صدّ طالبي اللجوء عند الحدود الألمانية: مسار تحوّل حاسم في سياسة الهجرة - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
صدّ طالبي اللجوء عند الحدود الألمانية: مسار تحوّل حاسم في سياسة الهجرة - تكنو بلس, اليوم الاثنين 19 مايو 2025 08:17 صباحاً

تتصدّر قضايا الهجرة واللجوء اهتمامات الحكومة الألمانية الجديدة بقيادة المستشار فريدريش ميرتس، الذي لم يتردّد، في وقت سابق من هذا الأسبوع، في التعهد أمام البوندستاغ (مجلس النواب) بتكثيف عمليات الترحيل، وفرض قواعد صارمة على الهجرة، وزيادة عمليات الإبعاد عند الحدود، في خطوة تهدف إلى إعادة ترتيب الأولويات والمعايير المعتمدة.

 

وقد جاء ذلك دعماً لقرار وزير الداخلية ألكسندر دوبريندت، الذي، وبعد ساعات فقط من تسلّمه منصبه، أصدر أوامر بتشديد المراقبة ورفض طالبي اللجوء عند الحدود، مما أثار سخطاً في البلاد لأسباب قانونية وإنسانية، وسط خشية من أن تُحبط ردود فعل دول الجوار الأوروبي استراتيجية الوزير الحدودية.

 

إهمال سياسي

أمام هذا المشهد، يبدو واضحاً أن التحالف الحاكم، الذي يضمّ الاتحاد المسيحي والاشتراكي الديموقراطي، يعتزم اعتماد مسار تحوّل حاسم في سياسة الهجرة. وقد قوبل هذا التوجّه باعتراضات داخلية لأسباب إنسانية، وبمواقف متحفظة من عدد من دول الجوار، انطلاقاً من أن القرار يتعارض مع اتفاقية دبلن. في المقابل، تعتمد الحكومة على المادة 18 من قانون اللجوء الألماني، التي تتيح رفض دخول طالبي اللجوء إذا دخلوا من دولة ثالثة آمنة.

 

وفي هذا السياق، أشارت تعليقات متعددة إلى أن تصرفات دوبريندت مثيرة للجدل قانونياً، وتنم عن إهمال سياسي، إذ ليس من مصلحته أن يبدأ ولايته بخطوة قد تجرّ عليه مشكلات كبيرة، ولا سيما أن صدّ المهاجرين غير النظاميين، وإبعاد طالبي اللجوء أو من سبق أن تقدموا بطلب في دولة أخرى من دول التكتل، يُعدّ إجراءً غير مقبول، رغم استثنائه الحوامل والمرضى والقُصّر من دون ذويهم. كذلك أصدرت المفوضية الأوروبية بيانات مماثلة، وأصدرت المحاكم قرارات تعارض الإجراء، وكان من الممكن – في الحد الأدنى – التشاور مع المحامين في داخل الوزارة قبل اتخاذ مثل هذا القرار.

 

وبحسب مراقبين، فإن الأمر، إذا طُبّق حرفياً، سيكون متروكاً لتقدير الشرطة الفيديرالية في ما يتعلّق بالسماح بدخول الأشخاص من عدمه. لكن ثمة تساؤلات تبقى مطروحة: كيف يمكن تنفيذ هذا الإجراء عملياً؟ وما المقصود بالتعامل مع "معبر حدودي"؟ وما تبعات ذلك على التجارة والاقتصاد في ظل ما قد تفرضه التدابير من ضغوط؟

 

وفي هذا الإطار، ذكرت صحيفة "بيلد" أن بولندا رفضت استعادة أفغانيَين دخلا أراضي ألمانيا بطريقة غير شرعية، وجرى ضبطهما من قبل حرس الحدود الألماني، مبرّرة رفضها بأنّ الشخصين تقدّما بطلب لجوء في ألمانيا، مما يقتضي تطبيق اتفاقية دبلن، التي تجعل ألمانيا هي المسؤولة عن ملفهما. ويُعدّ هذا رفضاً صريحاً لاستراتيجية الحدود الجديدة التي تعتمدها وزارة الداخلية الألمانية.

