نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الأزمة السياسية بين الجزائر وفرنسا مستمرّة... من الخاسر؟ - تكنو بلس, اليوم الأحد 18 مايو 2025 11:54 صباحاً
رجّحت مصادر ديبلوماسية فرنسية أن تستمر الأزمة السياسية بين الجزائر وفرنسا لأن لا نية لدى الجانب الجزائري بالعمل على تحسينها. فالسفير الفرنسي في الجزائر ستيفان روماتي ما زال موجوداً في باريس بعدما طلبت منه الخارجية الفرنسية العودة الموقتة بسبب الإجراءات الأحادية التي اتخذتها الجزائر بطرد موظفين فرنسيين يعملون في السفارة في الجزائر. وتابعت الجزائر التصعيد مع فرنسا عندما استدعت مجدداً في 11 أيار/ مايو القائم بالأعمال الفرنسي وطالبته بإعادة عدد إضافي من موظفي البعثات والقنصليات الفرنسية بحجة أن فرنسا أرسلت حوالى 15 موظفاً إلى الجزائر دون علم الجزائر بذلك. كما اتهمت القناة 24 التلفزيونية الجزائرية المرتبطة بالرئاسة الجزائرية وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو بإرسال إثنين من موظفي الاستخبارات الفرنسية بغطاء ديبلوماسي مناورة منه، لا سيما أنه يقود حملة على الجزائر منذ أشهر . وقالت الجزائر إنه تمّ رفض دخول بعض الشخصيات الجزائرية مع جواز ديبلوماسي من بينهم عبد العزيز خلاف الذي عمل سابقاً مديراً لمكتب الرئيس تبون وزوجة السفير الجزائري في مالي، وإن قنصلي الجزائر في باريس وفي مرسيليا وسبعة آخرين ينتظرون منذ خمسة أشهر موافقة اعتمادهم من السلطات الفرنسية. لكن المصادر الفرنسية تقول إنّ الجزائر تصعّد الموقف إزاء باريس التي ردّت بالمثل، فهي اختارت المعاملة بالمثل لأنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غير راغب في القطيعة وقد جهد لتحسين العلاقات بين البلدين لكنّ النتيجة كانت أنّ المؤسسة العسكرية الجزائرية اختارت معاقبته لأنه اعترف بمغربية الصحراء الغربية. وترى المصادر الديبلوماسية الفرنسية أنّ انتقاد السلطات الجزائرية فرنسا والخلاف معها يخدمان المصالح السياسية الداخلية للمؤسسة العسكرية الجزائرية.
كما ترى المصادر أن لدى السلطات الجزائرية ما تخسره من هذا الخلاف أكثر ممّا لدى فرنسا، إذ إن للجزائر 18 قنصلية في فرنسا في حين أن لفرنسا فقط ثلاث قنصليات عامّة فيها.
وتذكر المصادر أنه حتى الآن اختارت فرنسا عدم التصعيد، بل التعامل بالمثل، فعندما تطرد الجزائر 15 موظفاً فرنسياً تلجأ فرنسا إلى طرد العدد نفسه من الجزائريين. وتقول المصادر الفرنسية إنّ السبب الحقيقي للتصعيد الجزائري هو اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، علماً أنه كانت هناك أزمات بين البلدين من قبل لكنّها لم تكن بهذا الحجم. فالخلاف مع فرنسا، بحسب المصادر تستخدمه المؤسسة العسكرية الجزائرية لتحريض الرأي العام لمصلحة النظام وتغذية المشاعر القومية لقسم من الرأي العام الجزائري الذي يتمّ إلهاؤه عن تقصير السلطات إزاء الشعب عبر التوترات مع فرنسا والمغرب. وتشير المصادر إلى أنّ موضوع الاستعمار الفرنسي لا يزال يحرّك بقوة مشاعر الشباب الجزائري. وعليه تقول المصادر نفسها إنّه لا يمكن لفرنسا القبول إلى ما لا نهاية برفض الجزائر استعادة مواطنيها الموجودين في وضع غير شرعي في فرنسا وبعضهم ارتكبوا جرائم أو تمّ توقيفهم، لكن لا يمكنهم المغادرة دون ورقة مرور جزائرية تمنحها لهم القنصليات الجزائرية في فرنسا وعددهم، بين عامي 2009 و2022، بلغ 58600 شخص، والجزائر امتنعت حتى عن إعطائهم هذه الورقة. وعلى سبيل المثال، المواطن الجزائري الذي ارتكب هجوماً بالسكين في مدينة مولوز الفرنسية كان من بين المطرودين والمقيمين في فرنسا بشكل غير شرعي وقد رفضت الجزائر استعادته.
وعندما تسلم روتايو وزارة الداخلية الفرنسية قال إن باريس تعطي 200 ألف تأشيرة دخول للجزائريين مقابل 2000 ورقة حقّ العودة للجزائريين فقط، وهذا غير متوازن في رأيه.
واعترفت المصادر أيضاً بأنّ قضية الجزائريين المطرودين الموجودين في فرنسا هي أيضاً قضية سياسية داخلية، فالوزير روتايو مرشح لرئاسة "حزب الجمهوريين" اليميني المعتدل، وربما مستقبلاً للرئاسة في 2027، وهو يريد إظهار قوّته في حزبه وإزاء حزب "التجمّع الوطني" اليميني المتطرّف بالنسبة إلى الهجرة الجزائرية، لذا يتّخذ مواقف صارمة تجاه قضايا تهم الرأي العام الفرنسي، خصوصاً أنّ المطرودين الجزائريين في فرنسا يمثلون قضية كثيراً ما تهدّد الأمن الفرنسي مثل قضية مولوز. وتفيد المصادر بأن الخسارة الاقتصادية التي تتكبدها فرنسا جراء الأزمة مع الجزائر لا تمثل الكثير في إجمالي التجارة الخارجية الفرنسية، فالجزائر تفرض قيوداً أو تعرقل الواردات الفرنسية. أمّا المستثمرون الفرنسيون فهم تقليدياً يواجهون صعوبات كبرى في الجزائر، وعلى كل حال كلما تظهر مشاريع جديدة أو عمليات مستقبلية على الصعيد الاقتصادي تمنح لشركات غير فرنسية، فالكلفة الاقتصادية، بحسب المصادر موجودة ولكنها ليست كبرى. وذكرت المصادر أن في حال أوقفت فرنسا مشترياتها من الغاز ستخسر الجزائر أيضاً، وخلصت إلى القول إن كلّ رئيس فرنسي حاول تحسين العلاقة مع الجزائر واجه العراقيل والصعوبات لأنّ الخلاف مع فرنسا يخدم المؤسسة العسكرية .
0 تعليق