محمد السيد

أكد أحمد فهمي الباحث المتخصص في الشؤون التركية، أن قرار حزب العمال الكردستاني (PKK) بحل هيكله التنظيمي والتخلي عن العمل المسلح يمثل تحول نوعي وتاريخي في مسار الصراع الكردي التركي، واصفا هذه الخطوة بأنها لحظة مفصلية قد تفتح الباب أمام تسوية سياسية شاملة طال انتظارها.

وأوضح الباحث احمد فهمي أن قرار الحزب يعكس إدراك داخلي متزايد بأن العمل المسلح لم يعد مجديا في ظل التغيرات التي تشهدها الساحة الإقليمية والدولية، مؤكدا أن هذا التحول سيكون له تأثير مباشر على الداخل التركي من خلال تقليص مستويات التوتر الأمني، وخلق أرضية جديدة لإعادة صياغة السياسات الرسمية تجاه القضية الكردية.

وأشار إلى أن الدولة التركية باتت أمام فرصة تاريخية نادرة لإعادة رسم علاقتها بالأكراد في الداخل والخارج لا سيما وأن القرار قد يسهم في تخفيف حدة التوتر في مناطق تشهد نفوذ كردي واسع مثل شمال العراق وشمال شرق سوريا.

ولفت إلى أن الترتيبات الأمنية الجديدة التي قد تنشأ نتيجة لهذا القرار، يمكن أن تشهد مستوى غير مسبوق من التنسيق الإقليمي، ما يعزز فرص الاستقرار في المناطق الحدودية المتنازع عليها.

ورغم الإيجابيات أكد الباحث أحمد فهمي أن تحديات كبيرة لا تزال قائمة في مقدمتها كيفية التعامل مع عناصر الحزب السابقة، ودمجها في مسار سلمي يضمن لها حقوقها دون أن تتحول إلى مصدر تهديد مستقبلي، خاصة في ظل وجود فروع نشطة للحزب في العراق وسوريا قد تسعى لإعادة تموضعها بعيدا عن القرار المركزي.

 وشدد على أن تبني الحزب لخطاب أكثر انفتاحا وسلمية يضع الكرة في ملعب الدولة التركية، التي يجب أن تتعامل مع هذا التحول كدعوة جادة للتسوية وليس كمناورة مؤقتة.

وبين أن نجاح المرحلة المقبلة سيعتمد على مدى وجود إرادة سياسية حقيقية لدى الطرفين واستعداد فعلي لبناء الثقة المتبادلة مع الاستفادة من دروس الماضي لتفادي تكرار سيناريوهات الفشل.

واختتم أحمد فهمي تصريحه بالتأكيد على أن تركيا تقف اليوم على أعتاب منعطف تاريخي وإذا ما أحسنت استثمار هذا التحول فقد تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الاستقرار الداخلي وتسوية أحد أكثر الملفات تعقيدا في تاريخها الحديث، والذي ظل يؤثر بشكل مباشر على بنيتها السياسية والأمنية والاجتماعية على مدار عقود.