 

وفي تعليق له، انتقد رئيس اتحاد الشرطة الفيديرالية هايكو تيغاتس موقف بولندا، مؤكداً أن هذه الدولة، التي يبدو أن الأفغانيَين قدما منها، تتحمّل المسؤولية القانونية عن ملفّيهما. وأضاف: "بالطبع هناك خيارات تكتيكية أخرى للتعامل مع هذا الوضع، مثل تمركز الشرطة الألمانية مباشرة على خط الحدود، مما من شأنه أن يمنع مثل هذه الحالات، لكن ذلك سيؤدي حتماً إلى اختناقات مرورية".

 

وأعلن دوبريندت أن الشرطة الفيديرالية أعادت، خلال الأيام الماضية، 739 شخصاً عند الحدود، مما يشكل زيادة بنسبة 45% مقارنة بحالات الرفض في الأسبوع السابق، التي بلغت 511 حالة. ومن بين 51 شخصاً تقدموا بطلبات لجوء، جرى رفض 32 منهم.

 

التفرد بالقرار يخدم "البديل"

وفي حين قضت التوجيهات الصادرة عن الشرطة الألمانية بأنه يجوز ترحيل طالبي اللجوء إلى بلد ثالث آمن، اعتبر الباحث في الشؤون الأوروبية كريستيان بوستر، في حديث لـ"النهار"، أن فرض ضوابط حدودية أكثر صرامة لن يُجدي نفعاً، ولن يُحدث التحول الموعود، بل سيفتح المجال أمام حزب "البديل" اليميني الشعبوي لاستغلال الوضع.

 

وشدّد بوستر على أنه لا يمكن تطبيق القوانين الوطنية بمعزل عن القوانين الأوروبية، موضحاً أن محكمة العدل الأوروبية رفضت، حتى الآن، جميع محاولات ترحيل المهاجرين الذين دخلوا بطرق غير شرعية من دون دراسة حالاتهم فردياً.

 

رفض عارم من الجمعيات

وفي ظل تبرير الحكومة لقرارات الصدّ بالضغط الناتج عن اكتظاظ المدن والمدارس وارتفاع تكاليف السكن والرعاية الصحية، دعت 293 جمعية – من بينها منظمات كنسية وحقوقية، بالإضافة إلى "برو أزول" المدافعة عن حقوق اللاجئين – الحكومة الجديدة إلى انتهاج سياسة هجرة مسؤولة، ووقف عمليات الرفض عند الحدود، والتوقف عن ترحيل طالبي اللجوء إلى بلدان الأزمات.

 

وأكدت الجمعيات أن تحميل عبء الإثبات في إجراءات اللجوء للمهاجرين يتعارض مع حق الحماية، وعلى الحكومة ألا تفقد بوصلتها الإنسانية وحقوق الإنسان التي تشكل أساس التعايش. وأضافت: "المهاجرون ليسوا من يقسم المجتمع، بل السياسات التي فشلت في معالجة المشكلات البنيوية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية على مدى السنوات الماضية".

 

وفي السياق نفسه، رفضت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في ألمانيا توجّهات الحكومة الفيديرالية، ودعت إلى التركيز على الإطار المعمول به حالياً بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لإدارة وصول طالبي اللجوء. وأكدت المفوضية أن القانون الدولي لا يُلزم اللاجئين بتقديم طلباتهم في أول بلد يصلون إليه، مطالبة باحترام الحقوق المنصوص عليها في اتفاقية جنيف للاجئين، محذّرة من أن إغلاق الحدود قد يقوّض مبدأ التوزيع العادل للمسؤوليات في داخل الاتحاد الأوروبي.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق