في خطوة تعكس طموحات تركيا في تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الصناعات الدفاعية، كشفت أنقرة عن المقاتلة الشبحية قآن (KAAN)، أول طائرة حربية تركية من الجيل الخامس.. وقد انضم إليها مؤخراً السعودية وباكستان في مشروعها الطموح لإنتاج المقاتلة الشبحية الجديدة

يأتي هذا المشروع الطموح في ظل تعاون استراتيجي مع كل من السعودية وباكستان، مما يبرز تحولات جيوسياسية واقتصادية في المنطقة.

المقاتلة الشبحية قآن.. التفاصيل الفنية

التصميم والهيكل:

الشكل الشبحى: تصميم يقلل من البصمة الرادارية، مستوحى من المقاتلة الأمريكية F-22 رابتور.

المواد المستخدمة: مقدمة من الألومنيوم، جسم مركزي من التيتانيوم، وغطاء خارجي من مواد مركبة ماصة للرادار.

الأداء والقدرات:

السرعة القصوى: تتراوح بين 1.8 إلى 2.2 ماخ.

سقف الارتفاع: يصل إلى 55,000 قدم.

المدى القتالي: حوالي 700 ميل باستخدام الوقود الداخلي.

المقاتلة الشبحية قآن.. الأنظمة الإلكترونية والتسليح:

الرادار: مزودة برادار AESA من إنتاج شركة أسيلسان التركية.

أنظمة الملاحة والاتصالات: متقدمة، مع إمكانية التحكم في الطائرات المسيّرة المصاحبة.

التسليح: قادرة على حمل صواريخ جو-جو قصيرة ومتوسطة المدى، وصواريخ كروز “سوم”، وقنابل موجهة بدقة.

وتُعد مقاتلة قآن مقاتلة متعددة المهام بتقنية التخفي، صممتها TUSAŞ لتحل محل أسطول طائرات F-16 التابع لسلاح الجو التركي.

وتتميز “كان” بمحركين وتستخدم تقنيات متقدمة، من بينها هيكل مصنوع من مواد مركبة كربونية لتقليل البصمة الرادارية، وقدرة على الطيران بسرعات فوق صوتية دون استخدام الحارق اللاحق (supercruise)، بالإضافة إلى دمج المستشعرات لتوفير الوعي الظرفي والتنسيق الشبكي في الحروب الحديثة.

تطور كبير في الصناعات الدفاعية التركية

شهدت تركيا تطورًا ملحوظًا في صناعاتها الدفاعية خلال العقدين الماضيين، مع التركيز على تحقيق الاكتفاء الذاتي وتصدير المنتجات الدفاعية. يُعد مشروع “قآن” تتويجًا لهذه الجهود، خاصة بعد استبعاد تركيا من برنامج F-35 الأمريكي.

وتسعى أنقرة إلى إدخال “قآن” الخدمة بحلول عام 2028، مع خطط لإنتاج أكثر من 100 وحدة بحلول عام 2032.

أسباب مشاركة السعودية وباكستان في تصنيع “قآن”

السعودية: تسعى المملكة لتنويع مصادر التسليح، وتعمل الرياض على تقليل اعتمادها على الموردين التقليديين.

نقل التكنولوجيا: الاستفادة من الخبرات التركية في مجال الطيران العسكري.

تعزيز الصناعات المحلية: دعم رؤية المملكة 2030 لتنمية القطاع الصناعي.

باكستان: تسعى إسلام آباد إلى تحديث القوات الجوية لها من خلال الحصول على مقاتلات متقدمة لتعزيز القدرات الدفاعية.

التعاون الصناعي: تأسيس مصنع مشترك مع تركيا لإنتاج “قآن”، مما يسهم في تطوير الصناعات الدفاعية المحلية.

نقل المعرفة: الاستفادة من التكنولوجيا التركية في مجال الطيران.

كسر الهيمنة الغربية وبروز معسكر شرقي جديد

شهدت السنوات الأخيرة تحولات عميقة في ميزان القوى داخل سوق السلاح العالمي، إذ بدأت دول مثل تركيا، والصين، وروسيا، وإيران، ومعها قوى صاعدة مثل السعودية وباكستان، تتجه بشكل متسارع نحو كسر الهيمنة الأمريكية والغربية على هذا السوق.

تُرجمت هذه التحركات من خلال مشاريع تسليح وطنية، وشراكات صناعية إقليمية، وتبادل تقني عابر للتكتلات التقليدية، كما هو واضح في مشروع المقاتلة الشبحية “قآن”.

هذه الجهود تمثل ملامح معسكر شرقي ناشئ، لا يتبنى فقط الاكتفاء الذاتي في التسليح، بل يسعى لتصدير بدائل للأسلحة الغربية بشروط أكثر مرونة، واستقلالية سياسية أكبر.

تحد مباشر لنفوذ واشنطن

ويُعتبر ذلك تحديًا مباشرًا لنفوذ واشنطن، التي طالما استخدمت التفوق العسكري كورقة ضغط جيوسياسية، عبر ربط صفقات التسليح بقيود سياسية وأمنية صارمة.

ومع انضمام قوى إقليمية مؤثرة كمثلث أنقرة–الرياض–إسلام آباد إلى هذا التوجه، تبدو ملامح نظام عالمي جديد في طور التشكل، تقوده شراكات عسكرية شرق-شرقية، تعتمد على التعاون التقني والسيادة الوطنية، بعيدًا عن الأطر التي فرضها حلف الناتو والغرب لعقود.

تمثل المقاتلة “قآن” خطوة استراتيجية نحو تحقيق تركيا استقلالًا دفاعيًا وتفوقًا تكنولوجيًا في مجال الطيران العسكري. بمشاركة السعودية وباكستان، يعكس هذا المشروع تحولات جيوسياسية واقتصادية في المنطقة، ويؤسس لتحالفات جديدة في مجال الصناعات الدفاعية.

اقرأ أيضاً.. تقارب عسكري بين مصر وتركيا.. ماذ حدث في زيارة رئيس الأركان لأنقرة؟

نسخ الرابط تم نسخ الرابط