نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل يفتح قرار رفع العقوبات عن سوريا الباب أمام التطبيع بين دمشق وتل أبيب؟ - تكنو بلس, اليوم الخميس 15 مايو 2025 08:08 صباحاً
شكّل قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا وأعقبه اجتماعه مع الرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض تحوّلاً سياسياً بارزاً، ليس فقط في سياق العلاقة الأميركية - السورية، بل أيضاً في ما يتعلق بوضع سوريا الإقليمي ومستقبل تموضعها الجيوسياسي.
وقال ترامب خلال منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي بالرياض، الثلاثاء، "سآمر برفع العقوبات عن سوريا لمنحها فرصة للتألق حان وقت تألقها. سنوقف جميع العقوبات. حظاً سعيداً يا سوريا، أظهري لنا شيئاً مميزاً للغاية".
هذا الإعلان الذي جاء بناءً على طلب من وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، يفتح الباب أمام تساؤلات عديدة منها: هل باتت دمشق مستعدة للانخراط في مسار التطبيع مع إسرائيل؟
لقاء جمع ترامب مع بن سلمان والشرع في الرياض (أ ف ب)

محمد بن سلمان مصافحاً أحمد الشرع (أ ف ب)
العقوبات وعزلة دمشق
يشار إلى أنه عقب اندلاع الثورة في سوريا عام 2011، وما رافقها من قمع للاحتجاجات الشعبية وسقوط آلاف الضحايا، أصبحت دمشق في عزلة شبه تامة مع معظم الدول الغربية والعربية بعد أن فرضت عليها عقوبات دولية صارمة شملت حظراً على النفط وتجميد أصول ومنع التعاملات المصرفية، الأمر الذي زاد عزلتها الاقتصادية. كذلك عُلّقت عضويتها في الجامعة العربية.
ووقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في عام 2019 "قانون قيصر"، الذي فرض عقوبات قاسية على النظام السوري في عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد هدفت، في حينها، للضغط على الحكومة السورية وعزلها دولياً.
وفي ظل تغيّر المعادلات الإقليمية في السنوات الأخيرة، وتطبيع إسرائيل علاقاتها مع عدد من الدول العربية، هل بات التطبيع بين إسرائيل وسوريا ممكناً، وهل يفتح القرار الأميركي برفع العقوبات الباب أمام تحوّلات سياسية كبرى في سوريا؟
ويقول رئيس "حركة البناء الوطني" في سوريا أنس جودة ، لـ"النهار"، إن "دول المنطقة تسعى بالتأكيد لنوع من الاستقرار، وعنوان الوصول للتنمية والاستقرار الدخول بالاتفاقيات الإبراهيمية في محاولة لإنهاء حالة الحرب في المنطقة".
ويتابع: "بغضّ النظر عن مدى دقّة هذا التوجّه وهل سيكون قادراً على تحقيق الاستقرار أم لا، سوريا حالياً هي جزء أساسي من هذا التفكير، ولا يمكن الوصول إلى ذلك من دون أن تكون سوريا مستقرّة"، موضحاً أن "التوجّه اليوم مختلف عن زمن النظام السابق، فكانت الحاجة في حينها إلى وقف العمليات الحربية والصراع المسلّح".
ويشير إلى أن وجود السلطة الإسلامية الحالية في سوريا، و"انضمامها إلى الاتفاقات الإبراهيمية"، يضفي شرعية إلى جهود التطبيع الذي لطالما انتقدته الحركات الجهادية.
في الجانب الآخر، يشير جودة إلى أن "السؤال الأساسي الذي يُطرح: هل إسرائيل مستعدة فعلاً لأن تكون جزءاً من هذا الأمر أم هي في النهاية محاولة لكسب الاعتراف والشرعية من خلال الدخول في المفاوضات؟ لأنه عملياً إسرائيل ليست بحاجة أو لا تطمح للوصول إلى اتفاقات لأن الأرض والسماء مفتوحة لها وأي اتفاق مهما كان ضعيفاً سيحدّ من مساحة إسرائيل وحركتها وطموحها المعلن بخلق منطقة عازلة في الجنوب السوري في الجولان، وخلق منطقة أوسع تحت سيطرتها الأمنية بالكامل، ولا يمكن لأي اتفاق أن يشرّع هذا الأمر".
ويرى أنه "في كل الحالات الأمر يتعلّق بشرعية التفاوض بحدّ ذاتها أكثر من الوصول إلى الاتفاق نفسه لأن المسار طويل حتى السعودي، كما أن المسار الذي كان يتحدّث عن الاتفاقات الإبراهيمية منذ سنوات نعرف أنه لم يصل الى نتيجة جدّية".
ويلفت الى أن "الانخراط في هذه العملية اليوم مهم، وهذا ما على السلطة السورية أن تنتبّه له بطريقة جدية لأنه في لحظة الدخول في التفاوض لن تبقى هناك أوراق أخرى للمبادلة عليها في مكان آخر".
في هذا السياق، يشرح جودة أن "رفع العقوبات أو الإيقاف المؤقت والجزئي لها، لأن ترامب تحدث عن إيقافها، إذ ليس هناك وسيلة جدية فعلاً لرفع كامل للعقوبات المفروضة على سوريا منذ السبعينيات حتى اليوم، وآخرها قانون قيصر، بالإضافة إلى العقوبات على شخصيات من السلطة كأشخاص مصنّفة على لوائح الإرهاب والعقوبات المتعلّقة بالتحويلات المالية والمصرفية كلها أمور معقّدة جداً. وفي نهاية الأمر نحن نتحدث عن إيقاف جزئي لعقوبات يستطيع رئيس الولايات المتحدة بأوامر تنفيذية أن يخفّف منها".

جانب من اللقاء الأميركي - السعودي - السوري في الرياض (أ ف ب)
وبالنسبة إلى العقوبات، يشير جودة إلى أنه "يجب أن نميّز بين مستويين: سياسي واجتماعي. فعلى المستوى الاجتماعي عانى السوريون كثيراً من العقوبات في السنوات الماضية، وليس فقط من كانوا تحت سيطرة النظام، وأيّ تحريك فيها مهم، ولكن على المستوى السياسي نحن بحاجة للتأكيد هل سيكون الإيقاف الجزئي مفيداً فعلاً وهل سيحرّك رأس المال وستستجيب المؤسسات المالية والمصارف لهذا الأمر أم ستبقى مترقّبة؟".
ويمضي قائلاً: "والسؤال، هل يمكن أن نتحدّث عن استيراد لحوامل الطاقة بشكل جدّي وتحويلات مصرفية تصل إلى السوريين بدون تعقيدات؟ كلها أمور بحاجة لتأكيدها قبل أن نقول فعلاً إن هناك رفعاً للعقوبات، وفي لقاء وزراء الخارجية المرتقب في تركيا سيكون هناك تفصيلات أكثر، بعيداً عن حالة التنافس السياسي بين السعودية وتركيا والنفوذ في المنطقة".
وكخلاصة يمكن القول إنه على الرغم ممّا تحمله الخطوة الأميركية من رمزية سياسية، لا تزال سوريا بعيدة عن مسار التطبيع مع إسرائيل. وأيّ تحوّل فعلي في هذا الاتجاه سيكون مرهوناً بتفاهمات كبرى قد لا تكون مهيّأة بعد.
0 تعليق