في ظل الصراع الأوكراني الدائر، رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنذارًا نهائيًا قدمه القادة الأوروبيون، والذي دعا إلى وقف إطلاق نار غير مشروط لمدة 30 يومًا بين روسيا وأوكرانيا.

تضمن الاقتراح، الذي قدمه قادة من المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وبولندا، تهديدًا بزيادة العقوبات وتقديم المزيد من الدعم العسكري لأوكرانيا إذا لم توافق روسيا على وقف الحرب بحلول يوم الاثنين 12 مايو.

بدلاً من ذلك، اقترح بوتين إمكانية إجراء مفاوضات مباشرة في إسطنبول في وقت لاحق من هذا الأسبوع، فاتحًا الباب أمام مناقشات مستقبلية دون الالتزام بوقف إطلاق النار.

وقف إطلاق نار

يوم السبت، زار القادة الأوروبيون، بمن فيهم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرز، كييف لإجراء محادثات مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

خلال زيارتهم، وجهوا تحذيرًا صارمًا لبوتين، مطالبين بوقف إطلاق النار بحلول يوم الاثنين وإلا سيواجهون عقوبات أشد تستهدف قطاعي الطاقة والبنوك في روسيا. كان هذا جزءًا من جهد للضغط على روسيا لوقف غزوها لأوكرانيا.

رغم الضغوط، رفض بوتين هذا المطلب، واقترح بدلًا من ذلك إجراء محادثات بين البلدين في إسطنبول في 15 مايو. وأكد أن “لا شيء مُستبعد” خلال هذه المناقشات، بما في ذلك إمكانية الاتفاق على وقف إطلاق نار جديد. ومع ذلك، أوضح أن روسيا لن تُوقف عملياتها العسكرية قبل بدء المفاوضات.

ردّ المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، على الدعوات الأوروبية لوقف إطلاق النار، متهمًا إياها بالإدلاء بتصريحات “متناقضة وتصادمية” تُعقّد العلاقات مع روسيا. كما كرّر بيسكوف مطالبة روسيا بوقف إمدادات الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا في حال تطبيق أي هدنة.

ردود الفعل الدولية والدعوة إلى السلام

أعرب القادة الأوروبيون، إلى جانب نظرائهم الأمريكيين، عن معارضتهم الشديدة لموقف روسيا. وأكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، متحدثًا في كييف، أن “روسيا وحدها هي التي تقف حائلًا دون تحقيق السلام”.

صرح بأن على روسيا أن تختار بين السلام أو تصعيد الصراع. كما شدد ستارمر على أهمية الوحدة الأوروبية والأمريكية في الضغط على روسيا للتوصل إلى حل سلمي.

في حين أن اقتراح بوتين بالاجتماع لإجراء مفاوضات مباشرة قد يبدو بمثابة فرصة محتملة للحوار، وصفه الرئيس الفرنسي ماكرون بأنه غير كافٍ، مجادلاً بأنه لا يمكن التفاوض على السلام قبل وقف إطلاق النار.

لا يزال المجتمع الدولي منقسماً حول ما إذا كانت رغبة روسيا في التفاوض حقيقية أم مجرد تكتيك لكسب المزيد من الوقت.

تصاعد التوترات العسكرية وسط جهود دبلوماسية

ظل الوضع العسكري على الأرض متوتراً، حيث أفاد الجانبان عن اشتباكات مستمرة على طول خطوط المواجهة. ويزعم المسؤولون الأوكرانيون أن القوات الروسية تواصل شن هجمات رغم ما يسمى بوقف إطلاق النار، وأن هناك خسائر بشرية كبيرة في صفوف المدنيين جراء الضربات الروسية بالصواريخ والطائرات المسيرة.

أفادت الحكومة الأوكرانية بمقتل ما لا يقل عن 117 مدنياً، وإصابة عدد أكبر في الهجمات الأخيرة.

في غضون ذلك، زعمت وزارة الدفاع الروسية أن القوات الأوكرانية حاولت اختراق حدودها في منطقتي كورسك وبيلغورود. لا تزال هذه التقارير غير مؤكدة من مصادر مستقلة.

اقرأ أيضًا: جولة جديدة من مباحثات أمريكا وإيران في سلطنة عمان.. هل تكون الأخيرة؟

دور الولايات المتحدة والضغط العالمي

على خلفية هذه المفاوضات، علق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الوضع، مؤيدًا الدعوة إلى وقف الحرب لمدة 30 يومًا.

تتواصل إدارته مع القادة الأوروبيين بشأن إمكانية فرض عقوبات أشد على روسيا إذا رفضت الهدنة. وبينما لم يقدم ترامب التزامات حازمة بعد بشأن تفاصيل مراقبة وقف إطلاق النار، أبدت إدارته بوادر انسجام مع جهود السلام الأوروبية.

أكد وزير خارجية أوكرانيا، أندريه سيبيا، استعداد كييف وحلفاءها لوقف إطلاق النار برًا وجوًا وبحرًا، طالما وافقت روسيا على مراقبة الهدنة.

مع ذلك، فإن أي خرق لوقف الحرب، وفقًا للقادة الأوروبيين، سيؤدي إلى فرض عقوبات أشد وتقديم المزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا، مما يشير إلى أن السلام لا يزال مرهونًا باستعداد روسيا للتنازل.

التطلع إلى المستقبل

ستكون الأسابيع القليلة المقبلة حاسمة في تحديد مسار الصراع. إذا رفضت روسيا الهدنة ولم تنخرط في مفاوضات جادة، فمن المرجح أن يُكثّف المجتمع الدولي، وخاصة أوروبا والولايات المتحدة، جهوده لعزل روسيا من خلال العقوبات والضغط الدبلوماسي.

في غضون ذلك، سيستمر صمود أوكرانيا ودعمها الاقتصادي والعسكري المتزايد من الغرب في تشكيل ديناميكيات ساحة المعركة.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط