نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
صراع الرؤى: الحرب التجارية تُنذر بنهاية العصر الذهبي لوادي السيلكون؟ - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 15 أبريل 2025 07:51 صباحاً
بُنيت صناعة التكنولوجيا العالمية على التجارة الحرة، فيزدهر وادي السيليكون بفضل شبكة معقدة من سلاسل التوريد تمتد عبر آسيا وأميركا الشمالية وأوروبا. لكن بين عشية وضحاها، اهتزّ هذا كلّه. أمّا اليوم فتُضاعف الولايات المتحدة جهودها في القومية الاقتصادية، وتحاول استعادة الصناعات الحيوية إلى دارها، وتُقلل من اعتمادها على الدول الأجنبية. فالتدابير الانتقامية من الصين وكندا والمكسيك بدأت بالفعل، مما يُوضح أن هذه الحرب التجارية ليست مجرد مناوشة قصيرة الأجل.
لطالما كان اندماج قاعدة ترامب "لنجعل أميركا عظيمة مجدداً" مع الرؤساء التنفيذيين لشركات التكنولوجيا، والمستثمرين، والعمال، مزيجاً غير مثالي، وقد يتصادم في كثير من الأحيان. وتختبر بالفعل معركة الرسوم الجمركية متانة تحالف ترامب مع شركات التكنولوجيا. ففي النهاية، تتعرض كبرى شركات التكنولوجيا لضربة موجعة، إذ خسرت الشركات السبع الكبرى أكثر من تريليون دولار في 3 أيام فقط. يمكنها بسهولة تحمل مثل هذه الخسائر. ولكن ترامب جمع قاعدته واعداً بإعادة أميركا إلى ما كانت عليه سابقاً، فهل يريدون عمالقة التكنولوجيا تلك؟ أو كيف سيتعاملون بالأحرى مع الواقع الجديد؟
ترامب يكشف عن الرسوم.
أول إعفاء جوهري قبل التداعيات الهائلة.. ولكن؟
في خطوة مفاجئة، استثنت إدارة الرئيس الأميركي قبل أيام الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر وبعض الأجهزة الإلكترونية الأخرى من الرسوم الجمركية المتبادلة، بما في ذلك الرسوم المفروضة على الواردات الصينية التي بلغت 125 في المئة. جاءت هذه الخطوة إثر مخاوف أبدتْها الشركات الأميركية من أنّ أسعار الأجهزة سترتفع بشكل كبير، نظراً الى أن معظمها يُصنع في الصين. وشملت الاستثناءات أجهزة ومكونات إلكترونية، بما في ذلك أشباه الموصلات والخلايا الشمسية وبطاقات الذاكرة.
لكن البيت الأبيض لفت إلى أن منح الإعفاءات هو لضمان حصول الشركات على مزيد من الوقت من أجل نقل الإنتاج إلى الولايات المتحدة. وقد لا يدوم أي تخفيف للعقوبات المفروضة على صناعة الإلكترونيات طويلاً، إذ تُعدّ إدارة ترامب تحقيقاً تجارياً يتعلق بالأمن القومي في أشباه الموصلات. وقد أسفرت هذه التحقيقات سابقاً عن فرض تعريفات جمركية إضافية. وأكد وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك في مقابلة أن الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر وبعض الأجهزة الإلكترونية الأخرى ستخضع إلى جانب أشباه الموصلات لرسوم جمركية منفصلة قد تفرض في غضون شهر تقريباً.
بالنسبة الى قطاع التكنولوجيا، تُعدّ التداعيات "هائلة". فإذا ارتفعت تكلفة أشباه الموصلات، والبنية التحتية لمراكز البيانات، ورقائق الذكاء الاصطناعي، والإلكترونيات الاستهلاكية، فعلى قادة التكنولوجيا أن يسألوا أنفسهم: "هل نحن مستعدون لنهاية العولمة كما نعرفها؟".
لسنوات، دأبت الشركات على تحسين سلاسل التوريد الخاصة بها لتقليل الأكلاف، معتمدةً بشكل كبير على التصنيع في الصين. لكن هذا العصر تسعى إدارة ترامب الى إنهائه، وضمان السيادة التكنولوجية في كل شيء من تصنيع الرقائق إلى البنية التحتية السحابية.
