تستعد الصين لإطلاق حاملة جوية للمسيرات متطورة تُدعى جيو تان – وتعني سماء عالية – مصممة لإحداث ثورة في قدرات القتال الجوي والمراقبة.

وفقا لتقرير تليجراف، تستطيع هذه الطائرة المسيرة عالية الارتفاع وبعيدة المدى حمل وإطلاق سرب يصل إلى 100 طائرة مسيرة انتحارية في آن واحد، مما يمثل خطوة مهمة إلى الأمام في حرب الطائرات المسيرة.

أكملت “جيو تان”، التي طورتها شركة شنشي لتكنولوجيا المعدات غير المأهولة، مؤخرًا تجميع نموذجها الأولي الرابع، وهي تخضع حاليًا للاختبار النهائي، ومن المتوقع أن تُجري رحلتها الأولى الشهر المقبل. تهدف هذه المنصة الجديدة إلى تعزيز قدرات القوات الجوية الصينية بشكل كبير في ظل التوترات الإقليمية المستمرة، وخاصةً فيما يتعلق بتايوان.

القدرات التقنية والمزايا الاستراتيجية

تتميز طائرة جيو تان بجناحين بطول 25 مترًا، ومدة طيران قصوى تصل إلى 12 ساعة، ومدى يصل إلى 7000 كيلومتر (4350 ميلًا). بوزن إقلاع يبلغ 16 طنًا وحمولة تبلغ 6 أطنان، تستطيع الطائرة نقل معدات متنوعة، بدءًا من معدات المراقبة ووصولًا إلى الصواريخ.

من أبرز ما يميزها، قدرتها على إطلاق سرب من الطائرات المسيرة بأعداد كبيرة، ما يشكل تحديًا كبيرًا لأي نظام دفاعي. وتُظهر مقاطع فيديو نشرتها وسائل الإعلام الرسمية الصينية مدى صعوبة مثل هذا الهجوم، مما يُعقّد جهود اعتراض الخصوم.

كما تستطيع الطائرة الأم حمل صواريخ كروز وصواريخ جو-جو متوسطة المدى، مثل PL-12E، مما يعزز تنوعها الهجومي والدفاعي. كما أن قدرتها على العمل على ارتفاعات عالية تُقلل من إمكانية اكتشافها بواسطة الرادار الأرضي، مما يسمح لها باختراق شبكات الدفاع المتطورة بسهولة أكبر.

السياق: الأهمية المتزايدة لحرب الطائرات بدون طيار

أصبحت تكنولوجيا الطائرات بدون طيار ركيزة أساسية في الصراعات الحديثة، ويتجلى ذلك في الحرب الروسية في أوكرانيا منذ عام 2022. وقد أدى الاستخدام المكثف لأوكرانيا لطائرات بدون طيار من منظور الشخص الأول (FPV) – وهي طائرات فعالة في تدمير المركبات المدرعة – إلى تغيير ديناميكيات ساحة المعركة.

وفقًا لعضو الكونجرس الأمريكي بات هاريجان، تسببت طائرات FPV في 80% من الخسائر الروسية في الصراع، مما يؤكد الكفاءة القاتلة لهذه التقنية.

بالإضافة إلى الطائرات بدون طيار قصيرة المدى، طورت أوكرانيا أسطولًا متناميًا من الطائرات بدون طيار بعيدة المدى القادرة على ضرب عمق الأراضي الروسية، واستهداف القواعد العسكرية والمراكز اللوجستية. ويسلط هذا التوجه العالمي الضوء على الضرورة الاستراتيجية لمنصات الطائرات بدون طيار مثل جيو تان.

ترسانة الطائرات بدون طيار الصينية المتنامية وتداعياتها الإقليمية

تهيمن صناعة الطائرات بدون طيار الصينية بالفعل على هذا المجال، مع ابتكارات سابقة مثل TP1000، أول طائرة نقل بدون طيار قادرة على حمل أكثر من طن من البضائع. نشرت الصين أيضًا طائرات مسيرة طويلة المدى، مثل WZ-7 وTB-001 Scorpion، بالقرب من المناطق المتنازع عليها، بما في ذلك بحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان.

يشير إطلاق طائرة جيو تان إلى نية الصين تعزيز قدراتها الجوية لمنافسة قدرات الولايات المتحدة. ويشير الخبراء إلى أن هذه الطائرة الأم قد تصبح منافسًا قويًا للطائرات الأمريكية مثل RQ-4 Global Hawk وMQ-9 Reaper.

ومع ذلك، لا تمتلك RQ-4 ولا MQ-9 حاليًا القدرة على شن هجمات سرب من الطائرات المسيرة، مما يجعل جيو تان إضافة فعّالة للغاية إلى ترسانة الصين العسكرية.

اقرأ أيضًا: أوروبا تتحرك نحو الاستقلال الدفاعي| خطة قروض بـ150 مليار يورو لتعزيز التسليح

آراء الخبراء والتوقعات المستقبلية

يرى محللو الدفاع أن قدرة جيو تان على نشر أسراب ضخمة من الطائرات المسيرة قد تُحدث نقلة نوعية في كل من جمع المعلومات الاستخبارية والعمليات الهجومية.

إن الجمع بين قدرة الطائرة على التخفي على ارتفاعات عالية وقدراتها الهجومية السربية الهائلة قد يُحدث تغييرًا في الموازين العسكرية الإقليمية، لا سيما في ظل التوتر المتزايد في العلاقات عبر المضيق مع تايوان.

يؤكد هذا التطور أيضًا على الهدف الاستراتيجي الأوسع للصين المتمثل في ترسيخ هيمنتها في مجال حرب الطائرات المسيرة، وهو مجالٌ يُمكن أن يُوفر فيه الابتكار التكنولوجي السريع مزايا غير متكافئة.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط