نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تراجع الدولار الأميركي: بين الفرص والتحديات في الاقتصاد العالمي أين نقف؟ - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 15 أبريل 2025 02:20 مساءً
يشهد الدولار الأميركي خلال الفترة الأخيرة موجة من التراجع الظاهر، في تحوّل يعكس اضطرابات أعمق في المشهدين الاقتصادي والمالي على المستوى العالمي. فبعد أن كان يُنظر إليه لعقود كرمز للاستقرار ومحور النظام النقدي الدولي، باتت التحوّلات الجارية تثير تساؤلات جدية حول مستقبل هذه المكانة، لا سيما في ظل تصاعد التوترات التجارية، وتنامي المخاوف من الركود، وتغير توجهات المستثمرين.
أسباب تراجع الدولار
يُعزى هذا التراجع إلى عدة عوامل متداخلة، من أبرزها:
-
التوترات التجارية والسياسات الحمائية:
فرضت الإدارة الأميركية، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، رسوماً جمركية متزايدة، مما أدى إلى اضطرابات في حركة التجارة العالمية، وأثار قلق المستثمرين من تراجع جاذبية السوق الأميركية. -
موجة بيع السندات الأميركية:
الضغوط المتزايدة على السندات الأميركية، خصوصاً مع تراجع الإقبال على شرائها من قبل دول كبرى مثل الصين، أدّت إلى خفض قيمتها وارتفاع عوائدها، وهو ما انعكس سلباً على قيمة الدولار. -
اتجاه المستثمرين إلى أصول بديلة:
وسط حالة عدم اليقين، عمدت العديد من الدول والمؤسسات إلى تنويع استثماراتها، بعيداً عن الأصول المقوّمة بالدولار، متجهة نحو الذهب، والين الياباني، والفرنك السويسري، وحتى نحو منطقة اليورو. -
فقدان الثقة السياسية والاقتصادية:
ساهمت الاضطرابات الداخلية في الولايات المتحدة، واستخدام الدولار كأداة للعقوبات، في تآكل ثقة بعض الدول في العملة الأميركية، مما دفعها إلى التفكير في بدائل استراتيجية.
الآثار الاقتصادية المترتبة
يقول جاد حريري، استراتيجي الأسواق المالية، في حديثه لـ"النهار"، إنّ "الدولار الأميركي يشهد حالياً تراجعاً، وهو ما يحمل في طياته آثارًا سلبية وأخرى إيجابية على الاقتصاد". ويتابع "فعلياً، نحن نعلم أنه عندما تضعف عملة بلد ما، سواء أكانت الولايات المتحدة أم أي دولة أخرى، فإن ذلك يشجّع على زيادة الصادرات، حيث تصبح السلع المُنتجة محليًا أرخص بالنسبة للمستوردين من الخارج. هذا يعزز الإنتاج المحلي، ويدفع عجلة الصناعة والتجارة، مما يساهم في تدفّق المزيد من العملة الأجنبية إلى البلاد، وهو أثر إيجابي".
في المقابل، فإن هذا التراجع في قيمة العملة يؤثر سلباً على المستهلك المحليّ، برأي حريري، إذ ترتفع أسعار السلع المستوردة، ويضطر المواطنون إلى دفع مبالغ أكبر مقابل السلع الأجنبية، وهو ما ينعكس سلبًا على القدرة الشرائية للأفراد. ومن جهة أخرى، فإن انخفاض الدولار قد يشكّل حافزًا لجذب المستثمرين الأجانب، حين يرون في هذه البيئة فرصة لإنتاج السلع بتكلفة أقلّ وتصديرها إلى الأسواق العالمية، مما يدعم بدوره الاقتصاد بفضل زيادة التوظيف والإنتاج.
ويلفت استراتيجي الأسواق المالية إلى "أننا الآن نشهد هذا التراجع في ظل فرض تعريفات جمركية وسياسات تجارية معينة، وهو ما يعكس حالة من القلق بشأن الاقتصاد الأميركي. ومع الضغط المتزايد على معدلات التضخم، قد يُحدث هذا التراجع تأثيرًا مزدوجًا، كما أن هناك تحوّلًا في توجهات المستثمرين نحو عملات وأصول بديلة، مثل اليورو والجنيه الاسترليني والذهب، باعتبارها ملاذات آمنة. وهذا أيضاً يعكس تراجع الثقة بالدولار، رغم أنه يبقى من أقوى العملات العالمية".
صورة تعبيرية (وكالات)
مؤشرات وتوقعات
انخفض مؤشر الدولار ، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة من العملات الرئيسية، إلى نحو 100 نقطة في أوائل عام 2025، بعد أن كان قد سجّل مستويات قياسية قاربت الـ 109 نقاط. ووفقاً لمحلّلين مثل جورج سارافيلوس، فإن هذا الانخفاض يعكس ضعف الطلب العالمي على الدولار، واحتمال تراجع مكانته كعملة مهيمنة على النظام المالي العالمي.
في الختام، رغم أن بعض مسؤولي الإدارة الأميركية، بمن فيهم الرئيس ترامب، يرون في ضعف الدولار فرصة لتعزيز الصادرات وتقليص العجز التجاري، فإن التراجع السريع وغير المنضبط للعملة الأميركية قد يؤدي إلى نتائج عكسية تهدّد استقرار الاقتصاد الأميركي، وتسرّع من وتيرة تحول العالم نحو نظام نقدي أكثر تنوعاً. فهل اقتربنا من نهاية الهيمنة المطلقة للدولار؟ أم أن هذه العثرة مجرد مرحلة انتقالية في سياق إعادة ضبط التوازنات العالمية؟
0 تعليق