تُعد أشباه الموصلات شريان الحياة للتكنولوجيا الحديثة، من الذكاء الاصطناعي إلى الحوسبة السحابية إلى السيارات الذاتية القيادة. ومع ذلك، وعلى رغم هيمنتها على تصميم الرقائق، فقدت الولايات المتحدة قبضتها على تصنيع أشباه الموصلات. تُصنع 90% من أكثر الرقائق تطوراً في العالم في تايوان. تُنتج الصين 60% من جميع مواد أشباه الموصلات. و تعتمد الولايات المتحدة على الشركات المصنعة الأجنبية في 80% من إمداداتها من الرقائق.
وعند ارتفاع تكلفة المكونات المصنعة في الصين بسبب الرسوم الجمركية، ستكتسب شركات مثل "إنتل" و"تي إس إم سي" و"ميكرون"، التي توسّع عمليات التصنيع الأميركية، ميزة تنافسية، بينما ستواجه الشركات التي لا تزال تعتمد على المصانع الصينية تحديات متزايدة.

شركة أبل.
صراع على النفوذ وتعارض المصالح
صرحت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض أن "الولايات المتحدة لا يمكنها الاعتماد على الصين في تصنيع التقنيات الحيوية مثل أشباه الموصلات والرقائق والهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة"، وأضافت "بتوجيه من الرئيس، تعمل هذه الشركات جاهدة على نقل عمليات التصنيع الخاصة بها إلى داخل الولايات المتحدة في أقرب وقت ممكن".
ستؤدي الرسوم الجمركية على واردات الألومينيوم والصلب والمكونات الإلكترونية إلى ارتفاع تكلفة الخوادم ومعدات التخزين والشبكات. بالتالي، ستشهد شركات مثل "أمازون" التي تعتمد على سلسلة توريد عالمية للبنية التحتية السحابية، ارتفاعاً في أكلاف الأجهزة، وربما اضطرابات في سلسلة التوريد.
وستصبح رقائق الذكاء الاصطناعي من "إنفيديا" أكثر تكلفة، مما قد يُبطئ تبني الذكاء الاصطناعي. قد يتعثر توسع مراكز البيانات في الوقت الذي يصل فيه الطلب على الحوسبة القائمة على الذكاء الاصطناعي إلى أعلى مستوياته. بالنسبة الى مقدمي الخدمات السحابية، الخيار واضح إما استيعاب الأكلاف، وإما تسريع التصنيع في الولايات المتحدة، أو تحميل العملاء هذه الزيادات من خلال رفع أسعار الحوسبة السحابية، وخدمات الذكاء الاصطناعي، وغيرها. أمّا الفائزون فهم مصنعو الأجهزة في الولايات المتحدة مثل "ديل".
كذلك، سترتفع أسعار أجهزة الكمبيوتر المحمولة، والهواتف الذكية، وأجهزة الألعاب، والسيارات الكهربائية إذا اختارت الشركات التكيف مع الرسوم الجمركية. وستشهد شركات مثل "تسلا" ارتفاعاً في أكلاف إنتاج السيارات الكهربائية مع تأثير الرسوم الجمركية على واردات بطاريات الليثيوم أيون.
في نهاية المطاف، سيحتاج كل من الشركات والمستهلكين إلى التكيف، أو التخلي. وستكون الشركات التي تمتلك سلاسل توريد متنوعة وإنتاجاً في مناطق معفاة من الرسوم الجمركية مثل الهند وفيتنام في وضع أفضل للتعامل مع التغييرات.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
نهاية هيمنة الصين؟
لعقود من الزمن، بنت شركات التكنولوجيا اعتماداً هائلاً على الصين، مراهنةً على أن العولمة ستؤدي إلى خفض الأكلاف إلى الأبد. لكن الحرب التجارية فرضت إعادة تقييم تلك الافتراضات.
تبرز فيتنام كمركز للتصنيع، مع توسع عمليات "أبل" و"غوغل"، وتُرسّخ الهند مكانتها كبديل من الصين، خصوصاً في إنتاج الهواتف الذكية وأشباه الموصلات.
يمر قطاع التكنولوجيا بمنعطف حاسم. فالرسوم الجمركية ليست مجرد عقبة موقتة، بل قد تُمثل تحولاً دائماً في كيفية بناء التكنولوجيا وتوريدها وتوزيعها. سيستغرق التحول وقتاً، لكن الرسالة بَيِّنة: لقد ولّى عصر التكنولوجيا المعتمدة على الصين. وفي حين أن الهدف واضح، ألا وهو تقليل الاعتماد على الموردين وبناء منظومة تكنولوجية مكتفية ذاتياً. تعطي الحكومة الأميركية الأولوية للذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية والأمن السيبراني كضرورات استراتيجية.
0 تعليق