نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سوريا ولبنان "الجديدان" … من الآخر! - تكنو بلس, اليوم الأربعاء 16 أبريل 2025 02:06 صباحاً

كلما التقى مسؤول لبناني من "الدولة" الجديدة الرئيس "الانتقالي" في سوريا أحمد الشرع، يهلل الإعلام والسياسيون لـ"فتح الصفحة الجديدة" على غرار لقاءات الرئيسين جوزف عون ونواف سلام مع الشرع ووزراء لبنانيين وسوريين جدد، كما يقترن مسار فتح الصفحة الجديدة بالحديث عن تشكيل اللجان ... إلخ. والحال أن التفاؤل برعاية سعودية لملف التقارب بين السلطات الجديدة في كل من بيروت ودمشق، لا يكفي وحده لصد الشكوك التي تنتاب اللبنانيين جراء تداعيات لا تزال تتدفق على لبنان من الاقتتال المتواصل في سوريا، وسط تجاوز موجة النازحين السوريين إلى الشمال والبقاع الشمالي أخيرا الثلاثين ألفاً، كما أن ما يواكب فتح الصفحة الموعودة لا يزال دون مستويات عاجلة ومطلوبة لإعلان إنجازات لم تعد تحتمل سرديات تشكيل اللجان لإحداث الخرق المطلوب.
شكلت الأحداث التاريخية في سوريا مع انهيار أسوأ أنظمة القمع الاستبداديّ الذي مثله نظام البعث الأسدي، الحدث المفصلي بالنسبة إلى لبنان لجهة التخلص مما يسمى محور الممانعة الذي دمر بنفوذه لبنان وكاد يجهز على هويته. ورغم الفوضى السائدة سوريا راهنا بعد أشهر من إسقاط نظام الأسد وقيام حكم أحمد الشرع الانتقالي، كان اللبنانيون يقيمون على ظن ورهان أن التبديل الكبير في بلدهم كما انبلاج فجر سوري جديد، سيقترن على الأقل بإجراءات أشد تماسكا وقوة في ضبط الحدود المتفلتة كما في بدء انحسار موجات "تسونامي النزوح" السوري، في انتظار برمجة عصر العلاقات الجديدة وما تقتضيه تباعا من إعادة تأسيس كاملة للصفحة التاريخية الجديدة.
قد يقال إن الاستعجال في هذا السياق يشكل موقفا متسرعا وضاغطا في أقل الأحوال، إن لم يكن نابعا من موقف سلبي أساسا من الحكم الانتقالي في سوريا بخلفيته الإسلامية الأصولية. وحتى لو صح ذلك باعتبار أن في سوريا الكثير بعد مما يبرر التشكيك اللبناني تحديدا سواء كان بريئا أو بخلفيات متعمدة، فإن أكثر من ثلاثة أشهر على تزامن الانطلاقتين الجديدتين في لبنان وسوريا توجب اختراقا أوليا مدويا، أقله في الجانب الأشد ضعفا ووجعا في الخاصرة اللبنانية، وهو الجانب المتصل بكارثة النزوح.
ينتظر اللبنانيون في الحد الأدنى بعد مرور نصف قرن على ذكرى الحرب التي لعب نظام الأسدين البائد أبشع الأدوار الدموية في معظم مراحلها، أن تكون المقاربة اللبنانية للكارثة الموروثة على سوية النبض اللبناني الصرف لجهة إشهار الضغط غير المتناهي على الحكم الانتقالي السوري كما على الدول العربية والغربية والمجتمع الدولي، لأن ليس ثمة أي بلد كلبنان، مهدد تهديدا وجوديا قاتلا بهويته وشعبه واقتصاده، جراء التهديد المرعب المتدحرج الذي يعيشه لبنان ويجبَر اللبنانيون على التكيف معه قسرا ودفع أكلافه منذ اندلاع الحرب السورية وحتى الساعة وما بعدها.
أدبيات العلاقة الجديدة وفتح الصفحة لن تعني شيئا للبنانيين ما داموا لن يسمعوا في أسرع وقت عن إجراءات حاسمة توقف مد النزوح وتبدأ بإعادة حقيقية غير ممسرحة للنازحين السوريين إلى بلدهم، حتى لو خيضت معركة ديبلوماسية ضد الدول كلها، لأنه حتى الخطر الذي هدد لبنان قبل نصف قرن لا يقاس إطلاقا بالخطر الوجودي الجاسم على أرضه وشعبه الآن. فلا تخذلونا من أول الطريق وآخرها!
0 تعليق