفع الأسعار بينما تُفقد الوظائف ويتراجع النمو، ولا توجد خطة عمل عامة لكيفية استجابة البنك المركزي لصدمة ركود تضخمي».قال باول إنه إذا أصبح الركود التضخمي واقعاً، «فسننظر في مدى بُعد الاقتصاد عن كل هدف، والآفاق الزمنية المختلفة المحتملة التي يُتوقع خلالها سد هذه الفجوات».وأكد «نتفهم أن ارتفاع مستويات البطالة أو التضخم قد يكون ضاراً ومؤلماً للمجتمعات والأسر والشركات».وقال العديد من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي إنه ينبغي على البنك المركزي مراقبة آراء الناس بشأن الأسعار من كثب، والتي تدهورت بناءً على استطلاع رأي المستهلكين الذي أجرته جامعة ميشيغان والذي يحظى بمتابعة دقيقة.ومن غير الواضح متى ستدفع توقعات التضخم المتزايدة الاحتياطي الفيدرالي إلى اتخاذ أي إجراء، وما هي هذه الإجراءات.وعلى الرغم من أن التضخم أقل بكثير من ذروته في أربعة عقود التي بلغها في يونيو 2022، فإنه لا يزال أعلى بقليل من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 بالمئة، ما يعني أن الاحتياطي الفيدرالي لديه سبب أقل لاستئناف خفض أسعار الفائدة.ولكن في الوقت الحالي، يبدو أن معظم المسؤولين يتفقون على أنه من الأفضل انتظار ظهور أي دليل في البيانات.قالت بيث هاماك، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، يوم الأربعاء، خلال فعالية في كولومبوس، أوهايو: «هذه مجموعة من المخاطر يصعب على السياسة النقدية التعامل معها». وأضافت «بالنظر إلى نقطة انطلاق الاقتصاد، ومع توقع تعرض كلا الجانبين لضغوط، هناك مبرر قوي لإبقاء السياسة النقدية مستقرة لموازنة المخاطر الناجمة عن استمرار ارتفاع التضخم وتباطؤ سوق العمل».(برايان مينا، CNN)