نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من سد النهضة لقلب الأمن الإقليمي.. هل تدفع إثيوبيا المنطقة لصدام مفتوح؟ - تكنو بلس, اليوم الاثنين 19 مايو 2025 06:44 مساءً
كتب: محمد السيد
في تصريح لافت يعكس تغيرا جوهريا في طبيعة أزمة سد النهضة، اعتبرت الباحثة المتخصصة في الشأن الأفريقي إيمان الشعراوي أن زيارة رؤساء أجهزة الاستخبارات والأمن من دول شرق أفريقيا إلى موقع السد تمثل نقطة مفصلية وتحولا عميقا في مسار الأزمة، مشيرة إلى أن القضية لم تعد مجرد خلاف قانوني أو فني بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى بل باتت تدخل تدريجيا ضمن المعادلات الأمنية والجيوسياسية للقارة الأفريقية في سياق استراتيجية إثيوبية متعمدة تستهدف توسيع نطاق الدعم السياسي والاستخباراتي لموقفها.
وأوضحت الشعراوي أن هذه الزيارة لا يمكن اختزالها كخطوة بروتوكولية بل تعكس محاولة إثيوبية ممنهجة لتحويل السد من مشروع تنموي وطني إلى قضية أفريقية جماعية يتم ترويجها كرمز للسيادة القارية والقدرة على تحقيق التنمية الذاتية.
ووفقا لما أشارت إليه فإن إدراج السد على أجندة أجهزة الأمن الإقليمية هو جزء من إعادة تعريف المشروع في الإطار العام بعيدا عن محور الحقوق المائية لمصر والسودان نحو سردية أفريقية تتحدث عن التضامن والتنمية.
وأكدت الشعراوي أن هذه التحركات تأتي ضمن خطة سياسية وأمنية إثيوبية متكاملة تهدف إلى خلق نوع من الشرعية الإقليمية للسد، سواء كانت شرعية صامتة أو علنية عبر تصويره كجزء من الأمن القومي الأفريقي وهو ما يسهم في تضييق مساحة التحركات المصرية والسودانية التي ترفض منذ البداية السياسات الأحادية التي تتبعها أديس أبابا فيما يخص الملء والتشغيل دون اتفاق.
وأضافت الباحثة أن الإصرار الإثيوبي على المضي في عمليات الملء والتشغيل الأحادي، ورفضها المتكرر للتوقيع على اتفاق قانوني ملزم بشأن إدارة السد، يكشف عن نية استراتيجية تستهدف الإضرار المباشر بالمصالح الحيوية لدولتي المصب، معتبرة أن ما تقوم به إثيوبيا ليس مجرد خلاف على مشروع تنموي، بل هو تصور هيمني يُسعى من خلاله لفرض واقع مائي جديد على حساب الحقوق التاريخية والقانونية لمصر والسودان، ما يمثل تهديد صريح لأمنهما القومي واستقرارهما المائي.
ولفتت الشعراوي الانتباه إلى توقيت الزيارة، الذي يتزامن مع إعلان إثيوبيا عن إنشاء قوة أمنية خاصة لحماية السد في دلالة واضحة على اتجاه متعمد نحو عسكرة المشروع وإضفاء طابع عسكري عليه بما يعكس تحول السد إلى منشأة سيادية حساسة تدار تحت حماية أمنية مباشرة وليس كمجرد مشروع تنموي مدني.
وتزامنت هذه الزيارة كذلك مع زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي إلى إثيوبيا، وهو ما يثير بحسب إيمان الشعراوي العديد من علامات الاستفهام حول طبيعة التحالفات الجديدة التي تحاول إثيوبيا بناءها، والرسائل السياسية والأمنية التي توجهها بشكل مباشر وغير مباشر إلى مصر، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية.
كما ترى الباحثة أن هذه الزيارة قد تكون الخطوة التمهيدية الأولى نحو إنشاء ميثاق أمني غير معلن لحماية البنى التحتية الاستراتيجية في دول شرق أفريقيا، وربما تستخدمها إثيوبيا أيضا كأداة لاختبار ردود الفعل الإقليمية والدولية، في إطار ما يشبه حربا نفسية ممنهجة تحضر الأرضية لاحتمالات التصعيد في حال تطورت الأمور مع مصر أو السودان إلى مستويات غير دبلوماسية.
وأبدت الشعراوي قلقها من أن مثل هذه التطورات من شأنها تعميق الاستقطاب داخل القارة، وزيادة حدة الانقسام بين دول المنبع ودول المصب، خصوصا في ظل تراجع فرص الوصول إلى تسوية قانونية عادلة وشاملة، معتبرة أن الفراغ القانوني والسياسي الحالي يعطي إثيوبيا مساحة أوسع لفرض الأمر الواقع، وفرض رؤيتها الخاصة على مجريات الأمور.
وشددت على أن هذه الزيارة ليست مجرد استعراض دبلوماسي بل هي جزء لا يتجزأ من مشروع إثيوبي طويل الأمد يهدف إلى ترسيخ الواقع القائم، وتوسيع نفوذ أديس أبابا، ورفع سقف مطالبها التفاوضية في أي محادثات قادمة.
وفي ختام تصريحاتها دعت الباحثة إيمان الشعراوي الدولة المصرية إلى ضرورة إعادة صياغة استراتيجيتها تجاه القارة الأفريقية، ليس فقط عبر الأدوات القانونية والدبلوماسية المعتادة بل من خلال بناء سردية تنموية قوية تتفاعل مع الوعي الأفريقي، وتقديم مصر كحليف حقيقي لمصالح القارة، وليس فقط كمدافع عن حقوقها المائية.
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : من سد النهضة لقلب الأمن الإقليمي.. هل تدفع إثيوبيا المنطقة لصدام مفتوح؟ - تكنو بلس, اليوم الاثنين 19 مايو 2025 06:44 مساءً
0 تعليق