نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
معبد سيتي الأول في أبيدوس: جوهرة معمارية خالدة في قلب الصعيد - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 13 مايو 2025 09:07 مساءً
يُعد معبد سيتي الأول في مدينة أبيدوس بمحافظة سوهاج واحدًا من أجمل وأكمل المعابد المصرية القديمة، ويتميّز بتصميمه الفريد وزخارفه الرائعة التي تأسر الأنظار وتحيط بها أجواء من الغموض والرهبة. رغم مرور آلاف السنين، لا يزال هذا المعبد شاهداً على عظمة الحضارة المصرية القديمة.
تصميم معماري استثنائي
يختلف معبد سيتي الأول عن النمط التقليدي للمعابد المصرية من حيث التصميم، فهو يأخذ شكل حرف L بدلاً من الشكل المستطيل المعتاد. بُني من الحجر الجيري ويحتوي على سبعة مداخل كبرى، خُصصت لستة من أهم الآلهة في العقيدة المصرية القديمة، بالإضافة إلى الإله سيتي الأول نفسه. وهذه الآلهة هي: أوزير، إيزيس، حورس، آمون-رع، رع-حوراختي، وبتاح.
العودة إلى العقيدة التقليدية بعد "الهرطقة"
شُيّد هذا المعبد بعد أقل من نصف قرن من فترة "الهرطقة الأتونية" التي قادها أخناتون، والتي تميزت بعبادة إله واحد وهو آتون. مثّل المعبد محاولة لإحياء المعتقدات الدينية القديمة والعودة إلى تقاليد الدولة المصرية المستقرة. من يتجول في أروقته يشعر بعبق الماضي وبهالة روحية مميزة.
الأقسام الداخلية للمعبد
البوابة والأفنية الأمامية
يبدأ الزائر رحلته من خلال بوابة مدمرة جزئياً وساحتين مفتوحتين بُنيتا على يد رمسيس الثاني، ابن سيتي الأول. تظهر على الأعمدة نقوش تمثل رمسيس وهو يقدّم القرابين للآلهة ويقاتل الآسيويين.
القاعات ذات الأعمدة (الهيبوستايل)
القاعتان الرئيسيتان للمعبد مزينتان بأعمدة على شكل بردي، وتضم القاعة الثانية 24 عموداً من الحجر الرملي. وتعد الزخارف هنا من أروع ما تم إنتاجه في الفن المصري القديم، حيث تُظهر الملك سيتي في وقفة مهيبة أمام قدس أقداس الإله أوزير، وتحيط به الإلهات ماعت، رنبت، إيزيس، نفتيس، وأمنتت. وتحتهم شريط مزخرف يجسد الإله حابي، رب النيل.
الأقداس السبعة
في الجزء الخلفي من القاعة الثانية توجد سبعة مقاصير خصصت للآلهة المذكورين سابقاً، وكان كل قدس يحتوي على تمثال عبادة للإله المعني. تتصل مقصورة أوزير بسلسلة من الحجرات الداخلية التي تسرد جوانب من الأساطير الدينية، أبرزها تصوير أوزير كمومياء وإيزيس في شكل طائر، في لحظة رمزية تمثل حملها بالإله حورس.
قاعة الملوك: سجل الفراعنة
إلى يسار هذه المقاصير توجد ممر يُعرف باسم "قاعة الملوك"، وهو مزيّن بنقوش تمثل سيتي الأول وابنه رمسيس الثاني، إضافة إلى قائمة طويلة بأسماء الملوك المصريين الذين سبقوهم. تشكل هذه القائمة مرجعًا هامًا لتأريخ الأسر الملكية المصرية.
الأسيريون والصحراء المحيطة
من قاعة الملوك، يمكن للزائر مواصلة رحلته نحو الأسيريون المجاور، وهو بناء غامض يُعتقد أنه مخصص للإله أوزير، ويقع وسط مشهد صحراوي خلاب يعكس روعة المكان وسكونه الأزلي.
الراوية الأسطورية: دوروثي إيدي (أم سيتي)
من بين أبرز القصص المرتبطة بالمعبد قصة دوروثي إيدي، أو كما اشتهرت بـ "أم سيتي"، وهي باحثة بريطانية ادعت أنها كانت كاهنة في هذا المعبد في حياة سابقة، وأنها عادت إلى الحياة لتخدم معبدها الحبيب من جديد. عاشت في أبيدوس 35 عاماً، وأسهمت في تقديم معلومات قيمة للعلماء حول طقوس المعبد. توفيت عام 1981 ودُفنت في صحراء أبيدوس.
خاتمة
معبد سيتي الأول في أبيدوس ليس فقط نصباً أثرياً فريداً، بل هو سجل نابض لعقائد وأساطير وفن حضارة عريقة. زيارته رحلة في الزمن تعكس روعة الإنسان المصري القديم وإيمانه العميق بالخلود.
0 تعليق